سياسة تركية

ما وراء رد أردوغان على مقرب منه طالب بالإفراج عن دميرطاش؟

بولنت أرينتش أحد مؤسسي الحزب الحاكم دعا للإفراج عن دميرطاش وكافالا- جيتي

أثار تصريح مسؤول تركي مقرب من الرئيس رجب طيب أردوغان بشأن الزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش، ورجل الأعمال عثمان كافالا، اللذين تعتقلهما سلطات أنقرة، جدلا واسعا بالبلاد.

 

ودعا بولنت أرينتش عضو المجلس الاستشاري الأعلى، في لقاء على قناة "خبر ترك"، إلى إطلاق سراح دميرطاش وعثمان كافالا، معربا عن رفضهما لاستمرار اعتقالهما، ما أثار حفيظة حزب الحركة القومية الذي يتزعمه دولت بهتشلي.

 

ويعد أرينتش أحد المؤسسين الثلاثة لحزب العدالة والتنمية، وشغل منصب رئيس مجلس النواب بتركيا  بين 2002 و2007، وعمل نائبا لرئيس الوزراء في النظام التركي السابق، ما بين الأعوام 2012 و2016.

 

أردوغان يسارع بالرد

 

تصريحات أرينتش، بشأن كافالا ودميرطاش، تحولت إلى جدل واسع في تركيا، ما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس، إلى التعليق على تصريحات المسؤول المقرب له بهذ الشأن.

 

وقال أردوغان، إنه "لا يمكن ربط التصريحات الشخصية لأحد بالرئيس وحكومتنا وحزبنا".

 

وأضاف: "لا يمكن الدفاع عن مرتكبي مذبحة كوباني، أبدا منا أو من أحد من زملائنا (..) ومن الواضح أين نقف، وليس هناك أدنى تغيير في مواقفنا".

 

وفي 6 و7 و8 تشرين الأول/ أكتوبر 2014 خرج أنصار منظمة العمال الكردستاني، إلى الشوارع، بناء على دعوة حزب الشعوب الديمقراطي، في 35 ولاية، وأسفرت الأحداث عن مقتل شرطيين، و31 مدنيا، بذريعة هجوم تنظيم الدولة على مدينة عين العرب (كوباني) شمال شرقي حلب السورية.

 

وفي عام 2016، اعتقلت السلطات التركية صلاح الدين دميرطاش وعدد من أعضاء حزب الشعب الديمقراطي الكردي ضمن التحقيقات التي تجريها بشأن أحداث كوباني.

 

وفي شباط/ فبراير الماضي، أعادت السلطات التركية، اعتقال رجل الأعمال عثمان كافالا، مجددا بعد ساعات من تبرئته للتحقيق معه على خلفية محاولة الانقلاب في البلاد في تموز/ يوليو 2016.

وقضى كافالا ثلاث سنوات بالسجن وثمانية أخرى بتهمة المشاركة والتخطيط في أحداث متنزه "غيزي" عام 2013.

 

لماذا رد أردوغان؟ وهل يتفكك تحالف الجمهور؟

 

وجاءت تصريحات أرينتش، بالتزامن مع خطة الإصلاحات القضائية والاقتصادية التي أعلن عنها الرئيس التركي، فيما رأى البعض أن حديثه هو توجه للحكومة التركية بإمكانية إطلاق سراح دميرطاش وكافالا، بهدف تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

 

وقال الكاتب التركي، عبد القادر سيلفي، إن أرينتش قدّم تصريحات هامة عن معالم العملية الجديدة، ولكنه أعطى الرسالة الخاطئة في الوقت الخاطئ.

 

وأضاف في مقال على صحيفة "حرييت"، أن أرينتش هو أحد الشخصيات الثلاث الهامة التي أسست حزب العدالة والتنمية، وعضو في المجلس الاستشاري الرئاسي الأعلى، وكانت التكهنات في البداية أنه تحدث بعلم من أردوغان.

 

وأشار إلى أن أردوغان، سارع بالرد على تصريحات أرينتش، ليؤكد أنه لا يفكر مثله في ما يخص دميرطاش وكافالا، بالإضافة إلى أنه أعطى تأكيدا على أنه لن يسمح بانحراف عملية الإصلاح الجديدة التي تشمل القضاء والاقتصاد عن أهدافها.

 

ولفت إلى أن أردوغان بموقفه يؤكد أنه لن يسمح في عملية الإصلاح بإزعاج الحركة القومية أو إلحاق الضرر بتحالف الجمهور.

 

يشار إلى أن حزب الحركة القومية الذي يقوده دولت بهتشلي، أعطى ردة فعل عنيفة على تصريحات أرينتش بسبب موقفه من منظمة العمال الكردستاني، وحزب الشعوب الديمقراطي.

 

وعقب تصريحات أرينتش، انطلقت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالبه بالاستقالة من منصبه الحالي كعضو في المجلس الاستشاري الرئاسي الأعلى.

 

بدورها قالت الكاتبة التركية، كوبرا بار، إن هناك تيارا في حزب العدالة والتنمية غير راض عن استمرار اعتقال عثمان كافالا وصلاح الدين دميرطاش على الرغم من قرارات المحكمة الدستورية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

 

وتابعت في مقال على صحيفة "خبر ترك"، بأن هذا الجناح الذي يطلق عليه "الجناح الديمقراطي في حزب العدالة والتنمية" غير راض أيضا عن الضغط الأمني الذي بدأ عام 2013، وزادت حدته بعد عام 2016.

 

وأضافت أن استقالة براءات ألبيرق وخطابات الإصلاح الأخيرة أثارت موجة من الحراك داخل حزب العدالة والتنمية، ولكنهم (الديمقراطيين بالحزب) رأوا أن تصريحات أرينتش جاءت في التوقيت الخاطئ وأنها قد تخلق أزمة.

 

ولفتت إلى أن حزب الحركة القومية أبلغ حليفه في تحالف الجمهور (العدالة والتنمية) بعدم قبولهم بتصريحات أرينتش الأخيرة.

 

وأوضحت أن تصريحات أرينتش بشأن دميرطاش، أوجدت شرخا لدى تحالف الجمهور، لكن تصريحات أردوغان أمس كانت منقذة.

 

وأكدت أن الرئيس التركي لن ينفذ خطة الإصلاح التي أعلن عنها رغما عن الحركة القومية، بل من خلال إقناع دولت بهتشلي الذي مما لا شك فيه أنه سيحدد حدودها.

 

وأمام توقعات تفكك تحالف الجمهور بين العدالة والتنمية والحركة القومية، شددت الكاتبة على أنه من السذاجة، الظن أن نموذج السنوات السبع الأخيرة سيتغير في أيام سبعة.

 

وأشارت إلى أنه تمت إدارة الموقف في تحالف الجمهور، رغم التجاوزات التي شكلها أرينتش مرات عدة، غير مستبعدة هذه المرة أن تشهد البلاد إقالة أي عضو في المجلس الاستشاري الرئاسي الأعلى.