ملفات وتقارير

هل تجهض واشنطن عزم السيسي التدخل العسكري بليبيا؟

باحث: سياسات ترامب والتي تفيد بتأييد الأنظمة السلطوية بالعالم العربي لن تمانع برؤية حفتر مستوليا على كامل الأراضي الليبية

أعلنت الولايات المتحدة، الإثنين، معارضتها بشدة لأي تصعيد عسكري محتمل في ليبيا، وذلك بعد يومين من تلميح رئيس الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي إلى إمكانية تدخل الجيش المصري هناك، ما يثير التكهنات حول قدرة واشنطن على وقف أية خطوات عسكرية مصرية محتملة.

وأكد مجلس الأمن القومي الأمريكي، أن واشنطن تعارض بشدة التصعيد العسكري من الأطراف كافة، فيما دعا الفرقاء الليبيين إلى الالتزام بوقف إطلاق النار، والعودة إلى طاولة المفاوضات بشكل فوري.

والسبت، لوح السيسي بشكل صريح بإمكانية التدخل العسكري في ليبيا، معتبرا أن "مدينتي سرت والجفرة بليبيا خط أحمر بالنسبة لمصر"، على حد قوله.

وأوعز السيسي في خطابه الذي ألقاه من قاعدة سيدي براني على الحدود الليبية، للطيارين المصريين بالاستعداد لأي تدخل عسكري؛ فيما وعد القبائل الليبية القريبة من المنطقة بتقديم الدعم اللازم لهم من تدريب وسلاح.

وتأتي تحركات السيسي بعد تغير موقف الصراع في ليبيا على الأرض لصالح حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا وبدعم تركي، وتقهقر قوات خليفة حفتر من طرابلس حتى سرت التي تقف قوات الوفاق على مشارفها.

والسؤال: هل يجهض الموقف الأمريكي خطوات السيسي وحلفاءه في الخليج نحو التصعيد العسكري في ليبيا؟

"فرامل لمنع اندفاع مصر"

وفي إجابته على هذا التساؤل، قال الإعلامي المقيم بالولايات المتحدة محمد السطوحي، إن "الموقف الأمريكي من تلويح السيسي بالحرب في ليبيا متوقع، وهو في الحقيقة يمثل فرامل لمنع أي اندفاع مصري بالتدخل العسكري المباشر".

وأضاف السطوحي بحديثه لـ"عربي21": "لكن هذا الموقف يواكب أيضا تحذيرات سابقة من واشنطن للتصعيد من جانب الوفاق، ودعوة للتفاوض، مع التأكيد على أن التحرك بقيادة الأمم المتحدة".

ولفت إلى أن مجلس الأمن القومي الأمريكي أشار أيضا "لاستناده لمبادرة القاهرة في لفتة لمصر، مع برلين و ٥+٥".

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي أن سبب الإعلان الأمريكي هو أن "واشنطن تنظر للأمر الآن في إطار القلق الأساسي من الوجود الروسي الذي يدعم حفتر أيضا"، مضيفا: "ومن هنا جاءت الإشارات لدعم واشنطن الضمني لتدخل تركيا".

وختم السطوحي بقوله: "في كل الأحوال فإن دور واشنطن اعتمد منذ البداية على القيادة من الخلف؛ ولا أرى تغييرا كبيرا في ذلك التوجه الآن".

"محاولة لوقف النفوذ الروسي"

وفي رؤيته يرى المحاضر بمعهد الشرق الأوسط بجامعة سكاريا التركية، الدكتور محمد الزواوي، أن التطورات الأخيرة تفيد بأنه لا يمكن التعويل على التصريحات الأمريكية المعلنة بشأن ليبيا".

وأضاف الزواوي لـ"عربي21": "كثيرا ما أعلنت واشنطن عن تخوفها من الحل العسكري واعترضت في السابق على تحركات حفتر لغزو العاصمة ولكنها لم تحرك ساكنا، فالهدف الأمريكي الرئيس في ليبيا هو منع تزايد النفوذ الروسي هناك".

وتابع الباحث والأكاديمي المصري: "إلا أن سياسات ترامب والتي تفيد بتأييد الأنظمة السلطوية بالعالم العربي لن تمانع برؤية حفتر مستوليا على كامل الأراضي الليبية بالنهاية".

وأشار إلى أن واشنطن "تفضل التعامل مع أمراء المليشيات الأقوياء عن التعامل مع حكومات ديمقراطية ضعيفة لا تسيطر على الأرض، وهذا اتضح في الصراع السوري وعدم نيتها الإطاحة ببشار الأسد".

واستدرك الزواوي بقوله: "ولكن من ناحية أخرى أعتقد أن خطاب السيسي الأخير بقاعدة سيدي براني، ما هو إلا استعراض مصري للقوة لأجل ردع حكومة الوفاق من زيادة رقعة سيطرتها".

ولفت إلى أن "خطط دخول مصر حربا بليبيا ستكون محفوفة بالمخاطر وستكون مستنقعا طويل الأمد لا تملك مصر من الناحية الاقتصادية ولا السياسية دفع تكلفته".

ويعتقد الأكاديمي المصري أن "تصريح السيسي بشأن تحذيره من الحلول العسكرية ما هو إلا إعلان إذعان للأوضاع على الأرض بقبول الحل التفاوضي، بعد أن كان الداعم الرئيس لحفتر ولحله العسكري، وهو ما يمثل انتصارا ولو جزئيا لحكومة الوفاق ولأنقرة الداعمة لها".

"رسالة تحذيرية لا حرب"

من جانبه لا يتوقع الباحث والمحلل السياسي محمد حامد، أن "تقدم مصر من الأساس على حرب في ليبيا"، مؤكدا أنه "لا مجال إلا بالحوار، ولا مجال لصدام مصري تركي بين الطرفين على الأرض الليبية".

وفي حديثه لـ"عربي21" يعتقد حامد أن "مصر أرادت أن ترسل رسالة تحذيرية بأن لديها دورا ولديها قوة عسكرية وكانت تحجم عن هذا الدور أملا بالحل السياسي".

وقال الباحث السياسي: "إذا كان هناك حل سياسي يجب أن يراعي بعدا مهما واستراتيجيا وهو الأمن القومي المصري، وأن يكون للقاهرة يد طولى كونها الجارة الأكبر لليبيا، وهناك تصاهر وعلاقات تاريخية".

وختم حديثه بتأكيده على أن "مصر أرادت أن تؤكد للجميع أن لديها القوة والقدرة على فعل أي شيء لحماية أمنها القومي، وأن أي محاولة لإرساء السلام بليبيا يجب أن يكون للقاهرة دور فيه".

 

اقرأ أيضا: حراك دبلوماسي وعسكري وحقوقي كثيف بليبيا (ملخص)