سياسة عربية

ماذا وراء ترويج إعلامي سعودي لتفوق ابن زايد على زعماء الخليج؟

تُتهم لإمارات بشراء ولاءات إعلاميين سعوديين وعرب وأجانب- حساب ابن زايد في تويتر

روّج إعلامي سعودي شهير لجملة وردت في كتاب مذكرات الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، يصف فيها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بأنه أذكى الزعماء في دول الخليج.

الإعلامي عبد العزيز الخميس، الذي يقدم برنامجا في قناة "سكاي نيوز عربية" التابعة للإمارات، غرّد: "في كتابه الذي يحمل عنوان (أرض الميعاد)، أوباما يقول: الشيخ محمد بن زايد أذكى زعيم في الخليج، وحذرني من الضغط على البحرين".

ترويج الخميس لابن زايد على أنه الرجل الأول في الخليج، يأتي -بحسب مراقبين- تكريسا لدور يلعبه عدد من الإعلاميين السعوديين الموالين للإمارات.

 

 


"شراء ولاءات"

المعارض السعودي المقيم في لندن، حسين القحطاني، قال في حديث لـ"عربي21" إن الإمارات اشترت ولاءات إعلاميين سعوديين. 

وأوضح القحطاني أن من بين أبرز الإعلاميين والسياسيين السعوديين الموالين للإمارات، السفير الحالي لدى أبو ظبي، تركي الدخيل.

وأضاف: "كانت سخية معهم، لدرجة أنهم علنا أصبحوا يمجدون ابن زايد، وهذا بتوجيه الذراع الإماراتية.

وكما نقول (أول الحرب هيلمة)، ويعني أن ما تريد الإمارات تحقيقه على أرض الواقع تقوم بتوجيه أبواقها، لتكراره على مسامع الناس؛ حتى يألفوه كنوع من التمهيد".

وعن القاسم المشترك بين هؤلاء الإعلاميين، وهو أن جلهم من المعارضين السابقين للحكومة السعودية، قال القحطاني إن "هؤلاء علاقتهم مع الدولة السعودية هي الإبقاء على حبل وصل معها فقط؛ لتأمين تنقلهم والسلامة من بطشها".

وفي نيسان/ أبريل 2018، عرضت قناة "الجزيرة" وثائق تظهر تلقّي تركي الدخيل أموالا طائلة من جهات إماراتية، مكّنته من تملّك عقارات في لندن وباريس، تقدّر بملايين الدولارات.

وذكر التحقيق الاستقصائي حينها، أن الإعلامي البارز داود الشريان، الذي شغل قبل عامين منصب رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون، اتهم الدخيل وآخرين -دون تسميتهم- بالتبعية التامة للإمارات، وبيع أنفسهم لها مقابل الأموال الطائلة.


ضعف ابن سلمان
يقول القحطاني إن ما ساهم بميل هؤلاء الإعلاميين بشكل واضح للإمارات، هو ضعف محمد بن سلمان أمام نظيره الإماراتي ابن زايد، إذ إن الأمير السعودي الشاب "حصان طروادة" بالنسبة لأبو ظبي، بحسب قوله.

وذكر القحطاني أن الأطماع في المنطقة هي محل خلاف تاريخي بين السعودية والإمارات، لا سيما حقل الشيبة النفطي، وأن أبو ظبي وجدت في ابن سلمان الرجل المناسب لتمكينهم من تدمير المملكة من الداخل.

ولفت القحطاني إلى أن الإمارات تعمل على التمدد بقوة في الجزيرة العربية من اليمن جنوبا حتى الكويت شمالا.

وأشار القحطاني إلى أن وجود ابن سلمان بالنسبة للإمارات فرصة ذهبية لن تتكرر، وبالتالي تحاول الأخيرة تحقيق أكبر مكاسب سياسية وتمددية في عهده.

وعن سبب استقطاب الإمارات لهؤلاء الإعلاميين بدلا من حكومة بلدهم، قال القحطاني إن "الدولة السعودية لا تملك العقلية التي تجعلها تجند أمثال هؤلاء، أو تضمن ولاءهم بالسياسة، ولا تعرف سوى لغة القوة التي تجعل أمثال هؤلاء (يتظاهرون) بالولاء لها".

 

اقرأ أيضا: صحيفة تكشف تقييما سريا إماراتيا لابن سلمان وصفه بـ"الفاشل"

 


المفاضلة بين الدولتين
في أيار/ مايو 2019، ظهر الكاتب منصور النقيدان على شاشة "روتانا خليجية" السعودية، متحدثا عن تجربته في الانتقال من الفكر الجهادي إلى الليبرالي، انتهاء بترؤسه مركز "المسبار" الإماراتي لدراسات التوجهات الإسلامية.

