اقتصاد عربي

"كورونا" تعيد مصانع الخليل بالضفة المحتلة للواجهة (صور)

مصانع في الخليل بدأت إنتاج كميات كبيرة من الكمامات والألبسة الطبية الواقية والمستلزمات الأخرى لأزمة كورونا- عربي21

مع اشتداد الأزمة العالمية بسبب انتشار وباء كورونا؛ بدأت مصانع عدة في محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة بإنتاج ما يواكب تطورات الأوضاع في الساحة الفلسطينية وسد احتياجات الكوادر الطبية من مستلزمات عدة.


وتعمل تلك المصانع على إنتاج كميات كبيرة من الكمامات والألبسة الطبية الواقية والمستلزمات الأخرى ضمن تحدٍ تخوضه على المستوى المحلي لتوفيرها في ظل حالة الطوارئ التي تعيشها الضفة المحتلة وانقطاع مؤقت لعجلة الاستيراد.


وبحسب خبراء اقتصاديين فإن هذه الصناعات ستعمل على دفع عجلة الاقتصاد الفلسطيني إلى الأمام بعد سنوات من الاعتماد على البضائع المستوردة.


ويقول أمير جرادات صاحب مصنع للأكياس البلاستيكية لـ"عربي21" إن المصنع تأسس وبدأ العمل منذ 20 عاما على شكل شركة صغيرة، وبدأ عام 2018 بالتحول إلى مصنع كبير ينتج شهريا ما يقارب 300 طن من الأكياس البلاستيكية.


ويوضح بأن المنتجات كانت أكياسا بجميع الأصناف لمختلف المجالات الزراعية والتجارية والصناعية؛ ولكن مع بدء أزمة كورونا بدأ الإنتاج يتخصص نحو الأكياس الطبية التي تمنع تسرب المخلفات.


ويشير إلى أن الأزمة الحالية اضطرت المصنع للعمل بشكل دائم من أجل إنتاج الأكياس البلاستيكية اللازمة للطواقم الطبية والتي تقوم حاليا بعمل مكثف خلال انتشار وباء كورونا.


ويضيف: "لدينا في المصنع حوالي 55 آلة لقص مادة النايلون خلال الصناعة ولكن الآن حولنا عملها، وهناك أصناف كنا ننتجها لم نعد بحاجتها بسبب الأزمة الحالية وزاد الطلب عليها من قبل الشركات والسوق الذي نورد له المنتجات فحولنا عمل الماكينات من أجل إنتاج أكياس بسرعة أكبر".

 

تكافل وتصدير


ويبين جرادات بأن المصنع يصدّر بضائعه للولايات المتحدة ودول أوروبية؛ وذلك بحسب مواصفات عالمية تشرف عليها وزارة الصحة وباستخدام آلات حديثة.

 

اقرأ أيضا: إصابات كورونا تقترب من عتبة المليونين.. أمريكا بالمرتبة الأولى

وحول العراقيل التي واجهها المصنع خلال الأزمة الحالية يقول بأن المواد الخام التي يستخدمها كانت محتجزة لمدة أسبوعين في إيطاليا؛ ولمدة 14 يوما في ميناء "أسدود" الإسرائيلي.

 

ويتابع: "في ظل القيود المفروضة وحالة الطوارئ تأثرت الكثير من الصناعات فقمنا بمبادرة توزيع أكياس بلاستيكية مجانية على جميع مراكز الحجر الطبي وبدأت الحملة في بيت لحم من أجل التعبير عن التكافل والتعاون خلال الأزمات".


ويؤكد مدير مصنع آخر في الخليل، حاتم السعافين، أن الأزمة الحالية جعلت المصانع تنتج الكثير من المستلزمات لمواجهة انتشار فيروس كورونا.


