ملفات وتقارير

لماذا تصاعد العنف ضد المسلمين في الهند؟

قتل 46 شخصا في العنف ضد المسلمين بنيودلهي- جيتي

أثار تصاعد العنف ضد المسلمين في الهند تساؤلات عن أسبابه وجذوره، وإن كان لحكومة رئيس الوزراء اليميني ناريندرا مودي دور في تأجيج مشاعر الكراهية ضدهم.


وقتل 46 شخصا وأصيب أكثر من 250 فيما أحرقت أربعة مساجد في العنف الطائفي في دلهي، الذي تزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للهند.


رئيس تحرير صحيفة مِلِّي جازيت الهندية ظفر الإسلام خان، يشير إلى أن "حوادث العنف الأخيرة ضد المسلمين، لها علاقة بالاحتجاجات التي تصدروها ضد قانون الجنسية المعدَّل، والذي يحرمهم من الجنسية ويمنحها لغير المسلمين من الدول المجاورة".


وقال خان لـ"عربي21": "الحكومة عجزت عن مواجهة هذه الاحتجاجات، خاصة أن المحكمة العليا قالت بأنه يحق للناس الاحتجاج السلمي، ولهذا لا تستطيع استخدام العنف، لذلك تم استخدام بلطجية مأجورين من قبل الحزب الحاكم لمواجهتها وإنهائها بالقوة كما جرى في بعض أماكن دلهي".


وأوضح بأن الحزب الحاكم استخدم المأجورين لإظهار أن الهندوس المعارضين للاحتجاجات والمؤيدين لقانون الجنسية هم المهاجمون، ولكن في الحقيقة من قام بالعنف هم بلطجية مأجورون من قبل الحزب الحاكم، لإرسال رسالة للمحتجين مفادها أنه سيتم قمع احتجاجاتهم بهذا الأسلوب".


من جهته أشار المحلل السياسي المقيم في الهند وائل عواد إلى أن "تصاعد العنف ضد المسلمين جاء لوجود أطراف تحاول خلق فتنة بين الهندوس وبينهم، على إثر قانون الجنسية المثير للجدل، حيث كانت هناك مظاهرات ضده من قبل معظم القواعد الاجتماعية بدون الحزب الحاكم".

 

اقرأ أيضا: NYT: لماذا لم تمنع شرطة دلهي الهجمات على المسلمين؟

وقال عواد لـ"عربي21": "هناك سوء فهم لقانون الجنسية المثير للجدل، فهو جاء أولا لتأمين تسجيل الهنود بشكل نظامي، ولكن بعد أن تبين أنه كان قد أنشئ وأقر في الأساس لأجل ولاية أسام الشمالية الشرقية، باعتبار أنها كانت تحوي أناسا أتوا من بنغلاديش والدول المجاورة واستقروا فيها قبل عام 1971 بعد انفصال بنغلاديش عن ما يسمى باكستان الشرقية".


وتابع: "عندها طالبت الحكومة المحلية بإخضاع السكان فيها لهذا القانون خاصة مع وجود حركات مسلحة هناك، وتم إقراره وتبين أنه قد أكد على أن هناك مليون و200 ألف من الهندوس الذين قدموا من هذه المناطق، لذلك قامت باعتبار جميع الديانات بإمكانهم الدخول للهند والحصول الجنسية واستثنت المسلمين، الأمر الذي أثار غضبهم باعتبار أنه سيضر بمصالحهم".


وأضاف: "بالتالي إذا تم دمج التعديل مع القانون السابق سيكون هناك تخوف منه ولهذا الحكومة مطالبة بشرح ذلك للشارع الهندي".


وأكد على أن "المظاهرات مستمرة، لكن فيما يتعلق بالهجمات ضد المسلمين هناك شائعات في الشارع بأنه سيتم استهدافهم مرة ثانية، لكن الشرطة الهندية تصدر بيانات تحذر من الاستماع لها".


