صحافة دولية

بلومبيرغ: هكذا سيطر ابن سلمان على ثروة السعودية

بلومبيرغ: صعود محمد بن سلمان إلى السلطة حوله لزعيم ملياردير- جيتي

نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا أعده ديفون بندلتون، عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تحت عنوان "صعود الأمير السعودي إلى السلطة حوله لزعيم ملياردير". 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن التحرك غير المسبوق ضد شخصيات في المملكة لم يكن أحد يستطيع المساس بها، الذي تم تقديمه على أنه تحرك ضد الفساد، كان جزءا من محاولات محمد بن سلمان السيطرة على ثروة البلاد. 

 

ويقول بندلتون إنه من أجل تنفيذ هذه الفكرة فإن ولي العهد قام بتحويل فندق ريتز كارلتون بأرضيته الرخامية إلى سجن في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، ووضع فيه مئات من الرجال، وتم الإفراج عن عدد كبير منهم، وبعضهم كانوا أمراء من أبناء عمومته، لكن بعد التوقيع على التخلي عن جزء من أرصدتهم، نقدا أو حصصا من ممتلكاتهم، مشيرا إلى أن السلطات السعودية تقول إنها حصلت على 107 مليارات دولار.

 

ويرى الموقع أن هذا التحرك، الذي نم عن قوة، وفكك قواعد التعاون غير المكتوبة والسرية داخل العائلة المالكة، أدى إلى تهميش معارضي ولي العهد ومعارضيه المحتملين في تحرك واحد. 

 

ويجد التقرير أنه بصعوده إلى السلطة، وكونه الوريث المفترض للعرش السعودي، فإنه لم يصبح الحاكم الفعلي للبلاد، بل الملياردير الزعيم لشركة العائلة الواسعة، التي تملك أموالا لا تملكها عائلة حاكمة أخرى على وجه الأرض. 

 

ويلفت الكاتب إلى أن عدد أفراد عائلة آل سعود يصل إلى 15 ألف فرد صغير وكبير، بحسب تقديرات المحللين السياسيين والأكاديميين، مشيرا إلى أن ثروتها تقدر، بحسب مؤشر مليارديرات "بلومبيرغ"، إلى أكثر من 100 مليار دولار، وهي ثروة تجعلها في المركز الرابع من بين العائلات الثرية في العالم. 

 

ويرى الموقع أن التقدير الذي قدمه مؤشر "بلومبيرغ" متواضع، ويعتمد بشكل رئيسي على مصادر الدخل التي يمكن تتبعها والتي يحصل عليها أفراد العائلة، أي من خلال الرواتب التي يوزعها مكتب الملك الخاص، مشيرا إلى أنه بحسب الرواتب التي قدمتها وثيقة للسفارة الأمريكية في الرياض، تعود إلى عام 1996، وسربتها ويكيليكس، فإن الرواتب الشهرية المخصصة لأفراد العائلة المالكة تتراوح من 800 دولار إلى 270 ألف دولار، ما يعني ملياري دولار في السنة، فيما من غير المعلوم إن كانت تلك المبالغ قد تغيرت منذ ذلك الوقت. 

 

ويفترض التقرير أن الرواتب ظلت كما هي، ولم تضف إليها استثمارات، مستدركا بأنه إذا زادت الرواتب بطريقة متناغمة مع التضخم أو الموارد النفطية، ولو تم استثمار بعض رأسمال المال في الأسواق، فإن ثروة آل سعود مجتمعة قد تصل إلى تريليون دولار، أي أنها أغنى عائلة في العالم. 

 

ويفيد بندلتون بأن ثروة العائلة تظل سرا، ولم يتم الكشف عنها إلا في مناسبات محددة، ومنذ إنشاء الملك عبد العزيز بن سعود الدولة عام 1932، وتوقيعه أول عقد للنفط مع شركة نفط "ستاندرد أويل" كاليفورنيا. 

 

ويؤكد الموقع أن الثروة النفطية أسهمت في نمو حظوظ العائلة، إلا أن سيطرتها على مفاصل الدولة والمميزات فيها أدت إلى انتعاشها، مشيرا إلى أنه حتى وقت قريب كان الأمراء يتعاملون مع وزارات الحكومة على أنها إقطاعيات خاصة بهم، إلا أن ولي العهد أنهى هذا الاحتكار. 

 

وينقل التقرير عن الأستاذ في مدرسة لندن للاقتصاد ستيفن هيرتوغ، وهو مؤلف كتاب "أمراء، سماسرة وبيروقراطيون: النفط والدولة في السعودية"، قوله: "طالما اتسمت العلاقة بين مالية الدولة والأمراء البارزين بالغموض.. لم يبق إلا شخصان لديهما هذا النوع من التميز: ولي العهد والملك". 

 

ويكشف الكاتب عن أن ثروة محمد بن سلمان وحده تقدر بحوالي مليار دولار، وأجاب في رد على سؤال في لقاء "60 دقيقة" على قناة "سي بي أس" العام الماضي حول ثروته، قائلا: "فيما يتعلق بنفقاتي الخاصة فأنا رجل غني ولست فقيرا.. وأنا عضو في عائلة حاكمة موجودة منذ مئات السنين وقبل نشوء السعودية". 

 

ويذكر الموقع إلى أنه منذ صعوده إلى السلطة قاد حملة تغيير تهدف إلى تقليل اعتماد البلاد على النفط، وتنويع الاقتصاد، وتخفيض نسبة البطالة، فيما أطلق عليها رؤية 2030، مشيرا إلى أنه من ضمن هذه التحولات السماح للمرأة بقيادة السيارة، والسفر دون إذن ولي أمرها، والمشاركة في الحفلات الموسيقية، ودخول المباريات الرياضية. 

