ملفات وتقارير

هل يموت المسار السياسي بعد انتصار الأسد بأرياف إدلب وحلب؟

سيطر النظام السوري على قرى عدة في إدلب ويواصل تقدمه- جيتي

بعد تقدم النظام السريع وسيطرته على مناطق شاسعة من ريف إدلب، ووصوله إلى أطراف المدينة، بدأ يطرح كثير من المحللين فكرة، أن الحل السياسي قد حسم لصالح النظام، وأن الأخير وحليفته روسيا، كانا قد رفعا شعارات الحل السياسي من أجل تقسيم المعركة إلى مراحل، وأنهما لايؤمنان إلا بالحل العسكري.

وذهب كثير من المتابعين للشأن السوري إلى أن الثورة السورية بعد تقدم قوات النظام تعيش مرحلة خطيرة من حياتها، وهي الآن في مرحلة التهديد الوجودي.

في هذا السياق، يرى الصحفي والباحث السوري خليل مقداد، أن النظام لم ينتصر بل وجد من يمهد له الطريق من قبل قوى دولية، فمنذ جنيف إلى الاستانة، كان واضحا أنه ليس هناك عملية سياسية بالأساس كي تنتهي، كل ما هنالك كان تسويف يتبعه تسويف، لكي يعطى النظام فرصة كافية للتقدم على الأرض.

ويقول مقداد في حديث لـ"عربي21": "الثورة السورية عندما انطلقت لم يكن أكثر المتفائلين بالشعب السوري يتوقع أن يثور على هذا النظام، واستغرق النظام تسع سنين لكي يصل إلى ما وصل إليه، بتآمر عربي ودولي، وحتى الآن، ورغم قوة النظام وحلفائه لم يستطع أن يخمد الثورة، فهي عبارة عن فكرة، وسقوط ما بقي من المناطق المحررة قد عرى المعارضة بأشكالها العسكرية والسياسية".

 

اقرأ أيضا: محللون: أهداف هامة للنظام وروسيا بإدلب وراء التصعيد مع تركيا

بدوره، يرى الصحفي سلطان الأطرش، أن المسارات السياسية المتبعة كان من أهم أهدافها القضاء على معاقل سيطرة الثوار والثورة، بنكهة سياسية بعيدا عن الشعارات الرنانة التي نسمعها من هيئات دولية وسياسيين فاعلين في المسألة، مبينا أن استبدال المسار السياسي المتمثل بجنيف وحصر المسألة بالأستانة وسوتشي والابتعاد عن تطبيق قرارات مجلس الأمن المتمثلة بالقرارين (2218_2254) من أخطر التبدلات التي أحاطت بالثورة السورية.

واعتبر الأطرش أن أول مرحلة في وفاة الحل السياسي العادل هو الانتقال إلى المسار الذي رسمته روسيا، والتي تطبقه اليوم عبر سياسة القضم والعزف على وتر الإرهاب، وسعيها دائما إلى الالتفاف على كل الاتفاقيات من خلال استمرارها في اتباع سياسة الأرض المحروقة ضد الثائرين، معلنة للعالم أجمع أن اللغة الوحيدة التي تتعامل بها القتل والتدمير، مستغلة غياب ردود الفعل الدولية.

وقال الصحفي في حديث لـ"عربي21": "الثورة السورية لا يحددها مسار سياسي أو عسكري، ولا ينحصر وجودها بجغرافية ذات حدود ترسم، إنما الثورة حل اقتنع به جل الشعب السوري، وأثبتوا للعالم أجمع، خلال 9 سنوات رغم التضحيات والتهجير، على أن الثورة مستمرة، وأكثر الصور الواقعية تعبيرا على عدم انتهاء الثورة مانشاهده اليوم في المناطق التي تعرضت لقصف الطائرات الروسية أنها ترفض المصالحات مع النظام".

