قضايا وآراء

وشهد شاهد من أهلها.. "شيخ الأزهر" نصف الإخوان أزهريون!!

1300x600
على خطى هيئة كبار علماء ابن سلمان، في السعودية، قال مفتي الدم في مصر شوقي علام: إن جماعة الإخوان استهدفت الأزهر الشريف منذ القدم.

واستدل بما كتبه الشيخ "حسن مأمون" شيخ الأزهر، وما كتبه عبد اللطيف السبكي تأييدا لحكم الطاغية عبد الناصر، باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة من الخوارج، والتحذير من كتابات الشهيد سيد قطب، التي يسرق منها مفتي الدم بعض المقاطع وينسبها لنفسه.

ويزعم المفتي بأن من أحاطوا بالإمام البنا في بداية الدعوة، لم يكونوا من أهل التخصص، لأنهم من أصحاب الحِرف. وهذا لا يعيب الدعوة ولا الداعية لأن من أحاط بالنبي صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته كانوا من الفقراء، ولم يكونوا من سادة قريش.

وهذا ما أخبر به أبو سفيان هرقل ملك الروم، عندما سأله عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيح.

"قَالَ: فأشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ: أيَزِيدُونَ أمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلتُ: بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ: فَهلْ يَرْتَدُّ أحَدٌ منهمْ سَخْطَة لِدِينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلتُ: لا".

وقبل الخوض في الرد على مفتي الإعدامات شوقي علام، ننقل ما قاله العلامة محمود شاكر: "وليعلم كل من لا يعلم أن السفهاء في الدنيا كثير، فإذا كان يغضب لكل سفاهة من سفيه، فإن شقاءه سيطول بغضبه، فدع السفهاء وليقولوا ما شاءوا، وكن أنت ضنينا بكرامتك، فإنها أعزّ وأغلى من أن تُبذل على الألسنة".

وقد زار وفدٌ من جماعة الإخوان المسلمين برئاسة مرشد عام الجماعة الدكتور "محمد بديع"، والمرشد السابق الأستاذ "محمد مهدي عاكف"، والدكتور "عبد الرحمن البر" أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، الشيخ "أحمد الطيب" شيخ الأزهر، بتاريخ 3 أيار/ مايو 2011 بمقر المشيخة.

ويومها قال الطيب: "إن الجماعة لم تكن غائبة عن الأزهر فهي متواجدة داخل مؤسسة الأزهر بقوة، كما أن نصف أعضاء الجماعة أزهريون، وليس هناك أي حرب بين الأزهر والإخوان، وإنما الجو العام أتاح للناس أن يلتقوا، وواجب على العلماء أن يلتقوا ويتفقوا".

وعلاقة الإخوان بالأزهر قديمة، منذ نشأتها، فشيخ الأزهر الشيخ "المراغي" (في الفترة من 1928 حتى 1945م)، كان الإمام البنا على صلة به من قبل أن يكون شيخا للأزهر لما وجد فيه من خصال حميدة.

ولذلك حين أعاد الإمام البنا إصدار مجلة المنار بعد وفاة مؤسسها الشيخ "محمد رشيد رضا"، كتب الشيخ المراغي مقدمة لأول عدد أصدره الإمام البنا قال فيه:

"علمت أن الأستاذ حسن البنا يريد أن يبعث "المنار" ويعيد سيرتها الأولى فسرني هذا؛ فإن الأستاذ البنا رجل مسلم غيور على دينه، يفهم الوسط الذي يعيش فيه، ويعرف مواضع الداء في جسم الأمة الإسلامية، ويفقه أسرار الإسلام، وقد اتصل بالناس اتصالا وثيقا على اختلاف طبقاتهم، وشغل نفسه بالإصلاح الديني والاجتماعي على الطريقة التي كان يرضاها سلف هذه الأمة".

واستمرت هذه العلاقة وهذا التقدير مع الشيخ مصطفي عبد الرازق، الذي خلف الشيخ المراغي، فعندما توفي الشيخ "مصطفى عبد الرازق" نعته جريدة الإخوان المسلمين تحت عنوان "رزء مصر والأزهر بوفاة الأستاذ الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق"، موضحة جهود الشيخ ومآثره كما أبرزت مدى مصاب القوم في وفاته.

وكتب الأستاذ البنا مقالا تحت عنوان "إخوان وأزهريون" قائلا: "الإخوان المسلمون كهيئة إسلامية تعمل لخدمة هذا الدين وإرادة مجده وتحقيق دولته ودعوته، فإنهم يعلنون في كل مناسبة أن الأزهر هو العلم المرفوع للدلالة على هذا الدين الحنيف، وأن أبناءه من طلاب وعلماء وخريجين هم الجيش النظامي الرسمي لدعوة الإسلام، وأن الإخوان هم الكتائب المتطوعة في صفوف الجيش؛ تُقوّيه وتُعاونه وتؤازره.

