سياسة عربية

هل تنعش تصريحات "ترامب" مفاوضات سد النهضة؟

إثيوبيا أعلنت عدم مشاركتها في أي مفاوضات من شأنها أن تضر بالمصالح الوطنية للبلاد- جيتي

رحبت السلطات المصرية بتعهد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بمواصلة بلاده "الجهود الدؤوبة"، والتنسيق مع مصر والسودان وإثيوبيا من أجل توصل الدول الثلاث إلى التوقيع على اتفاق بشأن سد النهضة الإثيوبي، الذي يثير مخاوف دول المصب من نقص حاد في مصادر المياه.

وتعول مصر بشكل كبير على الوسيط الأمريكي، منذ فشل المفاوضات رسميا في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، في المساعدة على التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث، ولكن واشنطن لطالما أكدت أن دورها هو محاولة تقريب وجهات النظر، وليس الضغط بأي اتجاه على أي دولة.

وقالت الرئاسة المصرية إن ترامب ثمن لنظيره المصري -في اتصال هاتفي الثلاثاء- قيام مصر بالتوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق الذي أسفرت عنه جولات المفاوضات حول سد النهضة بواشنطن خلال الأشهر الماضية.

وغابت إثيوبيا عن الاجتماع الذي دعت إليه الولايات المتحدة يومي 27 و28 شباط/ فبراير الماضي، وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان لها، إن "النص الذي قيل إن مصر وقعته بالأحرف الأولى في العاصمة الأمريكية واشنطن ليس محصلة المفاوضات ولا المناقشات الفنية والسياسية للدول الثلاث".

 

اقرأ أيضا: السيسي يدعو الجيش للاستعداد لتنفيذ أية مهام توكل إليه

في اليوم التالي، أعلنت الحكومة الإثيوبية، عدم مشاركتها في أي مفاوضات تخص سد النهضة "من شأنها أن تضر بالمصالح الوطنية للبلاد"، مؤكدة أنها ستبدأ في ملء خزان السد على النيل الأزرق تموز/ يوليو المقبل مع استكمال عمليات البناء، ومن المتوقع أن يحتفظ بـ 4.9 مليارات متر مكعب من المياه بنهاية الشهر.

"مفاوضات أمريكا كشفت إثيوبيا"

من جانبه، رحب مستشار وزير الري السابق، ضياء الدين القوصي، بدور الوسيط الأمريكي طوال أربعة شهور، قائلا: "الجانب الأمريكي على اطلاع الآن بحقيقة مواقف كل دولة (مصر، السودان، إثيوبيا) طوال المفاوضات التي امتدت لأربعة شهور، والذي انتهى بكتابة اتفاق وقعت عليه مصر".

وأضاف لـ"عربي21": "دخولنا في مفاوضات مع الجانب الإثيوبي في واشنطن هو من أجل إظهار حقيقة الموقف المصري الحريص على التفاوض والوصول إلى حل سلمي بطريقة دبلوماسية، وهذا ما أكده الوسيط الأمريكي مؤخرا بتثمين دور مصر في المشاركة والحضور والتوقيع".

وأكد مستشار وزير الري السابق أن "مفاتيح الحل ليست في يد أمريكا، كل ما هنالك أن اجتماعات السنوات الماضية كانت في غرف مغلقة لا يعلم أحد عنها شيئا، والآن بات العالم كله مطلعا على حقيقة ما يجري وقادرا على التمييز بين من يعرقل المفاوضات ومن ينخرط فيها".

واستبعد مستشار وزير الري الأسبق قيام إثيوبيا بتخزين المياه في تموز/ يوليو المقبل، قائلا: "قبل أن تُقدم إثيوبيا على ملء الخزان سنشكوها في المحافل الدولية، ولن نستطيع التخزين؛ وهناك اتفاقية المبادئ التي تنص على توقيع الأطراف الثلاثة".

"مصر استنفدت خياراتها"

بدوره، وصف كبير خبراء المياه بالأمم المتحدة، وأستاذ الموارد المائية بمركز بحوث الصحراء، أحمد فوزي دياب، الموقف الأمريكي من عملية التفاوض "بالموقف الصحيح"، قائلا: "الموقف الأمريكي موقف سليم ويدعم الموقف المصري، وعند اللجوء إلى التحكيم الدولي ستمنح مصر أكثر مما وقعت عليه".

وفي حديثه لـ"عربي21"، انتقد الموقف الإثيوبي منذ بدء المفاوضات مع الجانب المصري، قائلا: "الموقف الإثيوبي لم يتغير، ويقوم على التسويف والتناقض، وهذه أمور لا يتحملها الأمن القومي ولا المواطن المصري، ولا القيادة السياسية في ظل التمادي في المماطلة يريد الحصول على كل شيء دون أن يتنازل عن أي شيء".

وتوقع الخبير الأممي أن "تستنفد مصر كل الأساليب الفنية والدبلوماسية؛ لأن الجانب الإثيوبي يدفع مصر على الانتقال إلى النقطة الحرجة، حيث أن الموقف المصري السياسي لن يستمر كثيرا على هذا المنوال"، دون أن يوضح طبيعة الخطوة المتوقعة.

"لا تفاوض على الحياة"

بدوره، استبعد مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير عبدالله الأشعل، قدرة الولايات المتحدة الضغط على أي طرف وفقا لدورها كوسيط، وقال لـ"عربي21": "أمريكا بالاتفاق مع إسرائيل يسعيان لحرمان مصر من المياه والضغط عليها لا مساعدتها"، مشيرا إلى أن "وضع مصر صعب للغاية".

واتهم إثيوبيا "بالسعي إلى التصادم مع مصر في مسألة مياه النيل، وهي مسألة حياة أو موت، ولا تملك مصر الوقوف والتفرج وهي تموت عطشا، وعليه لابد أن يكون التحرك على قدر  الخطر الداهم الذي يهدد بفناء الإنسان المصري، والزرع والحرث".

وتعتمد مصر بنسبة 95% على مياه النيل لتلبية احتياجاتها للشرب والزراعة والصناعة البالغة 55 مليار متر مكعب، والتي من المتوقع أن تتأثر بشدة، في حال بدأت إثيوبيا في حجز المياه أمام السد، بالقرب من الحدود السودانية، والذي يتسع لنحو 74 مليار متر مكعب لتوليد الكهرباء كأكبر سد كهرومائي في القارة الأفريقية، والعاشر عالميا.