صحافة دولية

WP: نظريات المؤامرة لترامب تغذي جماعات اليمين الأوروبي

دعم ترامب "Q" على الرغم من التحذيرات - جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا لإيشان ثارور قال فيه إن نظريات المؤامرة ليست أمرا جديدا بالنسبة للرئيس ترامب. فقد بدأ حياته السياسية بإثارة نظرية تفتقد تماما إلى المصداقية، وهي الكذبة بأن الرئيس السابق باراك أوباما ليس مولودا في أمريكا، ولم يتعرض ترامب لأي تداعيات سياسية لترويجه تلك الكذبة والتي استغلت المشاعر العنصرية تجاه أول رئيس أمريكي غير أبيض.

ومنذ ذلك الحين تكرر تجنبه للحقائق أو تغييرها لتناسب هدفه، مهملا نصح العلماء بخصوص فيروس كورونا المستجد وما فتئ ينشر المعلومات المضللة عن مصداقية العملية الانتخابية في أمريكا.

وبينما يحاول ترامب الحصول على ولاية ثانية، فإن من المناسب أن يكون هناك جزء من الحركة الفعالة والصاعدة المؤيدة له هي نتاج نظرية المؤامرة التي يروجها اليمين المتطرف. وربما يكون القارئ قد سمع بنظرية QAnon ورأى صورا لمؤيدي ترامب يلبسون قمصانا طبع عليها QAnon.

وبدأت هذه النظرية على الإنترنت ودارت حول الشخصية الغامضة "Q" والتي قيل إنها من المفترض أن تعود لشخص يعمل في الحكومة ومطلع على أسرارها ويريد فضح أخطاء وخيانة النخبة السياسية والاقتصادية. أتباع Q الذين يتابعون كل المنشورات الغريب على الإنترنت أصبحوا يعتقدون بعدد من الحقائق المخفية المتسلسلة حول الوضع الراهن – وهي أن الزمرة الحاكمة هي في الواقع جمعية سرية من المعتدين على الأطفال وآكلي لحوم البشر الذين أقحموا أنفسهم في آلية السلطة في واشنطن ويسيطرون على الثقافة من مواقعهم العالية في هوليوود والإعلام المملوك للشركات.

وكتب جوليان سانتشيز، الزميل في معهد كاتو، وهو معهد فكري ليبرتاري: "يلعب ترامب نفسه دورا مركزيا في ميثولوجيا QAnon حيث يصور على أنه المنقذ الذي سيحطم في أي يوم هذه الجمعية السرية الخسيسة في هجوم كبير يطلق عليه ’العاصفة‘". 

وليس الأمر فقط من غرائب الإنترنت، بل إن هناك عددا متزايدا من الجرائم التي يقوم بها مؤمنون بنظرية QAnon من الاختطاف إلى هجوم مسلح على محل بيتزا في واشنطن من شخص يؤمن بنظرية Pizzagate، وهي نظرية المؤامرة التي سبقت QAnon، حيث كان المهاجم يعتقد أن المحل هو عبارة عن واجهة للاتجار بجنس الأطفال. وبدلا من أن ينأى بنفسه عن هذا الجنون، رفض ترامب أن يشجب نظرية QAnon خلال مؤتمر صحفي الشهر الماضي وحتى إنه رحب بدعم أتباع النظرية ما أثار الرعب لدى شخصيات من حزب الجمهوريين.

وإن كانت الترامبية أصبحت هي التي تعرف الحزب الحاكم في أمريكا فقد أصبحت نظرية QAnon هي التي تعبر عن حدسه الأكثر تطرفا. فهناك مرشحون جمهوريون منحازون للنظرية أو متعاطفون معها ينافسون لمناصب على مستوى الولايات ومناصب فيدرالية، من شبه المؤكد أن أحدهم سيدخل الكونغرس العام القادم.