 

وينوه التقرير إلى أن ولي العهد قاد في الوقت ذاته حملة لقمع المعارضين له، وسجن الناشطات اللاتي دعون لرفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، وشن حربا في اليمن أدت إلى كارثة إنسانية، وتعرض لشجب دولي بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي على يد عملاء للحكومة في مدينة إسطنبول العام الماضي.  

 

ويجد بندلتون أنه مع أن تحالف محمد بن سلمان مع الرئيس دونالد ترامب حماه من التورط في مقتل خاشقجي، إلا أن سيطرته الداخلية لم تضعف، ولا تحكمه في محفظة العائلة المالية، ولم يؤد احتمال وضع أسهم في شركة "أرامكو" في السوق المالية للكشف عن ثروة آل سعود، فهي أكبر شركة ربحية في العالم بأرباح سنوية تقدر بـ162.9 مليار دولار، و"لا يعرف كم من هذا المال يذهب إلى أفراد العائلة". 

 

ويورد الموقع نقلا عن محررة كتاب "سعودي إنك: بحث المملكة العربية عن الربح والقوة" (2018) إلين وولد، قولها: "من الناحية التاريخية لم يكن هناك فرق بين خزينة الدولة والعائلة المالكة"، وأضافت: "هذه ملكية مطلقة.. عندما يتعلق الأمر بها، فإن العائلة تستطيع أخذ أي شيء". 

 

ويشير التقرير إلى أنه على مدى العقود أضيف لأفراد العائلة مصدر آخر من الدخل، حيث أخذ بعضهم يؤدي دور الوسيط في عقود المملكة الدولية، خاصة في مجال صفقات السلاح، فهي من أكبر مشتري السلاح في العالم، خاصة من أمريكا وبريطانيا وفرنسا، فيما هناك أموال جاءت من بيع الأراضي، أو الدخول شركاء صامتين في تجارات، واستفادوا من القوانين التي كانت تشترط حتى وقت قريب على ملكية شريك محلي 25% من أسهم أي استثمار خارجي. 

 

ويقول الكاتب إن أفراد آل سعود يعدون من أكبر المنفقين، فقد حدد موقع "بلومبيرغ" أرصدة بقيمة 30 مليار دولار، في سباق الخيل والعقارات والسندات العامة ومزارع في أفريقيا، و 1.6 مليار دولار في يخت سوبر، فيما لدى بعضهم حصص في شركات، فالأمير سلطان بن محمد الكبير، مثلا هو رئيس أكبر شركة للمواد الغذائية والمشروبات "المراعي"، ويدير أبناء الملك فيصل مجموعة الفيصلية، وهي مجموعة تعمل بصفتها شريكا محليا لشركات مثل "دانون" و"فيلبيس هيلث كير" و"أكسنتشر بي سي" و"سوني كورب". 

 

ويلفت الموقع إلى أن الأمير الوليد بن طلال أنشأ مجموعة المملكة القابضة، التي تستثمر في الفنادق والعقارات والسندات، بما في ذلك "سيتي غروب إنك" و"سناب إنك" و"تويتر إنك"، مشيرا إلى أن الوليد كان أشهر السجناء في فندق ريتز، وانتهى سجنه في كانون الثاني/ يناير 2018، ونسبه لاحقا لـ"سوء تفاهم"، مع أنه توصل بعد 83 يوما لاتفاق لم يتم الكشف عن تفاصيله. 

 

وينوه التقرير إلى أن الأمير محمد، الابن الأكبر للملك سلمان من زوجته الثالثة، لم يتسلم منصبا مهما في الحكومة قبل وصول والده إلى العرش، حيث تولي وبسرعة منصب وزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي والمستشار للملك. 

 

ويذكر بندلتون أن صحيفة "غالف ستيتس نيوز"، الصادرة عن "سي بي آي" الشركة الاستشارية حول المخاطر السياسية، ربطت الأمير محمد بـ 20-25 شركة، أنشئ معظمها في عام 2009، وتعمل في مجال العقارات والتصنيع والاتصالات، مشيرا إلى أنه تم الكشف عن أرصدة أخرى من خلال "أوراق بنما وأوراق بردايس".

 

وبحسب الموقع، فإن المجموعة الدولية للصحافية الاستقصائية نشرت تفاصيل تربط عائلته مع عدد من الشركات في الخارج، وبعضها ربطت الأمير بشراء قصر الملك لويس السادس عشر خارج باريس بـ 300 مليون دولار، ويخت سيرين بـ 320 مليون دولار، بالإضافة إلى مزرعة تربية حيوانات في جنوب أفريقيا، وحصة في شركة الاتصالات السعودية بقيمة 30 مليون دولار، بالإضافة إلى حصص في عدد من الشركات الخاصة، تضم مصرفا وشركة تطوير عقارات ومزرعة تربية أسماك وشركة لنقل البتروكيماويات، التي يسيطر عليها من خلال مجموعة "ثروات". 

 

ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى أن الأمير لا يحب الحديث عن ثروته، ولا كيف حصل عليها، وصرح بأنه لا يهتم بالنقد، وقال في مقابلة العام الماضي مع "بلومبيرغ": "لا أهتم برؤية العالم لي أكثر من اهتمامي بمصلحة البلد والشعب السعودي".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)