قضايا وآراء

بطلان الإجراءات الإسرائيلية في "الضم"

1300x600
منذ الاحتلال الإسرائيلي لبقية فلسطين التاريخية؛ تعرض الفلسطينيون لجملة واسعة من الإجراءات التعسفية من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية، فلم تكن عمليات الاستيطان وما ينطوي عليها من انتهاكات كمصادرة الأراضي والممتلكات وسبل المعيشة، فضلا عن نوايا الإعلان رسميا عن ضم أجزاء من الضفة الغربية، سوى جزء من تلك الإجراءات.

لقد كفل القانون الدولي حق البشر في العيش ضمن إقليم مستقل، عدا عن حقهم الثابت في تقرير المصير، بعيدا عن التمييز والفصل العنصري، وهي الحقوق التي يتساوى فيها جميع البشر، خاصة أولئك الذين يقعون تحت الاحتلال، غير أن واقع الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية عام 1967 بعد إعلان قيام "إسرائيل"، على الجزء الأكبر من فلسطين التاريخية عام 1948، يشير إلى شكل السياسة الإسرائيلية تجاه الأراضي المحتلة عام 1967، والتي تقوم على أساس اعتبار تلك الأراضي ضمن حدود "دولة إسرائيل" بحكم الأمر الواقع، الأمر الذي ترجمته على الدوام طيلة العقود الماضية بتكثيف عمليات الاستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتطبيق القوانين الإسرائيلية على المستوطنين القاطنين هناك، بالمخالفة للقانون والقرارات الدولية، بما يعني معه بصورة أخرى أن "إعلان الضم" إن حصل لن يغير من الحالة القانونية الراسخة في القانون الدولي للأراضي الفلسطينية المحتلة.

ابتداء؛ يمكن التذكير بقرار الجمعية العامة رقم (273) الصادر بتاريخ 11 أيار/ مايو 1949، والذي قضى بقبول عضوية دولة الاحتلال الإسرائيلي في الأمم المتحدة، والذي جاء بعد محاولة سابقة فاشلة منها للانضمام للهيئة الدولية الأهم، وهو القرار الذي تعهدت فيه دولة الاحتلال باحترام ميثاق الأمم المتحدة، وألزمت نفسها بأن تقبل دون تحفظات الالتزامات الواردة فيه، عدا عن الالتزام بشكل اضح بالقرارين 181 و194، الصادرين عن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة والخاصين بتقسيم فلسطين وعودة اللاجئين على التوالي.

توافقت قواعد الشرعة الدولية على عدم جواز أن تكتسب الدول أي إقليم بالاحتلال والحرب واستخدام القوة. وعلى الرغم من أن دولة الاحتلال الإسرائيلي قد قدمت نفسها منذ إنشائها على أنها "دولة خلف قانوني" لفلسطين التي كانت قائمة قبل قيام "دولة إسرائيل" على المساحات التي وضعت يدها عليها بالاحتلال عام 1948، إلا أن فلسطين بقيت في المقابل دولة قائمة بحكم ما استقر من قواعد القانون الدولي، وذلك في الأراضي التي لم تحتلها "إسرائيل" عام النكبة (أي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية)، وبالتالي لا ينفي اغتصاب الاحتلال لاختصاصات فلسطين كدولة عنها صفة وجودها، حتى لو مارست أو ما زالت تمارس عليها "إسرائيل" اختصاصاتها بحكم الأمر الواقع كقوة احتلال غير شرعي، كون أن ممارسة تلك الاختصاصات لا تعني بالمطلق أن لها حقوقا على تلك الاختصاصات التي ظلت فلسطينية، إذ أنه "لا سيادة بالاحتلال".

كما كان من المقرر دوليا، سريان اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية التي وقعت تحت الاحتلال منذ 1967، بما فيها القدس الشرقية، وهو ما عادت لتؤكد عليه الأطراف المشاركة في المؤتمر المنعقد في العامين 1999 و2001. وفي ذات السياق؛ صدرت عدة قرارات دولية تؤكد على انطباق اتفاقية جنيف على الأراضي المحتلة، منها قرار لمجلس الأمن. فقد دعا المجلس في قراره رقم (271) الصادر في أيلول/ سبتمبر 1969 دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى التقيد بأحكام اتفاقيات جنيف والقانون الدولي في المناطق التي تحتلها، وهو ما عاد المجلس مجددا للتأكيد عليه في القرار رقم (446) الصادر في آذار/ مارس عام 1979، ويؤكد انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عشرات القرارات التي تؤكد على سريان اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنها رقم (3175) الصادر في كانون الأول/ ديسمبر 1973، حيث لم تكن القرارات المذكورة سوى نماذج لقرارات عديدة مماثلة صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك مجلس الأمن.

إن إجماع المجتمع الدولي على انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الوضع في فلسطين يؤكد أن الأراضي الفلسطينية تقع تحت الاحتلال، على عكس ما تحاول "إسرائيل" الترويج له، على اعتبار أن تلك الأراضي متنازع عليها، وليست محتلة. كما تؤكد تلك القرارات بصورة واضحة أن كل الأراضي التي تقع خارج نطاق ما يعرف بـ"الخط الأخضر" والتي قامت إسرائيل بالسيطرة عليها عام 1967، وأنشئت عليها المستوطنات، هي أراض محتلة، وأن وضع "إسرائيل" يدها على تلك الأراضي تم بالاعتداء والحرب والعدوان، بما يخالف التزامات "إسرائيل" التي أعلنت عنها عند إعلانها (كدولة محبة للسلام) عضوا في هيئة الأمم المتحدة.

وقد أقرت الشرعة الدولية أن كل الإجراءات التي قامت بها دولة الاحتلال منذ 1967 وحتى الوقت الراهن لا تكتسي أي شرعية، كما لم يمنح المجتمع الدولي الشرعية لسياسات الاحتلال القائمة على الاستيطان. وقد كان قرار مجلس الأمن رقم (478) الصادر في 20 آب/ أغسطس عام 1982، الذي أدان إقرار الكنيست الإسرائيلي قانون "القدس الموحدة"، تعبيرا واضحا عن موقف موحد للمجتمع الدولي ضد السلوك الإسرائيلي الساعي لضم أجزاء من الأراضي المحتلة عام 1967 إلى السيادة "الإسرائيلية"، من خلال تأكيده بطلان أي تدابير إدارية أو تشريعية إسرائيلية بشأن القدس والأراضي المحتلة عام 1967.

ختاما؛ لقد عبر المجتمع الدولي عن موقف صريح ومعارض لكل الإجراءات الإسرائيلية التي استهدفت شرعنة سيطرتها على الأراضي المحتلة عام 1967، من خلال التأكيد على بطلان تلك الإجراءات، التي لن تغير من الواقع القانوني للأراضي الفلسطينية، التي تعتبر "إقليم دولة واقعا تحت الاحتلال".

shoulikhaled@gmail.com
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع