مقابلات

الفنانة دنيا مسعود: الفولكلور في طريقه للاختفاء والاندثار

دنيا مسعود قالت إن الأوضاع بمصر مُخيفة ومُرعبة إلى أقصى حد ونظام السيسي يُنكل بكل من يختلف معه- عربي21

* الفلكلور هو طريقة عامة الناس والبسطاء في التعبير عن أنفسهم وطرح قضاياهم وقصصهم

 

* سقف الحريات في مصر وصل إلى معدلات غير مسبوقة في القمع والمنع والحجب والانتهاكات

 

* الأوضاع بمصر مُخيفة ومُرعبة إلى أقصى حد والنظام ينكل بكل من يختلف معه

 

* التكنولوجيا لعبت دورا في تلاشي الفولكلور.. والموالد الشعبية هي الشكل الوحيد الذي لازال يحتفظ ببعض فعالياته التراثية

 

* أدعو لتوثيق الفلكلور بأي طريقة ممكنة والإضافات والتقنيات المعاصرة لا تؤثر سلبا عليه

 

* الأجيال الجديدة أكثر قبولا واهتماما بالفلكلور الشعبي.. ولا أجد سببا لعشقي للمسرح

 

* يحق للفنان طرح أي آراء سياسية ولا يمكن أن يكون هناك فصلا بين الفن والسياسة

 

* أشفق على الفنانين الذين يتملقون النظام لأنهم تحت وطأة سلطة لا ترحم أي أحد

 

قالت الفنانة والمغنية المصرية، دنيا مسعود، والتي حققت نجاحا ملموسا في مشروع إحياء الأغاني الفولكلورية ونقلها إلى الحداثة، إن "الفولكلور في طريقه للاختفاء والاندثار"، داعية لضرورة توثيقة بأي طريقة ممكنة.

وأضافت مسعود، في الحلقة الأولى من مقابلتها الخاصة مع "عربي21"، أن "التكنولوجيا لعبت دورا في تلاشي الفولكلور، فضلا عن عدم التمسك بالتقاليد والأعراف والعادة الاجتماعية القديمة"، مشيرة إلى أن "الشكل الوحيد الذي لازال يحتفظ ببعض فعاليات وأشكال الفولكلور هي الموالد الشعبية فقط وليست بأشكالها القديمة أيضا".

وأكدت مسعود أن "سقف الحريات في مصر وصل إلى معدلات غير مسبوقة في القمع والمنع والحجب والانتهاكات. لقد أصبح الآن في أسوأ وضع ممكن، ولم نكن نتخيل أن نصل لهذه المرحلة"، منوهة إلى أنها تشعر بالشفقة تجاه الفنانين الذين "يتملقون النظام، لأنهم تحت وطأة سلطة لا ترحم أي أحد، وتُنكل بكل من يختلف معها بأي قدر، ولأن الأوضاع مُخيفة ومُرعبة إلى أقصى حد".

وأوضحت أن "الفلكلور الشعبي يختلف من دولة لأخرى، لأنه يأخذ خصوصية وتقاليد البلد نفسها، فضلا عن أن الجغرافيا تلعب دورا كبيرا في تشكيل الصوت البشري واختيار الألة الموسيقية المُصاحبة، لكن هناك خصائص مشتركة وقواعد أساسية بين كل أشكال الفلكلور في كل الدول، وأهمها أنه طريقة العامة والبسطاء في التعبير عن أنفسهم وطرح قضاياهم وقصصهم".

والفنانة دنيا مسعود هي مغنية وممثلة مصرية من مواليد محافظة الإسكندرية. وُلدت في 3 آب/ أغسطس 1975، ودرست المسرح في جامعتي السوربون والإسكندرية، وتميزت في أداء أغاني الفلكلور والتراث المصري بأسلوب جديد ومختلف، بعد رحلة طويلة امتدت لأكثر من 15 عاما في البحث عن التراث والأغاني الفولكلورية المصرية.

وظهرت دنيا مسعود لأول مرة على مسرح الأوبرا المصرية كمغنية عام 2001 مع فرقة شرقيات، بعدها أسست فرقة خاصة أطلقت عليها اسم (فيونكات دنيا) بمصاحبة آلة الإيقاع وآلة الكولة، ومن أغانيها الشهيرة (بتناديني تاني ليه)، و(ع اللي إتغرب)، و(روق الأناني)، و(نعناع الجنينة)، و(ببيع ياسمين)، و(مش عيب عليكي).