سأل المحاور عبد الله المديفر ضيفه النقيدان عمّا إذا كان حصل على الجنسية الإماراتية حقا، وهو ما يعني تخليه بموجب القانون عن مواطنته السعودية، ليجيب الأخير: "نعم، أنا فخور فيها (الجنسية الإماراتية)، أنا شفت الخير هنا، بعيش هنا وبموت هنا".

وأضاف أنه قال لمسؤول إماراتي: "أبيكم (أريدكم) تمنّون علي بالجنسية، فلم يمض أكثر من سنتين قبل أن يستجيب الله لدعائي".

وأضاف النقيدان مستبعدا السعودية تماما، بأن "المستقبل في دولة الإمارات التي تجسد التصالح بين الحداثة والإسلام".

حينها، وجه المديفر سؤالا للنقيدان عن موقفه في حال نشوب خلاف بين البلدين، ليجيب الأخير: "هذا سؤال ضرب من الخرافة ولا معنى له".

إلا أن الناشط حسين القحطاني قال إن جميع الإعلاميين السعوديين المقيمين في الإمارات والموالين لها، سيصطفون إلى جانبها في حال حدوث خلاف مع السعودية.

 

 

تحذيرات قديمة
حذر إعلاميون وأكاديميون منذ سنوات طويلة من خطر تأثير الإمارات على توجهات إعلاميين سعوديين.

في آب/ أغسطس 2012، قال الإعلامي السعودي المقرب من السلطات عبد العزيز قاسم، إن "معظم الإعلاميين السعوديين لديهم صلات بالمؤسسات الإعلامية التي تعمل في الإمارات".

وأضاف: "نسمع أن بعضهم مجند للاستخبارات هناك. لكن لا يحق السكوت".

في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، نشر الكاتب والأكاديمي السعودي، محمد الحضيف، شهادة له حول محاولة استقطابه من قبل جهات إماراتية تعمل لصالح الحكومة.

وقال الحضيف إن تساؤلاته المتكررة عن الجهة التي تموّل مركز "المسبار" دفعت أحد الإعلاميين السعوديين الموالين لها لفتح الملف معه.

وأضاف: "الشيوخ طيبون، ومستعد أرتب لك لقاء مع أحدهم للتفاهم معه، فرددت عليه (شكلك تمزح)، ليجيبه: لا والله، والشخص جاي الرياض قريبا".

وقال الحضيف حينها إن هذا الإعلامي يريد تحويله إلى "خوي لمحمد بن زايد"، مضيفا: "ما صرت خوي (تابع) لأمير في وطني لأصبح خوي لشخص كل مؤهلاته دفتر شيكات".

 

اللافت أن تغريدات الحضيف حينها ضد الإمارات تسببت في اعتقاله في آذار/ مارس 2016، وترددت أنباء أن القضاء السعودي حكم عليه بالسجن 5 سنوات.

 


على مستوى العالم
منذ تبنيها رسميا دعم الثورات المضادة في عدة دول عربية، واستضافتها مقرات وسائل إعلام خليجية وعربية، وأخرى عالمية، ظهرت عدة تقارير تتهم الإمارات بشراء ذمم صحفيين على مستوى العالم.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الإمارات دفعت أموالا لشركة استشارات أمريكية تدعى "Camstoll Group"، التي وجهت بدورها صحفيين لكتابة مقالات تحسن من صورة الإمارات، وتشيطن خصومها، لا سيما قطر.

وأوضحت "نيويورك تايمز" أن هذه الشركة يعمل لديها مسؤولون سابقون في وزارة الخزانة الأمريكية، المعنية بفرض عقوبات على أي كيان أو شخصية حول العالم متورطة بالإرهاب، ودعمه ماديا أو لوجستيا.

وفي كانون الثاني/ يناير 2019، بثت قناة عراقية تسريبا صوتيا يظهر عرض رشوة على 97 إعلاميا عراقيا من قبل الحكومة الإماراتية؛ بهدف تشويه سمعة قطر.

التسجيل الذي بثته قناة "الفرات" يعرض مكالمة بين إعلامييْن عراقييْن اثنين، يتحدثان فيه عن رشوة مقدمة من محمد بن زايد، لقاء تشويه سمعة قطر ومنتخبها الكروي، عشية لقائه مع العراق في كأس أمم آسيا التي استضافتها أبو ظبي، وفازت بها قطر.