كتاب عربي 21

الفصائل الفلسطينية لتزيين اتفاق أوسلو

1300x600

كلما أصيب عباس بخيبة سياسية كبيرة يدعو الفصائل للاجتماع، وهي تلبي الدعوة بسرعة قائلة إنها مع الوحدة الفلسطينية ودون أن تشرح لماذا لم تتم هذه الوحدة حتى الآن. هو لا يهتم كثيرا بمواطن الفشل الفرعية، لكن الضائقة قد تطيحه فيطلب النجدة. الفصائل تسارع للاجتماع، ووفق خبرتنا باجتماعاتها، هي فقط تمد يد الحياة لعباس ولاتفاق أوسلو الذي هو وأهله أهلكوا الشعب الفلسطيني ودمروا أنسجته الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية والمعنوية والوطنية والتربوية والتعليمية والقضائية.

وواضح أن هذه الفصائل لا تعرف الشرعية الفلسطينية ولا قيمة الشرعية والقانون في حياة الأمم والدول. عباس غير شرعي إذ هو ينتهك القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية وعلى أمناء الفصائل أن يقرأوا القانون الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية بخاصة المواد من 30 إلى 141 ليروا أين هم وعباس يندرجون.

يحدد القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية مدة رئيس السلطة بأربع سنوات، وعباس يستبد بالشعب الفلسطيني على مدى سنوات بانتهاك صريح وفاضح للقانون. أما مجالس منظمة التحرير الفلسطينية فكلها فاقدة للشرعية لأنها جميعها تخالف أنظمتها الداخلية. المجلس الوطني الفلسطيني غير شرعي وأعضاؤه مجرمون بحق الشعب الفلسطيني لأنهم ألغوا الميثاق الفلسطيني الذي اجتمع الفلسطينيون حوله. وبالتالي فإن المجلس المركزي غير شرعي ويجب محاكمة كل أعضائه لاحتقارهم الأنظمة الداخلية للمجالس الفلسطينية.

الفصائل الفلسطينية ليست أبدا مصدرا للشرعية الفلسطينية، فقط هناك مصدران للشرعية الفلسطينية وهما البندقية والانتخابات. منظمة التحرير اكتسبت شرعية من البندقية عندما كانت، والآن البندقية موجودة في غزة، والقادة الشرعيون الحقيقيون للشعب هم أبو عبيدة وداود شهاب وأبو مجاهد ومن سار على دربهم. وواضح أن قادة الفصائل لا يعرفون القوانين الفلسطينية، ولا يعرفون أهمية الشرعية والقانون في حياة الأمم والشعوب. وقد كنت على شاشة التلفاز يوما مع أحد قادة الفصائل ورد علي عندما قلت إن عباس غير شرعي بأن عباس شرعي بحكم الأمر الواقع، وإجابته تدل على جهل عميق، ولم يفكر بأن الاحتلال الصهيوني أمر واقع أيضا.

 

الفصائل الفلسطينية ليست أبدا مصدرا للشرعية الفلسطينية، فقط هناك مصدران للشرعية الفلسطينية وهما البندقية والانتخابات.

 



يعني أن الفصائل لها وظيفة المزهرية لتجميل عباس واتفاق أوسلو، وتبقى مصالح الفصائل فوق مصالح الشعب الفلسطيني. وقد قالت الفصائل في بيانها الصادر من بيروت ورام الله إنها تشكل لجنة لقيادة المقاومة الشعبية. أولا هل يعرف أمناء الفصائل معنى المقاومة الشعبية وتفاصيلها ومتطلباتها؟ هم لم يعرفوا هذه المقاومة وتركوها عائمة مثلما تركها عباس عبر السنوات. وهل يفسر لنا الأمناء العامون كيف تتوافق المقاومة الشعبية مع نشاطات السلطة في الكواليس الدولية والإصرار على استمرار المفاوضات. المفاوضات بحد ذاتها على أي مستوى كانت تشكل انتهاكا لأسس وأصول المقاومة الشعبية. فإما أن أمناء الفصائل لا يعرفون أو أنهم يتخوثون على الشعب الفلسطيني. وهل يفسر لنا أمناء الفصائل كيف تكون قيادة مقاومة شعبية بالتعيين؟ قيادات المقاومة تاريخيا على امتداد التاريخ والعالم تنبثق انبثاقا من الميدان، ولا يعينها أحد. وأكبر دليل على الجهل وعدم المعرفة أن شخصا من أهل أوسلو قد تم تعيينه قائدا للمقاومة الشعبية. أمر مضحك، وبه يسيء أمناء الفصائل لأنفسهم أشد الإساءة.

الشعب الفلسطيني كله مع الوحدة الوطنية، وهو مع اللقاءات والحوارات التي توصله إلى نتيجة، لكنه ليس مع المسخرة والتخويث وإسقاط من لم يسقط بعد في أوحال أوسلو. وهو يتمنى على أمناء الفصائل أن يعترفوا بعدم قدرتهم وتسليم القيادة لعناصر فلسطينية شابة. عباس ليس وحده المستبد وإنما الاستبداد عام وطام.

لا بد أن أستثني الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحركة الجهاد الإسلامي من بعض الترهات وليس كلها التي أتى بها قادة الفصائل. لكن مجرد الاحتجاج وانتقاد المقررات الفلسطينية والسياسات الفلسطينية لا يكفي. يجب أن يعلو الصوت لحشد أكبر طاقات ممكنة من الشعب الفلسطيني للمحافظة على الوجود الفلسطيني واستعادة مكانة القضية الفلسطينية. الحالة الفلسطينية مزرية جدا، وهي لا تحتمل اجتماعات وقرارات لا تجد طريقها نحو التنفيذ. الإمارات والبحرين ومصر والأردن لا تتحمل وحدها الانهيارات في المواقف الدولية والعربية تجاه القضية الفلسطينية، وإنما يتحمل الفلسطينيون أنفسهم وعلى رأسهم المنظمة المهترئة مسؤولية كبرى وأعظم. توبوا إلى الله والشعب.

قلتم في بيانكم الختامي إن لجنة سيتم تشكيلها من أجل إعادة بناء منظمة التحرير، لتكون مظلة للجميع خلال خمسة أسابيع. صدر بيانكم في 4 أيلول (سبتمبر)، ولم يتبق أمامكم إلا أسبوع واحد. لكن أقول لكم إن أهل أوسلو لا يتخلون عن امتيازاتهم. أنتم لستم واهمين، وإنما تمثلون.