حقوق وحريات

هل يسهم الاجتماع "الأممي" بتحريك ملف المعتقلين بسوريا؟

هل يفرج النظام عن المعتقلين عنده؟ - أرشيفية

رحب منسق الهيئة الوطنية السورية لشؤون المعتقلين والمفقودين، وعضو الهيئة السياسية في الائتلاف المعارض، ياسر الفرحان، بالإعلان عن اجتماع برعاية أممية، لبحث ملف المعتقلين والمخطوفين في سوريا.

ووصف الفرحان في حديث لـ"عربي21"، الإعلان عن تحديد موعد الاجتماع في شباط/فبراير المقبل بجنيف، بالخطوة الجيدة، والمهمة للمضي قدما في ملف المعتقلين

وكانت نائبة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، خولة مطر، قالت إن الاجتماع  الذي يضم مجموعة العمل المعنية بالإفراج عن المحتجزين والمختطفين سيبحث إنشاء مجموعة ثلاثية مشتركة في سوريا، لدعم الهدنة، وعمليات التبادل.

وأضافت مطر: "يسرني أن أبلغ مجلس الأمن رسميا بأن مجموعة عمل تشارك فيها روسيا وإيران وتركيا والأمم المتحدة ستجتمع للمرة الأولى، لمناقشة الإفراج عن الأشخاص المحتجزين والمختطفين في سوريا، وكذلك بشأن نقل الجثث وتحديد هوية الأشخاص المفقودين، في جنيف في وقت لاحق من شهر فبراير"

وحول الجهود التي أسست لعقد هذا الاجتماع الأول من نوعه، قال ياسر الفرحان، إن الاجتماع ثمرة لجهود مشتركة، والتقدم في هذا الملف يعد تقدماً بطيئاَ، بسبب رفض النظام السوري إطلاق سراح المعتقلين بسجونه، إلى جانب مواصلته عمليات الاعتقال.

 

اقرأ أيضا: منظمة: نظام الأسد قتل 700 معتقل من حماة في 2019

وأضاف أن كل الأطراف التي تعمل على ملف المعتقلين تحاول إحراز تقدم -ولو كان محدودا-، مشيرا في هذا السياق إلى قيام لجنة المعتقلين بإجراء العديد من اللقاءات مع فريق الأمم المتحدة الخاص بسوريا، والفريق الأمريكي، والجهات التحقيقية الدولية في جنيف، الشهر الماضي، بغرض تحريك هذا الملف.

ولن تشارك الأطراف السورية (المعارضة، والنظام) في الاجتماع المرتقب، وستقتصر المشاركة على الدول الضامنة لمسار أستانا (تركيا، روسيا، إيران)، والصليب الأحمر (مراقب)، والأمم المتحدة، وعن ذلك يقول الفرحان:الاجتماع سيكون ضمن آلية أستانا، برعاية أممية.

ولدى سؤاله عن التوقعات من الاجتماع، وما إن كان سيشهد بداية لحل قضية المعتقلين في سوريا، قال الفرحان: نحتاج المزيد من الجهود لذلك، وتحديدا للكشف عن مصير المعتقلين وإطلاق سراحهم في سجون النظام، والكف من الأخير عن تنفيذ حملات اعتقال جديدة.

وتابع: نحتاج إلى ضغط حقيقي للحصول على قرار من مجلس الأمن، لإرغام النظام وداعميه (روسيا وإيران) على العمل الجاد في فتح هذا الملف، رغم صعوبة ذلك بسبب "الفيتو" الروسي الجاهز، وقال "الحل الجذري لهذا الملف، هو برحيل النظام السوري، لأنه يرتكز على القمع لمواصلة حكم سوريا".

وفي السياق ذاته دعا الفرحان كل الأطراف الفاعلة في الشأن السوري، إلى فصل ملف المعتقلين عن الملفات السياسية الأخرى، وقال "نسعى بما نستطيع لشرح تبعات هذا الملف الإنساني على عائلات المعتقلين، ونطالب بالضغط على النظام لفتح المعتقلات أمام الجهات الحقوقية الدولية".

كما أشار الفرحان إلى تقديم "هيئة المعتقلين" خلال اجتماع الائتلاف بممثلي 16 دولة صديقة للشعب السوري، الأربعاء، شهادة لناجية من معتقلات النظام، مبينا أنه تم الطلب من ممثلي هذه الدول الضغط لتحريك ملف المعتقلين.

شهادة ناجية

وعلى موقعه الرسمي، عرض الائتلاف شهادة لمعتقلة سابقة في سجون النظام.

وأوضح الائتلاف "قدمت السيدة "منى" إحدى الناجيات من سجون نظام الأسد، شهادتها خلال اجتماع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، مع مبعوثين ودبلوماسيين من دول فاعلة ومؤثرة في الملف السوري، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي".

