قضايا وآراء

مسلسلات رمضان

1300x600
في بدايات التلفزيون، نشط قطاع الدراما ليقدم للمشاهد المصري أنواعا مختلفة من المسلسلات التلفزيونية. وبالطبع سابقا، لم تكن كثيرة كما نرى الآن.

على سبيل المثال لا الحصر، كان شهر رمضان يُعرض فيه مسلسلان: الأول على القناة الأولى، والثاني على القناة الثانية.

وأذكر أننا استمتعنا جميعا بأعمال رفيعة المستوى مثل: "هارب من الأيام" لعبد الله غيث، إخراج نور الدمرداش، و"العنكبوت" لعزت العلايلي، إخراج نور الدمرداش. و"الدوامة" لمحمود ياسين، إخراج نور الدمرداش، ومرورا بـ"أحلام الفتى الطائر" لعادل إمام، وإخراج محمد فاضل، و"دموع في عيون وقحة" لعادل إمام، وإخراج يحيي العلمي. و"أوان الورد" لكاتب هذه السطور، إخراج سمير سيف.

وكان الملاحظ في كل الأعمال تلك، أنه برغم محدودية الميزانيات وقت ذاك، وتواضع أجهزه التصوير والصوت، إلا أنها كانت أعمالا خلبت لب المشاهد وجعلته ينتظر الحلقة تلو الأخرى بشغف.

ويرجع هذا بالدرجة الأولى لتميز السيناريو المكتوب، وفكرته وحبكته وحواره، وبالطبع موضوعه؛ الذي يمس بشفافية قلوب المشاهدين دون تزلف أو سطحية أو ادعاء. كانت المواضيع المختارة، تمتاز بعمق شديد وصدق أيضا.

ننتقل الآن إلى مسلسلات رمضان الآنية، نجد أنها حققت تقدما ملحوظا، وقفزت وثبات كبيرة لا يُمكن تجاهلها، ولا يستطيع أحد إنكارها، من حيث التقنية، أي عناصر التصوير والصوت وتصحيح الألوان والخدع البصرية، وما إلى ذلك من تقنيات.

ولكن الملاحظ أيضا، أن هناك تراجعا شديدا بمستواها وعمقها، فضلا عن التسرع في اختيار الموضوع، ونوع الكتابة التي أصبحت تافهة وركيكة وسطحية. وأصبح رسم الشخصيات أقرب إلى الكاركاتورية المصطنعة السريعة؛ التي تهتم برسم حدود الشخصية بسطحية.

وأصبح الصراع الدرامي ممجوجا وفاقد المصداقية، بل تجاوز الأمر إلى تساؤلات من المشاهدين: لماذا من الأصل كان المسلسل؟ بالطبع لا أنكر أن هناك استثناءات، ولكنها تظل تائهة في طوفان يتموج بين "الماشي الحال، والرديء"، وأي مستوى وسطي.

ولهذا، أرجو من القائمين على صناعة المسلسلات أن يستلهموا تجارب التلفزيون الناجحة في هذا المضمار؛ لكي لا تصبح المسلسلات في نهاية الأمر بلا جمهور، كملك بلا شعب.