وكانت بدايتها مع التمثيل سنة 2001 في فيلم (خلي الدماغ صاحي)، ثم فيلمي "جعلتني مجرما"، و"في شقة مصر الجديدة"، ومسلسل "أهل كايرو"، فضلا عن خوضها تجارب التمثيل المسرحي.

وطرحت ألبومها الأول "محطة مصر" عام 2009، وتواصلت عروضها الغنائية في العاصمة الفرنسية باريس التي تقيم فيها حاليا منذ عام 2012، بعدما أحيت العديد من الحفلات في معظم دول العالم العربي وأوروبا.

 


وفيما يلي نص الحلقة الأولى من المقابلة:

 
ما سر حبك لأغاني الفلكلور الشعبي المصري؟ وما الفرق بين هذا النوع من الأغاني وبين الأغاني الأخرى؟

 

لأن اهتمامي وشغفي الأساسي هو المسرح، وأغاني الفلكلور في العالم، وخاصة مصر، هي مشاهد درامية وليست مجرد شعر مُوقع بلحن؛ فهي تحكي قصة أو تصف مشهد، لأن الناس قبل انتشار القراءة والكتابة كانت تحكي قصصها وتوثق مشاعرها عبر الأغاني الفلكلورية، فالشعب كتب بها نسخته الخاصة من التاريخ والتراث بارتجال، ومن خلال شعر ولحن بسيط، كي يرويه لأولاده وللآخرين. وأكبر مثال على ذلك "السيرة الهلالية"، و"شفيقة ومتولي"، و"حسن ونعيمة"، فبين القصة الحقيقية والأسطورة كان هذا أقدم شكل مسرحي عرفته مصر، ولذلك أنا مهتمة جدا به.

هل الفلكلور في مصر يختلف عن الفلكلور في الدول العربية أو في العالم؟
الفلكلور يختلف من دولة لأخرى، لأنه يأخذ خصوصية وتقاليد البلد نفسها، فضلا عن أن الجغرافيا تلعب دورا كبيرا في تشكيل الصوت البشري واختيار الألة الموسيقية المُصاحبة، وحتى في مصر بحكم أنها بلد كبير وبها تنوع جغرافي بين مناطق خضراء، وصحراء، وجبال، وريف، وأماكن قرب البحر أو نهر النيل، فالفلكلور يختلف حسب الطبيعة الجغرافية والسكانية.

لكن هناك خصائص مشتركة وقواعد أساسية بين كل أشكال الفلكلور في كل الدول، وهي أنه ارتجال عامة الناس والبسطاء – وليس النخبة- في التعبير عن أنفسهم واحتياجاتهم وطرح قضاياهم وقصصهم سواء حب أو سياسة أو غيره، وبالتالي فهو الطريقة الشعبية في التعبير عن ذلك.

ما هي الصعوبات والتحديات التي تواجه محاولة إعادة إحياء الفلكلور الشعبي المصري؟


الموضوع الآن أسهل بفضل الإنترنت وعصر الفضاء المفتوح، وحينما بدأت هذا المشروع لم يكن الأمر بكل هذه السهولة، فكان لابد أن أقوم به بشكل يدوي، واضطررت للسفر إلى قرى وأماكن كثيرة مختلفة، وكان معي جهاز تسجيل، كي أسجّل في مناسبات مختلفة لمن هم حافظون للتراث، وهم أناس كبار في السن بطبيعة الحال، وبعضهم غير منفتح على التعامل مع الغرباء، وبالتالي كان لابد من انتظار مناسبة طبيعية كالموالد أو الأفراح أو المآتم حتى أتمكن من التسجيل دون مواجهة عقبة الخجل الاجتماعي، فضلا عن أن سفر بنت بمفردها لتحل ضيفة عند آخرين كان مشكلة أخرى.

أمّا اليوم فالإنترنت والمعلومات المتاحة جعل الأمر يختلف تماما، والشباب الصغير نجحوا في تسهيل المهمة لمن هم مثلي في المستقبل، حيث سيجد المهتمون بالفولكلور في المستقبل حصيلة كبيرة على الإنترنت، وهذا لم يكن متاحا منذ 15 عاما حينما بدأت مشروع إحياء الأغاني الفولكلورية ونقلها إلى الحداثة.

