مدونات

ماكرون والإساءة للرسول الكريم

مصطفى أبو السعود
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحدث من أثار غضب المسلمين حينما صرح بكلمات مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ونظر لفعلته على أنها حرية رأي وتعبير، واستخف بغضب المسلمين، لكنه غضب من الرئيس البرازيلي حين تحدث عن زوجته، ورد بغضب وقال: إنه وقح، فرد عليه الرئيس البرازيلي "إنها حرية تعبير".

لم يكن رئيس فرنسا، الأول ولن يكون الأخير الذي تهجّم على رسول الله عليه الصلاة والسلام والإسلام والمسلمين، فمنذ بدء الإسلام وقف الأعداء في وجهه واستخدموا ما يمكن استخدامه ضده، لكن بقيت مسيرة الإسلام سائرة وتعلو في بقاع الأرض، وبقى اسم محمد يجول ويصول لأن الله وعده بذلك "ورفعنا لك ذكرك".

رغم شدة العداء الغضب من التصريحات، إلا أنه علينا النظر للصورة من مشهدين:

الأول: أن الإساءة لسيد البشرية ليست وليدة اللحظة، بل قديمة الغاية ومتجددة الوسائل.

الثاني: أنها تمنح الإسلام فرصة جديدة لأن يكون محل بحث وفضول عند كثير من المُضَللين في العالم، والمعروف أنه بعد كل محنة وإهانة يتعرض لها الإسلام ترتفع نسبة الذين يعتنقون.

ومن باب الموضوعية وبعيدا عن الألم الذي يعتصر القلب، فيمكن القول بأنها لها إيجابيات وهي:

- أظهر المسلمون وخاصة على المستوى الشعبي غضبا عارما، وهذا يؤكد فشل محاولات الأعداء لسلخ الشعوب عن الإسلام.

- أظهرت عجز الزعماء العرب الذين لم نسمع منهم موقفا شجاعا يكون بحجم مواقف الشعوب، فلم يتعدى موقفهم المألوف من تنديد واستنكار خجول.

- أظهرت خوف بعض علماء السلاطين الذين آثروا الصمت انسجاما مع رؤية سلاطينهم خوفا على مصالحهم.

- أكدت أن الشعوب العربية والإسلامية قادرة على لعب دور المؤثر القوي والخروج من القمقم إلى القمم.

- أكدت أن العرب والمسلمين بيدهم ورقة ضغط قوية وهي المقاطعة الاقتصادية على وجه التحديد، وقد أعجبني أن أحد رجال الأعمال العرب حيث قال: إنني تأثرت بالمقاطعة وخسرتُ كثيرا، لكني سعيد بذلك، فكلنا فداء لرسول الله.

رغم ما اعتبرناه من إيجابيات، إلا أني أرجو ألا يفهم أحد إني مع تكرار الإساءة، وأنه رغم الغضب الشعبي وآثاره الإيجابية إلا أننا بحاجة للمزيد من الأدوات الفعالة، مثل: طرد السفراء الفرنسيين من البلاد الإسلامية، وسحب السفراء العرب من فرنسا، وطرد الشركات الفرنسية من البلاد الإسلامية وسحب الاستثمارات العربية من فرنسا، والمقاطعة بكافة أشكالها لمنتجات فرنسا خاصة الاقتصادية ومنع استيراد أو تصدير شيء منها، ووقف الرحلات الجوية من وإلى فرنسا، ووقف إرسال واستقبال البعثات الثقافية خاصة لو كانت تضم شخصيات تساند الموقف الرسمي الفرنسي، وتغيير أسماء الشوارع والمؤسسات التي تحمل أسماء فرنسية في الوطن العربي، وإغلاق المراكز الثقافية في البلاد الإسلامية، وتقديم مشروع في المحافل الدولية لإدانة فرنسا.

أخيرا، أؤكد أننا لو قمنا بذلك سيعتذر "ماكرون"، لأن السوق العربية هي سوق ممتازة بالنسبة للمُنتجِ والمُنتَج الفرنسي، وعلينا الإيمان بأن "عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم" لم يقلها ربنا عبثا، بل لحكمة قد نعلمها وقد نعلمها.