وتابع: شرحت "منى" انتهاكات قوات النظام وعناصر الأمن الفظيعة بحق المعتقلين، وخصوصا النساء منهم، حيث تعرضت لصنوف بشعة من التعذيب والاعتداء، ووصفت ضباط وعناصر النظام وهم يتلذذون بقتل طفل وامرأة، حيث سمعت أحد الضباط يقول بعد وفاة الطفل "شيلو فطس".
إنعاش

رئيس "الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين" فهد الموسى، قال إن الإعلان عن الاجتماع لا يعدو عن كونه إنعاشاً لمجموعة عمل ملف المعتقلين التي شُكلت في أستانا سابقا، والتي لم تتمكن من إطلاق أي معتقل.

وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أن الاجتماع محاولة لتحقيق تقدم في عمل هذه اللجنة، علما أن السبب في ذلك سياسة النظام والأطراف الداعمة له.

وحسب الموسى، لا بد من تضافر الجهود الدولية لزيادة الضغط على روسيا وإيران، لتحريك هذا الملف، وأردف بقوله: "الاجتماع يدعو للتفاؤل، لطالما أنه يعقد للمرة الأولى تحت رعاية أممية".

مسار إنساني مستقل

ومن وجهة نظر الموسى، فإن الحل الوحيد المتاح لملف المعتقلين في سوريا، يقتضي تشكيل مسار إنساني مستقل عن مساري أستانا وجنيف.

ورأى أن من الضروري مشاركة الدول المعنية في الشأن السوري، إلى جانب المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية السورية، وبرعاية أممية أيضاُ.

وتابع الموسى، أن ترك الملف بعهدة الدول الضامنة دون مشاركة منظماتية حقوقية، سيؤدي إلى استمرار تعطيل جهود تحريك هذا الملف العاجل، ولن ينجم عن ذلك إلا المزيد من إضاعة الوقت.

ولا يرى موسى أن هذا الطرح صعب المنال، وباعتقاده أن فصل المسار الإنساني عن السياسي في الملف السوري، لا يحتاج إلا إلى إرادة حقيقية من قبل كل الأطراف.

وختم قائلا: إن "التقدم في ملف المعتقلين يعطي دفعة واضحة للمسار السياسي، لأن هذا الملف هو مفتاح حل سياسي قائم على قاعدة السلم الأهلي لكل المكونات السورية".

تشكيك

رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، المحامي السوري البارز أنور البني، شكك بالنتائج التي سيتمخض عنها الاجتماع، نظرا إلى انسداد مسار أستانا، الأمر الذي يعبر عنه الوضع العسكري في إدلب.

وتساءل خلال حديثه لـ"عربي21" عن النتائج المرجوة من هذا الاجتماع، بعد انتهاء مسار أستانا على الأرض، وقال: تشهد المناطق المشمولة باتفاق "خفض التصعيد"، جولات من المعارك، ولم يتبق من هذا المسار إلا الاسم فقط.

وقال: لا قيمة البتة لهذا الاجتماع، والاجتماع محاولة من الأمم المتحدة لإثبات حضورها في الملف السوري.

وتابع البني، لم تستطع الدول الضامنة منذ بدء مسار أستانا إطلاق سراح معتقل واحد، وهذا ما يدفعنا إلى التشكيك بالاجتماع والنتائج التي ستصدر عنه، مشيرا بالمقابل إلى تعطيل عمل لجنة الدستور السورية من قبل النظام.

وتمكنت روسيا من عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في مدينة سوتشي على البحر الأسود الذي تمخض عن اتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية التي يشارك فيها ممثلو المعارضة والحكومة والمجتمع المدني للاتفاق على دستور جديد للبلاد ينهي الحرب الأهلية ويضع اللبنة الأولى لاستعادة سوريا وحدتها وسيادتها وسلامها الأهلي.

والثلاثاء قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنه لم يعد هناك شيء اسمه "مسار أستانة" بشأن سوريا، في إشارة منه إلى استمرار النظام السوري انتهاك اتفاقات وقف إطلاق النار، جاء ذلك خلال لقاء جمعه مع عدد من الصحفيين على متن طائرة الرئاسة التركية، أثناء عودته من جولة إفريقية اختتمها في السنغال.

وقال أردوغان: "لم يتبق شيء اسمه "مسار أستانة" علينا نحن تركيا وروسيا وإيران إحياؤه مجددا والنظر فيما يمكن أن نفعله، مضيفا: "في حال التزمت روسيا باتفاقي سوتشي وأستانة، فإن تركيا ستواصل الالتزام بهما. روسيا لم تلتزم حتى الآن بالاتفاقيتين".

يذكر أن محافظة إدلب المشمولة باتفاق "خفض التصعيد" تشهد تصعيداً غير مسبوق من جانب قوات النظام المدعومة روسيا وإيرانيا.