ما الذي يميز دنيا مسعود عن غيرها من الفنانين الذين يقدمون الفلكلور؟

 
الفولكلور هو ست جسدها جميل وأي فستان ترتديها سيكون جميلا عليها، فهو مادة شيقة وغنية وممتعة، وفنان كمحمد بشير حينما يغني هذا النوع من الأغاني ويلبسه فستان الموسيقى الأفريقية يجعله يأخذ شكل مختلف ومميز، وأنا مهتمة بإلقاء الضوء على الجانب المسرحي والدرامي، فأنا أحكي الحدوتة دون الاهتمام كثيرا بالموسيقى، فهذه هي نسختي المتواضعة من المسرح في الحواديت الفولكلورية، ولذلك لا تصاحبني آلات موسيقية كثيرة، والآلات التي تصاحبني يدرك من يلعبون عليها أننا لا نقدم موسيقى بقدر ما نقدم مسرحا؛ فكل آلة هي عبارة شخصية في مشهد نقوم بغنائه، وأنا لدي حظ أن المشاهد التي أقدمها على المسرح مُوقعة شعرا وموسيقيا، لكن في الأساسي مشروعي مسرحي في المقام الأول.

هل الموهبة تغني عن دراسة الفن؟


الفن الآن في العصر الحديث لا يكوّنه عنصر واحد، بل عناصر كثيرة، منها الشغف، والموهبة، والاهتمام يتم ترجمته في دراسة ليست بالضرورة أن تكون أكاديمية، وأنا لم أدرس موسيقى لكني درست مسرح، ووظفت شغفي بالمسرح في مشروع موسيقي نوعا ما، ومن الضروري أن تشعر أنك تقوم بإرضاء نفسك وروحك قبل إرضاء الآخرين من الجمهور، وهذه أفضل طريقة للتميز في الفن، فالدراسة الأكاديمية ليست بالضرورة أن تمثل إضافة ملموسة للفنان، بينما المطلوب أن يكون لديك شغف وحب للفن وأن تلم بالمبادئ الأساسية المطلوبة في المجال الفني. 

ما مدى تقبل الأجيال الجديدة للفلكلور الشعبي؟ وما شعبية مثل هذا النوع من الأغاني في مصر وخارجها؟


لديهم اهتمام وقبول كبير جدا بشكل سعيد ومفرح، فالأجيال التي كانت لديه تربص كان جيلي أنا، حيث أن المشهد الموسيقى لم يكن في أفضل أحواله لأنه كان يحاول اكتشاف نفسه وذوقه ولا يريد أن يسير خلف جيل أهله وتراثه، بينما الجيل الحالي مفتوح تماما، وكل شيء أمامه متاح، وليس لديه النظرة الضيقة والمحدودة السابقة التي كنا نعاني منها. الجيل الحالي أكثر جرأة وانفتاحا ليس على القديم فقط، بل على كل شيء، لأن لديهم فضول كبير لمعرفة الحياة لكن كيفية استخدام هذا الفضول شيء آخر.

توثيق الفلكلور الشعبي بأحدث التقنيات المعاصرة.. هل يؤثر عليه سلبا أم إيجابا؟


الواقع يقول إن الذوق العام في الاحتفال بأي حدث تغير، والتاريخ يتغير، ونحن نستخدم كل المتاح لنا لرصد وتوثيق وإحياء الفولكلور الذي هو في طريقه للاختفاء والاندثار من الكون شئنا أم أبينا، وبالتالي لا أرى أن الإضافات المعاصرة تؤثر سلبا على الشكل الأصلي للفولكلور، فاليوم ليست هناك ثقافة العبيد أو وظيفة النادبة في القرية، وليس هناك الشكل المتعارف عليه في احتفالات الحصاد والمواسم والسنة الزراعية أصبحت مختلفة؛ فباختلاف الطبيعة اختلفت الحياة الاجتماعية، وبالتالي اختلف التعبير عنها، ونسبة المتعلمين باتت أكبر بكثير عما كانت عليه سابقا، وتراجعت الآن احتياجات توثيق هذا الشكل من التاريخ، ولذلك فتوثيقة بأي طريقة ممكنة شيء جيد ومهم للغاية.

ولماذا ترين أن الفولكلور في طريقه للاختفاء والاندثار؟


التكنولوجيا لعبت دورا في هذا الأمر، فكل الأفراح في القرى المصرية تحيي أفراحها الآن بما يعرف بـ "دي جي DJ" والأغاني الشعبية الحديثة، وتجاوزوا التقاليد والأعراف القديمة، والعادة الاجتماعية اختفت والتكنولوجيا تدخلت، والشكل الوحيد الذي لازال يحتفظ ببعض فعاليات وأشكال الفولكلور هو "المُولد" فقط وليس بأشكاله القديمة أيضا.

