صحافة دولية

وول ستريت: ارتفاع أسعار النفط ليست أخبارا جيدة للسعودية

وول ستريت جورنال: ستؤدي الزيادة المفاجئة إلى تعقيد الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المملكة- جيتي

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" مقالا للكاتبة كارين إليوت هاوس، تقول فيه إن أسعار النفط في ارتفاع، حيث تراجعت المبيعات الإيرانية تحت ضغط العقوبات الأمريكية، وتراجع الإنتاج الفنزويلي، وتفكك البلد.

 

وتشير هاوس في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الإنتاج السعودي وصل قريبا من الحد المستطاع، فيما ليس هناك مؤشر إلى أن دول منظمة أوبك سترفع من إنتاجها، لافتة إلى أن سعر النفط الخام من نوع برنت وصل إلى 80 دولارا للبرميل يوم الثلاثاء، وقد يصل إلى 100 دولار قبل نهاية العام.

 

وتتساءل الكاتبة: "هل هذه أخبار جيدة للسعودية الغنية بالنفط؟ الجواب نعم على المدى القصير، لكن زيادة في دخل النفط ستضاعف مما تعاني منه المملكة من مشكلات اقتصادية واجتماعية".

 

وتلفت هاوس إلى أن "ولي العهد الأمير محمد بن سلمان استلم السلطة العام الماضي بمجموعة وعود براقة لإصلاح الاقتصاد السعودي، والتوقف عن اعتماد السعودية على النفط فقط بخصخصة الاقتصاد الذي تملكه الحكومة، وتشغيل السعوديين العاطلين عن العمل في وظائف في الشركات الخاصة، ووعد بتنشيط قطاعات جديدة، مثل السياحة، وقلب الضوابط الدينية ضد الترفيه وقيادة النساء للسيارات واختلاط الجنسين، كما كان من المزمع تعويم 5% من أسهم شركة (أرامكو)؛ في محاولة للحصول على مبلغ 100 مليار دولار، لتستخدم تلك الأموال في المملكة لخلق فرص للسعوديين خارج قطاع النفط".

 

وتستدرك الكاتبة بأن "تعويم أسهم شركة (أرامكو)، الذي كان حجر الزاوية في خطة ولي العهد (رؤية 2030) تم تجميده من أبيه الملك سلمان، وتوقف النمو في القطاع الخاص بسبب فرض 5% ضريبة قيمة مضافة، يضاف إلى ذلك أن الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة والكهرباء والماء في وقت سابق من هذا العام أدى إلى تراجع في إنفاق المستهلك، كما أثر خروح 750 ألف عامل أجنبي، غادروا السعودية ليتجنبوا دفع ضرائب جديدة فرضت على العاملين الأجانب، على الوضع الاقتصادي أيضا".

 

وتفيد هاوس بأن "ملاك الأعمال الصغيرة يواجهون تراجعا في الدخل، في وقت تطالب فيه الحكومة السعودية باستئجار العمال السعوديين بأجور أعلى من أجور العمال الأجانب، لكن هناك صعوبة حتى في العثور على عمال سعوديين، بالرغم من ارتفاع نسب البطالة، التي وصلت بحسب الأرقام الرسمية 12.8%، التي هي في الغالب أعلى من ذلك واقعا، فيما يبقى الكثير من الشباب السعوديين غير مستعدين لأن يعملوا في القطاع الخاص، حيث يمكن أن يتم فصلهم، ويشعر الكثير من السعوديين بأن الأفضل هو انتظار وظيفة (بطالة مقنعة) حكومية، ونتيجة لذلك فإن رؤية تحويل السعوديين من مستفيدين إلى مشاركين تبقى سرابا إلى حد بعيد".

 

وتنوه الكاتبة إلى أن "خطة الحكومة لجذب مبالغ كبيرة، كاستثمارات أجنبية مباشرة، لم تتحقق؛ وذلك بسبب قرار ولي العهد في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أن يقوم باعتقال عدة مئات من الأمراء البارزين والوزراء ورجال الأعمال السعوديين، بتهم الفساد، ما خفف من حماس المستثمرين المحتملين، وتقول الحكومة إن سجن هؤلاء في فندق ريتز كارلتون أدى إلى استرداد 100 مليار دولار من التكسب غير الشرعي، وأطلق معظم سجناء الريتز كارلتون بعد أن وعدوا بدفع مبالغ مختلفة طلبتها الحكومة".