 

اقرأ أيضا: المصدر الأول لـ"المؤامرة".. ترامب يدعم "Q" متحديا الاستخبارات

وجاء في التقارير التي نشرتها الصحيفة: "لقد أثار ما يبدو أنه مصادقة من ترامب والمرتبطين به لرؤية QAnon للعالم مخاوف علماء التطرف والاتصالات الرقمية، وبعضهم يصف أتباع النظرية بأنهم طائفة.. ولاحظ الخبراء تداخلا مثيرا بين المبادئ الأساسية لحركة نظرية المؤامرة والمواضيع الرئيسية في حملة الرئيس الانتخابية ومن بينها رفع مكانة ترامب كشخصية وتشبيهه بالمسيح الذي يحارب ما يسمى الدولة العميقة، وتشويه سمعة من يزعجه من الديمقراطيين والجمهوريين وتصوير منافسيه على أنهم مجرمين ولا يتمتعون بالشرعية". 

ولم تعد النظرية محصورة في أمريكا، بل إنها انتشرت في أوروبا، حيث إن هناك عشرات الآلاف من حسابات الأشخاص الذين يؤمنون بنظرية QAnon في كل من ألمانيا وفرنسا. وفي نهاية الشهر الماضي تجمع عدد صغير من المتظاهرين اليمينيين المتطرفين في برلين، وقد أثارتهم نظريات مؤامرة قريبة من نظرية QAnon حول الدولة العميقة ونخبة العولمة الذين صنعوا جائحة فيروس كورونا، وحاولوا حتى اجتياح البرلمان.

ويربط الخبراء في أمريكا وخارجها نشوء الفكر المتطرف القائم على نظرية المؤامرة بأجواء الاستقطاب السياسي العامة وخوارزميات الإعلام الاجتماعي العازلة والنجاح النسبي للسياسيين القوميين الديماغوجيين.

وقالت تشاين لابي، مديرة تحرير "نيوز غارد"، وهي مجموعة رصد إعلامية تعقبت انتشار نظرية QAnon في أوروبا: "ما نشهده هو تكييف النظرية للظروف المحلية في أوروبا وتعديل السرديات حول المؤامرات المتعلقة بالنخب المحلية، وسبب نجاحها هو أنها مؤامرة فوقية. وتدور حول مفهوم واسع جدا؛ الدولة العميقة وجمعية سرية من النخبة. كما أن هناك أيضا قصص استغلال جنسي للأطفال في كل بلد، وأنه يسهل ترجمتها للسياق المحلي في كل بلد".

وهي توجه متزايد في كثير من البلدان التي تسيطر عليها السياسة القومية المتشددة والتي تراجعت الثقة فيها بالمؤسسات. ويقول ماتياس سبيكتور، أستاذ العلاقات الدولية في مؤسسة غيتوليو فيرغاس في البرازيل: "أصبحت نظريات المؤامرة ذات أهمية أكبر خلال الخمس سنوات الماضية لأن فقدان الثقة العامة في النظام السياسي فتح الباب أمام المتطرفين والمجانين والأهم الانتهازيين الذين يلجأون للأخبار الزائفة لكي ينتخبوا للمنصب".

وكتب غريغوري ستانتون، الرئيس المؤسس لمرصد الإبادة "Genocide Watch" الذي يسعى لمنع الجرائم ضد الإنسانية: "كثير من الناس محتارون كيف يمكن لشخص منطقي أن يصدق نظرية مؤامرة تفتقر إلى المنطق.. ولكن علم الاجتماع الحديث يظهر أن الناس في المجموعات لا يفكرون دائما بشكل منطقي، ويتجاوبون مع الخوف والرعب. ويعزون مصائبهم إلى أكباش فداء. ويدعمون ديماغوجيين نرجسيين يأملون في أنهم سوف ينقذونهم".

وشبه ستانتون الحماس المروع لنظرية QAnon بأنصار نظرية بروتوكولات حكماء صهيون، والتي كانت منشورا معاديا للسامية بشكل كبير كتب عام 1902 وتم إدخاله في منهج الدراسة للنظام النازي. وقال إن QAnon هي ببساطة "إعادة إخراج للطائفة النازية".