ملفات وتقارير

ما سر توقيت إنشاء مركز روسي بالسودان.. ومن المستفيد؟

قال محللون إن المركز البحري الروسي سيمهد الطريق لإنشاء قاعدة عسكرية بالسودان- جيتي

أثار إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أيام، عن إنشاء مركز لوجستي للقوات البحرية الروسية على الأراضي السودانية، تساؤلات عدة حول أسباب الخطوة وتوقيتها وهوية المستفيد منها، في ظل المرحلة الانتقالية التي يمر بها البلد العربي، منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير.


وصادق بوتين على مقترح الحكومة الخاص بتوقيع اتفاق مع الخرطوم، حول إنشاء مركز إمداد مادي فني لقوات الأسطول البحري الروسي في أراضي السودان، ووجه عبر مرسوم رئاسي، وزارة الدفاع الروسية بتوقيع هذا الاتفاق نيابة عن حكومة بلاده.


بالمقابل، التزمت السلطات السودانية الانتقالية بالصمت المطبق تجاه الإعلان الروسي، لا سيما أن فكرة المشروع تعود إلى عام 2017، خلال زيارة الرئيس المعزول عمر البشير إلى موسكو، لكن روسيا لم تتحمس في وقتها لهذا العرض، قبل أن تعود مؤخرا وتعلن اعتزامها تنفيذه.


وحاولت "عربي21" التواصل مع مسؤولين وناطقين إعلاميين بالسودان، بينهم الناطق باسم الحكومة الانتقالية فيصل محمد صالح، للتعليق على هذا الموضوع، إلا أنه لم يستجب للاتصالات المتكررة.

 

اقرأ أيضا: صمت السودان إزاء إنشاء روسيا مركزا عسكريا يثير تساؤلات


وحول سر توقيت هذه الخطوة، يقول الباحث في الشؤون الروسية باسل الحاج جاسم إنه "لا يمكن تجاهل أن الأمر مرتبط بعودة روسيا إلى الساحة الدولية، في ظل تراجع وانكماش اللاعب الأمريكي، المنشغل بمشاكله الداخلية".


ويشير جاسم في حديثه لـ"عربي21" إلى أنه رغم اقتصار المركز الروسي على الدعم اللوجستي، إلا أنه "سيمهد الطريق لإنشاء قاعدة عسكرية"، موضحا أن المركز في بدايته سيكون لإصلاح وإمدادات السفن، التي تقوم بدوريات في المنطقة لأهداف عديدة.

 

الاستفادة السودانية


ويتابع: "لن يكون هناك داعٍ للتوجه نحو القاعدة الروسية في طرطوس السورية، بعد إنشاء المركز البحري في السودان، ولن تحتاج موسكو لاستخدام الموانئ الأجنبية"، معتبرا أن هذه الخطوة تساعد موسكو في تعزيز دورها الإقليمي والدولي، لا سيما في تحقيق هدف قديم، بإقامة موطئ قدم عسكرية على أرض أفريقية، تطل على ممر بحري استراتيجي.


وبشأن الاستفادة السودانية، يعتقد جاسم أن السلطات في الخرطوم تسعى إلى تنويع علاقاتها الخارجية، مثلما فعلت الكثير من الدول في ظل التراجع الأمريكي، منوها إلى أن المسألة ليست جديدة، وإنما مرتبطة باتفاقيات سابقة قبل أعوام مع حكومة البشير.


ويتوقع جاسم أن يكون إنشاء المركز البحري الروسي مرتبطا بمسائل "تقنية بحتة" قد تستغرق وقتا، بغض النظر عمن يحكم في الخرطوم.


وفي سياق متصل، يؤكد الباحث في الشؤون الأفريقية "كيستير كين كلوميجاه" في مقال نشره بموقع "modern diplomacy" وترجمته "عربي21"، أن روسيا ستخطو خطوة كبيرة من خلال إنشاء منشأة بحرية في السودان، ما سيعزز وجودها الأمني في البحر الأبيض المتوسط ومنطقة البحر الأحمر.

 

اقرأ أيضا: مركز روسي بحري في السودان يحمل أجهزة طاقة نووية


وينوه كلوميجاه إلى أن السودان يقع على نفس الخط الساحلي الاستراتيجي مع مصر، على طول البحر الأحمر، مبينا أن الوثيقة المقترحة للمشروع، تسمح ببقاء أربع سفن حربية في القاعدة اللوجستية، بما في ذلك السفن البحرية المزودة بنظام الدفع النووي، بشرط مراعاة معايير السلامة النووية والبيئية.


ويشدد على أن "مسودة الاتفاقية تنص على أن المرفق اللوجستي للبحرية الروسية في السودان، يلبي أهداف الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة، وهو دفاعي ولا يستهدف الدول الأخرى"، لافتا إلى أنه على البحر الأحمر وخليج عدن، كان لروسيا قاعدة بحرية في الصومال خلال أيام الاتحاد السوفيتي، بينما تستضيف جيبوتي حاليا قواعد بحرية صينية وأمريكية.


وفي الموضوع ذاته، يرى الكاتب الروسي أليكسي كوبريانوف، في مقال نشرته صحيفة "إزفيستيا" الروسية، أن حصول الأسطول البحري الروسي على قاعدة في بورسودان السودانية، يشكل خطوة أولى نحو عودة روسيا إلى المحيط الهندي.


ويرجح كوبريانوف أن "يشكل المركز الروسي المتوقع، مفتاحا رئيسيا للاستخبارات والقوات الخاصة"، مؤكدا أن المنطقة تحتاج إلى أدوات متخصصة أكثر من الأدوات العسكرية البحتة.