ومحال أن تخاصمه أو تعاديه؛ وهم يذكرون جيدا ما قاله أحد خصوم الإسلام من أن هناك دعائم ثلاثا إن ظلت قائمة فلا مطمع لأحد في القضاء على هذا الدين: القرآن والكعبة والأزهر".

كما أن مجلة الإخوان المسلمين خصصت بابا بعنوان: "أزهريات" كان يحرره الأخ كامل عجلان المدرس بمعهد قنا الأزهري والسيد إبراهيم حسن، تناول هذا الباب أخبار الأزهر المختلفة.. العلمية والدعوية، إضافة إلى متابعة أخبار الأزهر في باب "أبناء العالم الإسلامي".

ومن أبرز طلاب الأزهر الذين برزوا في هذه المرحلة: الشيخ محمد فرغلي، والشيخ أحمد شريت، والشيخ محمد الغزالي، والشيخ سيد سابق، والشيخ عبد المعز عبد الستار، والشيخ زكريا الزوكة، والشيخ إسماعيل حمدي، والشيخ محمد البهي، وغيرهم.

وحينما بدأ الإخوان في شراء دار الإخوان عام 1945م، ونظرا لطبيعة العلاقة الحميمة بين الأزهر والإخوان منذ نشأة الجماعة، فقد شارك عدد كبير من علماء الأزهر وشيوخ الأزهر في هذا الاكتتاب، وكان على رأس هؤلاء فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر الذي تبرع بـخمسة جنيهات، وفضيلة الشيخ محمد على دراز بـجنيهين، والشيخ عبد المنعم خلاف بخمسة جنيهات، والشيخ عبد المعز عبد الستار بعشرة جنيهات، وعدد كبير من الدعاة والأئمة في الأقاليم.

واعتبر الإخوان أن الأزهر ملاذهم حين تقف في وجوههم الصعاب. ومما يبرهن على مدى مكانة الأزهر ودوره عند الإخوان أنهم كانوا عند الشدائد يلوذون بالجامع الأزهر. ففي عام 1941م بعدما منع حسين سري باشا الإخوان من عقد مؤتمرهم السادس في سراي آل لطف الله أو عقده في دارهم، توجَّه الإخوان المحتشدون في اليوم التالي لأداء صلاة الجمعة في الجامع الأزهر الشريف تتقدمهم جوالتهم بأعلامها، وبعد أداء الصلاة تعاقب خطباء الإخوان على المنبر المبارك يشيدون بدعوة الإخوان.

وقد رسم الإمام البنا لأتباعه منهجا سديدا في التعامل مع الأزهر ورجاله، وكان قوام هذا المنهج كما يجلّيه الأستاذ "عبد الحكيم عابدين" هو الحفاظ على الأزهر ومكانته وتوقير رجاله مهما كانوا، وهو بذلك المنهج قد نجح في التوفيق بين دعوة الإخوان المسلمين ورجاله "المُطَرْبَشين"؛ وبين الأزهر وعلمائه وطلابه المعممين.

وكان من وصايا الإمام البنا لدعاة الإخوان تقديم العالم الأزهري حيث وُجِد، وألا يتقدموا عليه حتى لو أراد الجمهور ذلك؛ الجمهور يفضِّل لأن خطب الإخوان التي تعلّموها من الإمام البنا كانت تتميز بنهج جديد فريد لم يتعوّد الناس أن يسمعوه حتى من الوعاظ المتخصصين.. وإذا اضطر الأخ إلى الحديث فبعد العالم الأزهري، ويقول الأخ عند إقبال الناس عليه: إن الفضل لله ثم لإخواننا مشايخ الأزهر ولأهل الفضل فينا.

ولقد كان مسلك الأستاذ البنا مع الأزهر مسلك احترام وتقدير، ولم يكن مسلك مداهنة ولا مصانعة، بل كان مسلك مَن يؤمن أولا بأن تبقى للأزهر هيبته، وثانيا بأنه لا بد أن تبذل الجهود لاستصفاء رجاله ليكونوا أهل دعوة حقيقية، وثالثا مسلك من يريد أن يربيَ جنوده على الأدب الإسلامي المثالي، وهو مسلك البناء لا الهدم.

وعودة إلي شهادة شيخ الأزهر الحالي بأن كثيرا من أعضاء جماعة الإخوان "أزهريون"، وهناك كثيرون من المتعاطفين معها من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة والمعاهد الأزهرية المنتشرة في ربوع البلاد.. فماذا يريد إذا مفتي الدم؟!

هل يريد ترحيب الصهاينة بتصريحاته، كما رحبوا بتصريحات هيئة علماء ابن سلمان؟!