من جهته، يذهب الصحفي السوري محمد جمعة، إلى أن النظام لا يؤمن بأي حل سياسي، خصوصا بعد سيطرته بمساعدة روسيا وإيران على الكثير من الأراضي التي كانت خارج سلطته، هو فقط يؤمن بالحل العسكري وسياسة القتل والتدمير، ولا يرضى بأي حل سوى تسويات على غرار المناطق التي سيطر عليها مثل درعا والغوطة.

ويقول الصحفي في حديث لـ"عربي21": "من جهة المعارضة بات موقفها أضعف سياسيا بعد خساراتها العسكرية، وضعف الدعم الدولي لها، وانحساره بالدعم التركي فقط، وبعض التعاطف من بقية الدول، وفي الحقيقة هناك تخوف من تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين باتجاه تركيا والغرب، وهو أحد أهم الأسباب لذلك التعاطف".

وضمن هذا السياق، يعتقد الناشط الإعلامي إيهاب البكور، أن المسار السياسي الخاص بالثورة وقوى الثورة مات منذ زمن أو ميت سريرياً، وأن المسار الوحيد المتبقي منذ تهجير أهالي حلب والغوطتين إلى اليوم هو المسار السياسي التركي، فهو لن يموت.

 

اقرأ أيضا: النظام يسيطر على 7 قرى بإدلب.. وتعزيزات تركية

ويقول الصحفي في حديث لـ"عربي21": إن مصير الثورة بعد تطبيق مخرجات أستانا سيكون إجبارها على قبول أي حل مهما كان بعيدا عن متطلبات الثورة، وجعل المدنيين مجبرين على الرضوخ والرضا بما أنتجه هذا التوافق من باب أمرين أحلاهما مرا إما القبول بما وصلنا إليه، أو استمرار القصف بشتى أنواعه واستمرار النزوح الهائل.

وحول هذا الموضوع، يؤكد القيادي في "الجيش الحر" عمر رسلان، أن الحل السياسي هو خدعة تمسكت بها روسيا لكي تحقق الانتصار على الأرض، وجعلته تمويها ومراوغة من أجل خداع الرأي العام الدولي، فكل ما قامت به من اتفاقيات يصب ويخدم هدفها الذي هو هدف النظام بقتل الثورة وتدميرها بكل ألوانها.

ويقول القيادي في تصريح لـ"عربي21": "خطأ المعارضة هو المراهنة على الحلول السياسية، وجعلها هدفا، فهي أجبرت تركيا على الذهاب بهذا الاتجاه، وكان ينبغي لها أن ترفض كل الحلول المطروحة كونها تأتي من روسيا، وهي طرف ليس فقط مدافعا عن النظام بل أكثر مكرا وتملصا منه، والثورة السورية اليوم تواجه الموت الذي يقترب إن لم تتدارك ما بقي من أوراق وإن كان محدودة، فالنظام بسيطرته على الأرض يكون قد سلك طريقا لوأد الثورة".

من جهة أخرى، يرى القيادي في المعارضة السورية ماجد فرج، أن تقدم النظام على الأرض يجبر الدول الداعمة للثورة على التخلي عن التمسك ببعض الأمور، التي كانت مبادئ لا يمكن التنازل عنها، من هنا نجد تركيا اليوم في موقف حرج بعد تقدم النظام، كون أوراقها التفاوضية مع الروس ضعيفة، في حين أن روسيا هي من تفرض الشروط على المعارضة كونها مسيطرة وصاحبة القرار.

وقال القيادي في حديث لـ"عربي21": "الثورة لن تنتهي والدليل أن أهالي القرى والمدن التي سيطر عليها النظام لم يعودوا إليها حتى الآن، فالناس يفضلون الموت والنزوح والقتل على أن يعودوا لحكم النظام، كما أن أغلب الشعب السوري بالرغم من سيطرة النظام على مدن ومساحات واسعة، يحاول الهروب إلى أوروبا وتركيا، ولو أن النظام انتصر لعاد إليه المجتمع السوري، الذي ثار عليه".