 

وتستدرك هاوس بأن "رؤية علية القوم يسجنون في غرف فنادق دون هواتف، جعلت مداخيل النفط العالية لم تعد ثقة المستثمرين الأجانب في المملكة، وفي الوقت ذاته يستمر هروب رؤوس الأموال من السعودية، حيث يتردد كثير من السعوديين الأثرياء في الاستثمار داخل السعودية، ويخاطرون بأن يصبحوا موضع تدقيق من الحكومة، بالإضافة إلى أن المستثمرين الأجانب والمحليين يترددون في الاستثمار: وارتفاع البطالة، وارتفاع سعر الفوائد، وبطء النفقة الحكومية، والتشكك حول مستقبل البلد الاقتصادي".

 

وتجد الكاتبة بأنه "بالرغم من هذا كله، وبسبب العائدات الأكبر للنفط، فإنه يتوقع نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 2.2% هذا العام، وذلك تحسين على 0.9% عام 2017، بحسب تقديرات شركة (جدوى إنفسمنت)، إحدى أكثر شركات التنبؤ مصداقية في المملكة، وسينمو إجمالي الناتج المحلي النفطي بنسبة 3.3%، مقارنة مع تراجع بنسبة 3% العام الماضي، وسينمو مجمل الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 1.4% بناء على المداخيل من ضريبة القيمة المضافة والرسوم المفروضة على العمال الأجانب والارتفاع في أسعار الطاقة المحلية، هذا كله يفيد دخل الحكومة، لكنه أدى إلى تراجع في نفقة المستهلكين، وفي نمو القطاع الخاص، ما يترك المواطنين السعوديين متخوفين".

 

وترى هاوس أن "تحويل اقتصاد مرتبط بالحكومة إلى اقتصاد يعتمد على القطاع الخاص، والمبادرة الشخصية مسألة في غاية الصعوبة، كما اكتشف قبل ذلك ميخائيل غورباتشوف، عندما أدت إصلاحاته إلى انهيار الاتحاد السوفييتي، فلم يكن أولئك المواطنون الذين اعتادوا على العيش تحت هيمنة الدولة، ولا أولئك المستسلمون للاعتماد على الحكومة أن يتغيروا بسرعة".

 

وتؤكد الكاتبة أن "ارتفاع أسعار النفط الآن يعزز من مقاومة المجموعتين، ما يزيد من التحديات لقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، ويستمر الكثير من السعوديين بالقول إن التغير المؤلم لا حاجة له؛ لأن (لدى الحكومة أموالا)، وتقدر شركة (جدوى) بأن دخل صادرات النفط سيصل إلى 223 مليار دولار هذا العام، أي 31% زيادة عن العام الماضي، فتلك الزيادة المتوقعة والمئة مليار دولار، التي تقول الحكومة أنها حصلت عليها من معتقلي فندق ريتز كارلتون، تؤديان إلى أن يرى الكثير من السعوديين عدم الحاجة لتضحيتهم". 

 

وتقول هاوس: "مما يحسب لولي العهد هو أنه، على خلاف أسلافه، لا ينقل تلك المداخيل للمواطنين على شكل مساعدات ودعم للمواد الأساسية، وبدلا من ذلك يستخدمها لسد العجز في ميزانية الحكومة".

 

وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "التحدي الذي يواجه ولي العهد هو البقاء صامدا في مسألة توزيع المنح، وإنهاء توجه الحكومة على مدى العقد الماضي لإقامة مشاريع ضخمة، وجعل القطاع الخاص يقود الاقتصاد، وما دامت الحكومة تختار الفائزين والفاشلين فإن القطاع الخاص سيبقى مقزما وغير قادر على توظيف الساعين لعمل الآن أو الثلاثمئة ألف سعودي الذين يدخلون سوق العمل كل عام". 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا