ملفات وتقارير

هبة مقدسية بباب الرحمة لمواجهة "مخطط خطير".. هذه قصتها

يحاول الاحتلال تحويل مبنى في باب الرحمة إلى كنيس- تويتر

اعتبر ناشطون فلسطينيون أن "باب الرحمة" بات اسما جديدا لـ"هبة مقدسية" من أجل الدفاع عن المسجد الأقصى، ومنع الاحتلال من السيطرة على المقدسات في القدس المحتلة.

ويسعى الاحتلال الإسرائيلي، إلى السيطرة على بناء في باب الرحمة، من أجل تحويله لكنيس، ويعد خطوة إسرائيلية جديدة في التوغل أكثر في الحرم المقدسي 144 دونما داخل أسوار المسجد الأقصى. 

وكان آخر الهبات التي نشبت "معركة البوابات الإلكترونية"، حين قام المقدسيون بحماية المسجد الأقصى، وعدم المساس بهوية المدينة المقدسة. 

وبحسب ما وصل "عربي21"، فقد قامت الأوقاف الإسلامية بإطلاق شرارة الإنذار عبر تحدي الاحتلال، وعقد اجتماع لها في المبنى المراد أن يقوم الاحتلال بتحويله إلى كنيس، ومعه بدأت شرارة المواجهة مع الاحتلال. 

 

اقرأ أيضا: الاحتلال يحول باب الرحمة بالأقصى لثكنة عسكرية ويزيل الأقفال


من جهته، قال مدير أكاديمية الاقصى للوقف والتراث، الدكتور ناجح بكيرات، لـ"عربي21"، إن "سلطات الاحتلال في القدس المحتلة تعمل على الدوام من أجل تهويد الأقصى وساحاته وتغيير معالمه، ولكنها في الوقت ذاته تخشى غضبة المقدسيين وثورتهم التي تؤجج الأمة كلها، بل تثير المسلمين في كل بقاع الدنيا".

وأضاف بكيرات: "أراد الاحتلال من إغلاق باب الرحمة بالأقفال والسلاسل الأسبوع الماضي، امتحانا جديدا للمقدسيين، لكن غضبة المرابطين وسهرهم وتحديهم وإصرارهم على خلع البوابات والاستمرار في فعاليات الاحتجاج أجبر المحتلين على التراجع عن خططهم". 

وقال: "لذلك، نعقد الآمال دوما على إخواننا المرابطين في المسجد الأقصى، وكذلك إخواننا المرابطين من الأراضي المحتلة عام 1948، في حماية الأقصى والقدس، ومن خلفهم أمتنا العربية والإسلامية".

أهمية باب الرحمة

من جانبه، أشار المتخصص في تاريخ القدس والأقصى، الدكتور جمال عمرو، إلى أهمية باب الرحمة وملحقاته وضرورة الحفاظ عليه. 

وقال لـ"عربي21": "باب الرحمة وملحقاته ليس بابا عاديا، بل هو مكان متكامل يضم مدخلا وقاعة ومصلى، وهو معلم تراثي وبناء أموي ومصلى مستطيل الشكل، يقع أسفل منسوب الأرض، ومسقوف بعقود حجرية ترتكز على أقواس حجرية قائمة فوق أعمدة وركائز كبيرة وضخمة".

ووصف عمرو المكان وأهميته بالقول: "يبعد باب الرحمة وملحقاته ومصلاه عن باب الأسباط 200 متر بمحاذاة السور الشرقي لسور مدينة القدس والمسجد الأقصى، ويقع داخل المسجد الأقصى المبارك، وفي جداره الشرقي يوجد باب مغلق يسمى باب التوبة والرحمة مكون من بابين يفصل بينهما عمود حجري ضخم، يعلو سطح القاعة غرفتان بقبتين تسمى (خلوة أبي حامد الغزالي) حيث كان الغزالي في الأيام الغابرة يسكنها".

 

اقرأ أيضا: هكذا تطورت الأحداث الأخيرة أمام باب الرحمة بالأقصى (شاهد)

ولباب الرحمة قصة تحد مع الاحتلال، وفق عمر الذي أشار إلى أن "شرطة الاحتلال أغلقت مبنى باب الرحمة منذ عام 2003، حينما أقدم مفتش الشرطة العام على اتخاذ قرار بإغلاقه، بحجة وجود منظمة إرهابية تدعى لجنة التراث، التي لا وجود لها نهائيا في هذا المكان"، وفق قوله. 

