سياسة عربية

ما دوافع عودة سفيرا فلسطين إلى الإمارات والبحرين؟

كانت السلطة استدعت سفيريها من أبو ظبي والمنامة في آب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر الماضيين- جيتي

في ذات اليوم، الذي استضافت فيه العاصمة الإماراتية، قمة ثلاثية: أردنية-إماراتية-بحرينية، أعلن مسؤول فلسطيني عودة السفيرين الفلسطينيين إلى أبو ظبي والمنامة.

وفي قراءتهما لدوافع القرار الفلسطيني، مع استمرار قطار التطبيع، توافق المحللان السياسيان حنا عيسى وعادل شديد، في على أن القيادة الفلسطينية تجاوزت "مرحلة الصدمة" من التطبيع، وباتت مقتنعة بعدم جدوى "فتح أية معارك مع دول عربية".

وفي 13 آب/ أغسطس، استدعت وزارة الخارجية الفلسطينية، سفيرها في أبو ظبي للتشاور؛ ثم في 11  أيلول/سبتمبر استدعت سفيرها في المنامة، وذلك احتجاجا على تطبيع البلدين علاقتهما مع الاحتلال.

ومساء الأربعاء، أعلن مسؤول فلسطيني أن قرارا صدر من الرئيس محمود عباس، بإعادة السفيرين عصام مصالحة إلى الإمارات وخالد عارف إلى البحرين.

ورجّح المحللان السياسيان، توجّه السلطة الفلسطينية إلى "التعايش والتكيف مع هذا الواقع، الذي قد يمتد فيه قطار التطبيع لدول أخرى، في وقت لا تملك فيه القيادة الفلسطينية أي أوراق ضغط لوقفه".

وفي 13 آب/أغسطس الماضي أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تطبيع العلاقات بين الاحتلال والإمارات، وفي 11 أيلول/سبتمبر أعلن عن تطبيع البحرين، وتُوّج الإعلانان بتوقيع اتفاقي التطبيع يوم 15 أيلول/سبتمبر الماضي.

وفي 23 تشرين الأول/أكتوبر الماضي أعلنت وزارة الخارجية السودانية  تطبيع العلاقات، دون أن يتم استدعاء السفير الفلسطيني في الخرطوم، لتكون بذلك الدولة العربية الخامسة التي تطبع علاقتها مع الاحتلال بعد الإمارات والبحرين (2020) والأردن (1994) ومصر (1979).


التشاور في العرف الدبلوماسي
يوضح الدبلوماسي الفلسطيني السابق وأستاذ القانون الدولي، حنّا عيسى، أن اتفاقية فينّا لعام 1967 "تُجيز للدول في حال وجود إشكالية ثنائية في قضية أو نزاع أو اختلاف ما، أن تستدعي سفيرها للتشاور معه".

وقال إن هذا ما جرى مع فلسطين، الدولة غير العضو في الأمم المتحدة، التي استدعت سفيرها في الإمارات ثم البحرين بعد إعلانهما تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وأضاف أن استدعاء السفراء لا يعني –في العُرف الدبلوماسي- قطع العلاقات مع الدولة الأخرى "بل إلى حين ترتيب الأمور، ومع عودة العلاقات لمسارها بتوافق الدولتين، يعود السفير نفسه أو يتم استبداله".

وقال أستاذ القانون الدولي؛ إن عودة السفيرين الفلسطينيين "تعني –سياسيا- عودة الأمور لطبيعتها والعلاقات الثنائية لمجراها الطبيعي لا يشوبها خلل".

 وهنا يربط الدبلوماسي الفلسطيني بين الاجتماع الثلاثي (الإماراتي-الأردني-البحريني) في أبو ظبي، وقرار القيادة الفلسطينية عودة السفيرين.

ويقول: "تم التأكيد في الاجتماع الثلاثي، أن القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية، وضرورة الانسحاب الإسرائيلي حتى حدود الرابع من حزيران 67، مع التمسك بالمبادرة العربية للسلام المعلنة عام 2002، وهذا مطلب فلسطيني".

والأربعاء عقد عاهلا الأردن عبد الله الثاني، والبحرين حمد بن عيسى، وولي عهد الإمارات محمد بن زايد، اجتماعا بدعوة من الأخير في العاصمة أبو ظبي.

وجرى خلال اللقاء بحث ضرورة تحقيق "السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة والقابلة للحياة، على خطوط الرابع من حزيران/يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".

ويتابع حنا عيسى: "الطرف الفلسطيني في مأزق حقيقي نتيجة اتفاقيات التطبيع التي جرت، وبات مقتنعا أن دول العالم، بما في ذلك الدول العربية، تتعامل مع الملف الفلسطيني بازدواجية: تقول إنها مع الشرعية الدولية، رغم وجود التطبيع".

من هنا يضيف "اعتراف الدول العربية بأن حلّ القضية الفلسطينية يتمثل بإقامة الدولة الفلسطينية وتأكيد قرارات الشرعية الدولية، يعني أن العرب بالنسبة للفلسطينيين -رغم وجود التطبيع- تبنوا القضية الفلسطينية، فتداركت القيادة الفلسطينية الأمور وأعادت السفيرين".

 

اقرأ أيضا: لماذا تتشدد السلطة بمصالحة حماس وتتساهل مع الاحتلال؟



تجنب الاشتباكات الجانبية
من جهته يقول المحلل السياسي، عادل شديد؛ إن السلطة الفلسطينية "وصلت إلى قناعة بأن الدول العربية مستمرة في التطبيع، وأن دولا أخرى ستلحق بها، دون أن يهمها الموقف الفلسطيني".

ويضيف: "السلطة من جهتها، لا تملك أوراق ضغط على الدول المطبعة وغير معنية بالصدام معها".

ويقول؛ إن مبرر السلطة الوحيد في إعادة السفيرين، هو "عدم خدمة إسرائيل في الذهاب باتجاه الاشتباك مع الدول العربية، ومن ثم التكيف مع هذا الواقع".

ويضيف أن "استدعاء السفيرين بداية، كان ردة فعل، يعكس حالة غضب ومفاجأة، ولم يُستشر في القرار لا مؤسسات السلطة ولا مؤسسات حركة فتح ولا مؤسسات منظمة التحرير، بل مجموعة حول الرئيس قرروا استدعاء السفيرين".

ويرى شديد أن "الدول العربية لم تعد تأبه أو يعنيها الموقف الفلسطيني، ومن ثم فإن الجانب الفلسطيني لا يريد الذهاب باتجاه معارك، مصيرها الفشل".

وتابع: "الجانب الفلسطيني بات مقتنعا أيضا أن معركته وتناقضه مع الاحتلال ومن يدعمها، وليس من مصلحته الدخول في صدام مع الدول العربية".