ملفات وتقارير

الخلاف السياسي يمتد لسلطة القضاء بالعراق بعد تكليف الزرفي

الزرفي يلقى رفضا من الكتل الشيعية لتكليفه وجدل قانوني لتكليفه من برهم صالح- تويتر

أشعل تكليف الرئيس العراقي برهم صالح، للنائب في البرلمان عدنان الزرفي، بتشكيل الحكومة الانتقالية، الخلاف مجددا بين أطراف السلطة القضائية في تفسيرات دستورية التكليف من عدمه.

وبعدما قضت المحكمة الاتحادية -طبقا للمادة (76) من الدستور- بأحقية رئيس الجمهورية الحصري لتكليف مرشح لرئاسة الحكومة عقب اعتذار رئيس الوزراء المكلف السابق محمد توفيق علاوي، رأى رئيس مجلس القضاء الأعلى أن ذلك مخالف للصلاحيات المنوطة بالرئيس.

وقال رئيس "المجلس" في مقال تفسري نشر على موقعه الإلكتروني، إن حق تكليف المرشح، بدون موافقة الكتلة التي رشحته، لا ينتقل لرئيس الجمهورية مطلقا، لأن هذا التفسير خاطئ، خاصةً أنه صدر عن محكمة ناقصة النصاب قانونا (المحكمة الاتحادية)".

وأوضح رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، أن صلاحيات رئيس الجمهورية، تقتصر فقط على "التكليف"، للشخصية "المرشحة" من "الكتلة الأكبر عددا" في البرلمان، وبحسب نتائج الانتخابات، مستندا بذلك على المادة الدستورية ذاتها رقم (76).

خلاف دستوري

من جهته، قال الخبير القانوني طارق حرب، في حديث لـ"عربي21" إن "اعتراض مجلس القضاء الأعلى هو مجرد رأي ومحترم، لكنه لا يهدم ما تقدمت به المحكمة الاتحادية التي هي صاحبة الحق في البت بمثل هذه القضايا".

وأوضح حرب أنه "إذا كان مجلس القضاء هو صاحب الحق في البت بهذه القضايا، لأنكر على المحكمة الاتحادية الأخيرة صلاحيتها، لكنه أنكر عليها أنها غير كاملة الصلاحية بسبب أحد القضاة الذي عينه رئيس الجمهورية، فمجلس القضاء رفض الموافقة على تعيينه".

 

اقرأ أيضا: طالبت بإقالته.. هل يطيح غضب القوى الشيعية برئيس العراق؟

وأشار الخبير القانوني، إلى أن "الدستور العراقي ساوى بين المركز القانوني لمجلس القضاء الأعلى وبين المركز القانوني للمحكمة الاتحادية، بالقول إن السلطة القضائية تتكون من: (مجلس القضاء الأعلى، المحكمة الاتحادية، رئاسة الادعاء العام، الإشراف القضائي، والمحاكم)".

ورأى حرب أن الجدل القائم حاليا بين الطرفين سببه البرلمان، لأنه رغم مضي 16 عاما على وضع الدستور، لكنه لم يصدر قانون السلطة القضائية، والذي يوجد سلطة أعلى كما افترضها الدستور، أي بمعنى أن هناك جهة أعلى من المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى. كما أن البرلمان لم يصدر قانونا للمحكمة الاتحادية.

وأشار الخبير القانوني إلى أن "المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى متساويان وفق الدستور، والأعلى منهما السلطة القضائية (المفقودة)، التي تحدد فيما بعد من منهما أعلى من الآخر، وهذا الخطأ الذي وقعنا به خلاف دستوري قانوني أكثر من كونه سياسيا".

خلاف سياسي

وبخصوص انتقال الخلاف من القوى السياسية إلى السلطة القضائية، رأى المحلل السياسي الدكتور أمير الساعدي أن "تأثيرات العمل السياسي في العراق تنتقل إلى كل أوجه السلطات الثلاث في البلد، وعلى رأسها السلطة القضائية".

وأوضح الساعدي في حديث لـ"عربي21" أن "السلطة القضائية سبق وأن وقعت بفخ التفسيرات في دعم جهات سياسية، وهنا أتحدث عن تفسير المادة 76 من الدستور التي تفسر الكتلة الأكثر عددا في البرلمان لتسمية رئيس مجلس الوزراء المكلف، إذ بدأ الخلاف منذ عام 2010، بالتالي فإن الخلاف سياسي".

ولفت إلى "وجود أطراف في مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية، داعمة أو تحاول المحاباة بين بعض التوجهات السياسية بمؤثراتها الفاعلة، وذلك قد يكون بعلاقات اجتماعية أو بمغانم السلطة. ومع أنه لا يوجد عامل مؤثر بشكل مباشر على هاتين الجهتين، لكن هذه الأجندات ظهرت بشكل واضح للعيان عام 2010".

 

اقرأ أيضا: الزرفي مرشح لرئاسة الحكومة العراقية بنكهة أمريكية (بورتريه)

وتابع: "اليوم المشكلة بدأت عندما أكملت المحكمة الاتحادية عدد أعضائها بتعيين القاضي محمد الكبيسي، الذي رفضه مجلس القضاء الأعلى وقال إن المحكمة مطعون بصلاحيتها لأن هذا الشخص غير كامل الأهلية، ومن هنا ابتدأ مفترق الخلاف بين الطرفين، فبعدما انبرت المحكمة الاتحادية بتأييد رئيس الجمهورية في تكليف المرشح، فقد طعن مجلس القضاء بصلاحيات المحكمة".

وأكد الساعدي أن "المظلة السياسية لديها فواعل تأثير في حراك المحكمة الاتحادية والسلطة القضائية -وفق للخلاف الذي شهدناه على أقل تقدير لهذا التفسير- وقد نشهده خلال الأيام المقبلة، إن لم يقر البرلمان قانون المحكمة الاتحادية".

وشدد المحلل السياسية على أن "البرلمان بإقراره للقانون سيفصل في هذه المشكلة بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية، لتجنب الطبقة السياسية من الوقوع في شرك التفاسير، الذي يدخلنا في دوامة جديدة لن نصل فيها إلى حل".

وكانت خمس كتل سياسية شيعية عراقية قالت الأربعاء الماضي، إن الرئيس برهم صالح خالف الدستور والأعراف بقرار تكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة الجديدة، معربة عن رفضها لهذا التكليف.

وشددت أربع كتل عراقية في بيان مشترك، وهي ائتلاف دولة القانون (26 مقعدا في البرلمان من أصل 329)، وتحالف الفتح (48 مقعدا)، وكتلة العقد الوطني (18 مقعدا)، وكتلة النهج الوطني (8 مقاعد)، على رفضها لقرار التكليف، ثم انضمت إليهم كتلة تيار الحكمة (19 مقعدا).

يشار إلى أن العراق يشهد احتجاجات غير مسبوقة، منذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تخللتها أعمال عنف خلفت أكثر من 600 قتيل، وفق رئيس البلاد برهم صالح، ومنظمة العفو الدولية.