وقال: "استمرت الشرطة في تجديد قرار الإغلاق، رغم اعتراضات دائرة الأوقاف الإسلامية المستمرة، ومطالبتها مرارا وتكرارا بإلغاء القرار، لترد شرطة الاحتلال في عام 2017، بتحويل الأمر إلى المحكمة الإسرائيلية، ورفع دعوى ضد دائرة الأوقاف الإسلامية ولجنة التراث ومقاضاتها بموجب قانون مكافحة الإرهاب". 

وأضاف: "تم اتخاذ قرار قضائي حينها بإغلاق باب الرحمة إلى إشعار آخر، دون تحديد موعد لذلك مع الحفاظ على سرية الملف".

اقتطاع جزء من الأقصى

وخلال السنوات الماضية، هب المقدسيون مرارا ضد إجراءات الاحتلال على باب الرحمة، وآخرها حين شاهد الشبان الفلسطينيون إغلاق البوابة قاموا بكسر أقفالها وخلعها، وأقاموا الصلوات الليلية حماية للأقصى.  

واعتبر مدير المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عمر الكسواني، أن ما قامت به قوات الاحتلال من إغلاق لباب الرحمة "خطير جدا. بل أخطر من البوابات الإلكترونية لأن إغلاق باب الرحمة بالأقفال يعني اقتطاع جزء من الأقصى".

مخطط خطير


وأضاف الكسواني لـ"عربي21": "إن سلطات الاحتلال تريد أن نطلب الإذن بالدخول إلى مبنى باب الرحمة، فكيف نطلب الإذن في مكان نحن نملكه، وفي مكان هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك". 

وأوضح أن "إسرائيل اختلقت هذه الأزمة الدولية الخطيرة بوضعها الأقفال والسلاسل عقب دخول مجلس الأوقاف داخل المبنى وإقامة صلاة الظهر فيه الخميس الماضي".

وأكد الشيخ الكسواني على ضرورة وجود موقف ورد رسمي أردني فلسطيني حول ما يجري في باب الرحمة، وما تحاول إسرائيل فرضه بقوة السلاح في المسجد، إضافة إلى موقف عربي إسلامي لمساندة الأوقاف الإسلامية والهبات الشعبية المقدسية.

التنازع على السيادة

وقال الكسواني إن شرطة الاحتلال تنازع على السيادة في المسجد الأقصى، فهي تريد أن تتحكم بمن يدخل ويخرج من باب الرحمة، ولكن الهبات الشعبية المقدسية ترد على الاحتلال دائما فيما يقوم به في المسجد.

وحذر الكسواني من أن الخطورة في منطقة باب الرحمة لا تتوقف عند وضع السلاسل والقفل على الباب الحديدي فقط، "بل يشمل ذلك وجود نقطة مراقبة لقوات الاحتلال أعلى منطقة باب الرحمة وملاحقة المصلين الذين يتواجدون ويؤدون الصلاة في المكان تزامنا مع اقتحامات المستوطنين للأقصى وتركيزهم بشكل خاص في منطقة باب الرحمة، وكذلك اقتحامات المستوطنين وصلواتهم عند باب الرحمة من الجهة الخارجية "جهة المقبرة"، ومنع تنظيف المكان وترتيبه، وجملة هذه الانتهاكات تعكس السياسة الممنهجة لتفريغ هذه المنطقة".

وأضاف مدير المسجد الأقصى أن "اعتداء قوات الاحتلال يوم أمس على المصلين في الأقصى، وتنفيذ اعتقالات للشبان والفتية وسيدة، يأتي لإرهاب المصلين وتفريغ الأقصى وسياسة الإغلاقات للمسجد هي خطيرة تهدف لسحب البساط من تحت دائرة الأوقاف وفرض سياسة الأمر الواقع بقوة السلاح".

وما زالت حالة من التوتر تسيطر على أجواء مدينة القدس، خاصة أن المساس "بباب الرحمة"، يعني أن الاحتلال نجح في اقتطاع جزء من المسجد الأقصى لإقامة كنيس يهودي، ما يعني أن التقسيم المكاني للمسجد قد نجح، ما سيجعل المسجد الأقصى مكان دينيا مشتركا لليهود والمسلمين كما حصل في الحرم الإبراهيمي، تمهيدا لسيطرة تامة للاحتلال على المسجد الأقصى بشكل متدرج وتحت سمع وبصر المسلمين، وفق الكسواني.