ضوء أخضر حكومي

 

 بدوره أشار رئيس منتدى آسيا والشرق الأوسط الدكتور محمد مكرم بلعاوي إلى أن "السبب المباشر هو إقرار تعديل قانون الجنسية الجديد الذي اعتبره المسلمون بأنه موجه ضدهم، والذي يمكن أن يؤدي لفقدان ملايين منهم للجنسية، ما دعاهم للتظاهر ضده".


وحول هوية من قام بمهاجمة المسلمين قال بلعاوي لـ"عربي21": "من هاجمهم هم أفراد عصابات منظمة، وقاموا بذلك بعد أن أبدت قيادات في الحزب الحاكم معارضتها لموقفهم من القانون الجديد وأيضا إصرار وزارة الداخلية على تطبيقه".


ولفت إلى أن "المسلمين يتهمون هذه العصابات بالتبعية للحزب الحاكم ومنظمة المتطوعين الوطنيين المعروفة باسم RSS، وإنها موجهة لتخويفهم وتهديدهم، مستشهدين بمواقف الشرطة التي إما وقفت على الحياد، أو ساعدت المهاجمين".


ووفقا لبلعاوي فإن "بعض القيادات الإسلامية تزعم بأن الحكومة منحت العصابات الضوء الأخضر لمهاجمة المسلمين، وحجتهم أن المجازر التي حصلت في ولاية غوجارات كانت أثناء ترؤس مودي لحكومتها وبمشاركة أحد كبار مسؤوليها أميت شاه، وبالتالي هما لديهما خطة للقيام بمجازر مشابهة على نطاق واسع، وأنهم عادوا للممارسات القديمة عبر تحييد الشرطة واستخدامهم ضد المسلمين وتشجيع العصابات والتغطية عليهم".


تآكل دور المسلمين

 
وفي ظل الحديث عن تعديل قانون الجنسية الذي يمنح أصحاب الديانات الأخرى الجنسية الهندية ويحرم المسلمين منها، يتبادر للذهن تساؤل هل يتم اعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية؟


يرد ظفر الإسلام خان على هذا التساؤل بالقول: "الحكومة الحالية عنصرية، وهي تعتبر أن الهندوس فقط هم أصحاب البلد بينما المسلمون والمسيحيون يجب أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية".


"ولكن الدستور الهندي لا يلبي رغبتها، لذلك إذا استمرت في الحكم لسنوات أخرى قد تغيره بحيث تحذف منه ركيزته العلمانية وتضيف مواد عنصرية لتمنح الهندوس الأفضلية والأسبقية".

 

اقرأ أيضا: "ذا كونفرزيشن": لهذا أصبحت الهند مكانا خطرا على المسلمين

بدوره أكد بلعاوي على "تآكل دور المسلمين منذ الاستقلال بشدة، حيث تشير جميع الاحصائيات إلى أن نسب تواجدهم في مؤسسات الدولة وحصولهم على حقوقهم لا تتوافق مع نسبتهم في الشعب، وصدر في ذلك تقارير حكومية عدة".


ولفت إلى أن "هذه الممارسات العنصرية لا تمارسها فقط حكومة مودي، بل مارستها الحكومات السابقة أيضا، ما أدى إلى تأكل دور المسلمين وتحولهم لمواطنين من الدرجة الثانية، لكن الفرق أن موقف حكومة مودي صريح، وهي أيضا تطبق اجراءات اشد حدة ووضوح في هذا الاتجاه".


بالمقابل أكد وائل عواد على أن "جميع الهنود بحسب الدستور متساوون بغض النظر عن العرقية أو الدين أو الطبقية، ولكن ما يحدث الآن هو محاولة استغلال بعض الأطرف لهذا القانون لابتزاز الأقلية المسلمة".


وخلص بالقول: "إذا أساءت الحكومة الهندية استخدام هذا القانون يمكن القول عندها أن هناك تمييز، لكنه حتى الآن لا يميز بين أي طرف".