أيهما أقرب إليكِ.. التمثيل أم الغناء؟


لا يوجد فصل بينهما بالنسبة لي. ودون مقارنة مطلقا مع العظماء مثل هدى سلطان أو شادية أو عبدالمنعم مدبولي أو فؤاد المهندس أو غيرهم، لا يمكن القول إن هؤلاء ممثلين أم مطربين؟، فكلهم تفوقوا في الأمرين معا بنفس الجودة والعبقرية، والموضة القديمة للفنان المسرحي – وأنا اعتبر نفسي من هؤلاء- هو الشخص الذي لابد أن يعرف كل هذه الأشياء، وليست بالضرورة أن تكون بذات الجودة من تمثيل وغناء ورقص وغيره. 



ولماذا أنت غير معروفة بالقدر الكافي كممثلة؟

 
لأنه لم يكن لدي حظ كبير في السينما بمصر، والمسرح ليس لديه جمهور كبير مثل السينما والتلفزيون، والناس تعتاد على ما تراه وتعرفه، وأنا لم أشارك في السينما إلا من خلال 3 أعمال فقط، لكنهم رأوني من خلال ألف فيديو على الإنترنت من حفلاتي الفلكلورية، خاصة أنه لم تأت لي فرص كبيرة في السينما أو المسرح مثلما أتيحت لي في الغناء، مع مراعاة أنني لست بالأساس مطربة بل مؤدية.

ما هي أخر أعمالك في الغناء وأخر أعمالك في التمثيل؟


أحضر حاليا لمسرح مع المخرجة اللبنانية ناسي نعوم، وسيتم عرضه خلال العام الجاري، وبالنسبة للموسيقى سنشارك في مهرجان فلسطين الصيف المقبل بمدينة رام الله.

المسرح هو أبو الفنون وأولها وأنتِ بدأتِ تجربتك الفنية عبر التمثيل المسرحي.. فما هو سر ارتباطك بالمسرح؟

 
الحب عادة لا يوجد سبب له، ولذلك لا أجد تفسيرا لحبي وعشقي للمسرح الذي هو مكان الوحيد على الأرض الذي اعتبره بيتي الحقيقي ومكاني الطبيعي.

وكيف ترين ما وصلت إليه مسيرة المسرح في مصر الآن؟


دائما هناك فنانين يحاولوا تقديم ما يليق بالمسرح، لكن المناخ غير مساعد لهم الآن، لسببين تردي الأوضاع الاقتصادية ولانعدام سقف الحريات، فعمل أي نوع من أنواع الفن لابد أن يكون هناك دعم اقتصادي ومناخ به حرية إبداع، وفي المقابل لازال البعض يعافر ويجتهد بكل ما هو متاح لهم، لكنهم غير قادرين على الوصول لجمهور جديد، وأصحاب الغناء نجحوا أكثر في الوصول للجمهور بخلاف أهل المسرح لأن احتياجاتهم أكبر ولأن من يذهب للمسرح أقل بكثير ممن يذهبون لحفلات الغناء، ولا يوجد أي شيء مرضي حتى الآن لكن لم تتوقف محاولات أهل المسرح.

بعض مؤيدي النظام يؤكدون أن الحريات في مصر غير مسبوقة لكنكِ قلتِ إن سقف الحريات في مصر أصبح الآن في وضع سيء.. لماذا؟

 
من الطبيعي جدا أن تدعي السلطة وانصارها أن سقف الحريات وصل معدلات غير مسبوقة، لكن الحقيقة والواقع على الأرض تؤكد أنها غير مسبوقة في القمع والمنع والحجب والانتهاكات. لقد أصبح سقف الحريات الآن في أسوأ وضع ممكن، ولم نكن نتخيل أن نصل لهذه المرحلة، حتى أن الخائفين من بطش السلطة قد يرددون مثل تلك الأكاذيب التي لا يمكن لأي عاقل أن يصدقها، وحينما أقول إن هناك الكثير من الفنانين الذين يتملقون النظام فأنا لا أدخل في عداء معهم، لكني أشعر بالشفقة عليهم لأنهم تحت وطأة سلطة لا ترحم أي أحد، وتُنكل بكل من يختلف معها بأي قدر، لأن الأوضاع مُخيفة ومُرعبة إلى أقصى حد.