ويقول لـ"عربي21" إن المصنع تأسس عام 1995 وكان متخصصا في صناعة الملابس العسكرية والأزياء الرسمية للمدارس وغيرها؛ ولكن حين بدأ انتشار الفيروس ولوحظ النقص في وجود ألبسة واقية تم العمل على تصنيعها وفتح خط آخر في المصنع لها خلال الفترة الحالية.


ويبين بأن الألبسة التي ينتجها المصنع خاصة بالطواقم الطبية والعسكرية والصحفية وكل من يتعامل مع الحالات المصابة أو يقوم بعمل خارجي خلال حالة الطوارئ الحالية المفروضة.


ويوضح بأن الأزمة الحالية والإنتاج المستجد ساهم في تغيير طريقة التفكير التي تعمل بها إدارة المصنع وجعلتهم يبحثون عن خطوط إنتاج جديدة على المستوى المحلي، لافتا إلى أن الإنتاج يقتصر حتى الآن على صعيد السوق الفلسطيني مع التطلع لتصدير المنتجات مستقبلا.


ويشير إلى أن المصنع ينتج يوميا من 500 إلى 700 لباس واقٍ ضمن مواصفات ومقاييس تشرف عليها وزارة الصحة؛ كما تم منحهم ترخيصا رسميا بالإنتاج.


ويضيف:"مثل هذا الإنتاج يسهل كثيرا عمل الطواقم الطبية والصحفية خاصة في ظل الأزمة العالمية نتيجة انتشار الفيروس، وبالتالي تلقينا دعما رسميا جعلنا نكمل مسيرة الإنتاج دون توقف والتي بدأت قبل أكثر من شهر".


محددات عدة


وكانت مدينة الخليل ركيزة أساسية في هيكل الصناعة الفلسطينية معتمدة على الصناعات المحلية فيها؛ ولكن حركة استيراد البضائع من جمهورية الصين تحديدا خلال السنوات الأخيرة أدت إلى توقف العديد من المصانع عن العمل، ولكن أزمة كورونا ساهمت في دفع هذه العجلة وإنعاش الاقتصاد فيها بالاعتماد على الخبرات الموجودة.


بدوره يرى الخبير الاقتصادي بلال الفلاح، أن حركة الانتعاش التي تشهدها مصانع مدينة الخليل قد تكون مؤقتة لأسباب عدة.


ويقول لـ "عربي21" إن الإجراءات التقييدية التي فرضتها الحكومة الفلسطينية تسببت بتعطل الكثير من المصانع؛ ولم يبق منها يعمل سوى التي لها علاقة بالمواد الغذائية أو الألبسة الطبية الواقية والكمامات.


ويوضح أن المصانع التي عادت لنشاطها الاقتصادي خلال هذه الأزمة ما زالت تحتاج للمواد الخام التي يؤثر انقطاعها سلبا على هذه الصناعات، فالأزمة التي كانت تمر بها الصين يمر بها العالم أجمع حاليا وهو الأمر الذي لا يمكن بناء عليه اعتبار أن الحركة الصناعية انتعشت.


ولا يغفل الفلاح أهمية عودة المصانع في المدينة للعمل خلال هذه الأزمة وتوقف الاعتماد على البضائع المستوردة؛ حيث ظهرت خطوط إنتاج جديدة تتمثل بصناعة الكمامات والألبسة الوقائية وهو ما يجعل الكثير من المصانع تعود لنشاطها وبالتالي ازدهار الاقتصاد.


ويضيف:"انتعاش الاقتصاد له عدة شروط منها توفر المواد الخام اللازمة والتي يتم استيرادها، فهناك محددات عديدة يجب الأخذ بها من أجل الحديث عن انتعاش وقبل الحديث عن استنتاج معين".


وأعرب الفلاح عن تخوفه من أن تكون هذه الحركة الاقتصادية أمرا طارئا فقط خلال أزمة كورونا لأن هذا يعني العودة للركود وحركة الاستيراد المستمرة والتي تعتمد على بضائع ذات أسعار قليلة بدلا من الإنتاج المحلي.