هل انتهيت من مشروع المسرح الوثائقي الاستقصائي عن حفر قناة السويس؟


للأسف انشغلت في مشروع آخر في نفس الوقت فاعتذرت لفريق العمل عن المشاركة بهذا المشروع، لأنه كان لديهم جولات في أماكن مختلفة، وجدول أعمالي لم يكن يسمح لي بتكملة هذا المشروع، وما أعرفه أنهم انتهوا من العرض في مدينة الشارقة بدولة الإمارات، وأعادوا العرض في القاهرة، وكان موفقا إلى حد كبير، بحسب ما عرفته.

وماذا عن مشروعكِ المسرحي حول "جسد المرأة في الشرق ونظرة المُستشرقين لها"؟

 
لازالت أعمل عليه، وانتهينا من جمع البيانات على مستوى القوانين والقصص اليومية في بعض الدول، ونحن الآن في مرحلة كتابة النص الأخير ليتم عرضه على المسرح، وقد يحدث ذلك مع بداية عام 2021 لو استطعنا وجود التمويل لهذا المشروع، لأن مثل هكذا أعمال تتطلب ميزانية كبيرة أحيانا لإنتاج العرض نفسه.

لماذا أنتِ منحازة أكثر للغناء للمرأة أكثر من الغناء للرجل؟


ليس انحيازا بمعنى الانحياز، لكنني امرأة عانت - ولاتزال- في مجتمع عالمي بطريركي فيه الرجل حاكم والمرأة محكوم، وهناك فرقا كبيرا بين الحقوق التي حصل عليها الرجل وبين الحقوق التي حصلت عليها المرأة، ولا يجوز إن نقول الآن إن هناك مساواة حقيقية بين المرأة والرجل، فلاتزال أمامنا سنين ضوئية حتى نصل لتلك المرحلة، ولذلك من الطبيعي أن تنحاز مشاعري للمرأة حتى لو كان بطلها رجل. والتاريخ لم يكن رحيما على المرأة، التي كلما تحصل على حق من حقوقها سرعان ما يتم سلب هذا الحق وتحدث ردّة عليه. ولذلك أحيانا ما يبدو أنني منحازة للطرف الأضعف.

 


لكِ بعض الآراء والمواقف السياسية .. فما علاقة دنيا مسعود بالسياسة؟

 
أنا مواطنة تتمسك بحقوقها الإنسانية، وهذا ما أؤمن به وأبحث عنه. لست موجودة على الساحة السياسية كناشطة، ولم ولن أكون عضوة في أي حزب سياسي، ولا أضع أشياء مقابل أشياء أخرى، وأقدم قطع فنية أحيانا ما تعكس رأيي السياسي أو الاجتماعي فهذا من حقي وحق الجميع، لكن آرائي السياسية مستقلة تماما عن أعمالي الفنية، ورأيي السياسي أطرحه في النقاشات السياسية أو خلال التصويت الانتخابي، وليس بالضرورة أن يكون هناك تداخلا كاملا بين الفن والسياسة.

لكن البعض يطالب بالفصل التام بين السياسة والفن.. ما ردكم؟


هذا تطرف غير طبيعي؛ فلا يمكن أن يكون هناك فصلا كاملا بينهما؛ فالفنان ابن بيئته وانعكاس لكل ما يمر به، ومن الطبيعي أن يتفاعل، سلبا أو إيجابا، مع كل ما يجري حوله، وأنا ضد استخدام مشهد سياسي في عمل فني، كأن تكون الموجة أغاني الثورة أو أغاني لفلسطين مثلا فتجد الكل يتسابق في هذا الاتجاه. والفنان أكثر من أي شخص آخر هو في حالة تواصل دائم مع كل مشاعره، وهو أكثر شخص مشاعره وتضاربت أفكاره تظهر سواء في أغنية أو فيلم أو مسرحية أو شعر، ومن حقه أن يظهر تلك المشاعر طالما كانت حقيقية وليس تجارية أو مصطنعة. 

البعض ينتقد المطربة شيرين عبدالوهاب لأنها أحيانا تخرج عن النص وتتحدث ببعض العبارات التي أحيانا ما تسبب لها مشاكل.. فهل الفنان يجب عليه ألا يتحدث في أي شيء أمام الجمهور سوى الغناء وأعماله الفنية فقط؟

 
من وجهة نظري، من حق الفنان أن يقول آرائه -أيا كانت- سواء أمام الميكرفون أم لا، سواء رأيه كان صحيحا أم خطأ. ليس من حق أي أحد تجريم الآخرين بسبب آرائهم، طالما أن هذا الرأي لا ينادي بجريمة عنف ولا يحرض على الكراهية أو الجرائم، وهذا من أبسط الحقوقية الأساسية لأي إنسان.