سياسة عربية

إلى ماذا يهدف الاحتلال من نبش مقبرة باب الرحمة بالقدس؟

عمال تابعون للاحتلال ينبشون مقابر لعوائل مقدسية قبالة باب الرحمة

حذر مختصون وباحثون في شؤون المسجد الأقصى من خطورة التحركات الإسرائيلية الأخيرة في منطقة باب الرحمة ومقبرة الرحمة، بعد عمليات نبش لعدد من القبور تمهيدا لتجريفها.

ويقع باب الرحمة ومقبرته في الجهة الشرقية من المسجد الأقصى، وهي المنطقة الوحيدة البعيدة عن الاتصال بالأحياء الفلسطينية بمدينة القدس المحتلة، وتشكل هدفا إسرائيليا منذ سنوات طويلة في محاولة للسيطرة عليها وفتح الباب أمام المستوطنين للدخول بكل حرية لساحات المسجد.

وخلال الأيام القليلة الماضية، شرع عدد من العمال الإسرائيليين بحراسة قوات الاحتلال بالعبث في عدد من القبور قرب باب الرحمة، إلا أن مقدسيين تصدوا لهم وتم اعتقال عدد منهم.

 

تفريغ المنطقة

الأكاديمي والباحث في الشؤون المقدسية الدكتور عبد الله معروف قال، إن ما يحدث في منطقة باب الرحمة تجسيد لخطط الاحتلال تحويل المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى إلى منطقة "عبادة واقتطاعه لصالح المستوطنين تمهيدا للتقسيم المكاني".

وأوضح معروف لـ"عربي21" أن المنطقة الشرقية للمسجد الأقصى من أكثر المناطق التي يسعى الاحتلال لاقتطاعها منذ سنوات، ويحاول بكل قوة تفريغها من الوجود الإسلامي، لتشكل حلا مرحليا للمستوطنين نظرا لمكانته الدينية لدى بعض الجماعات المتطرفة.

وأشار إلى أن فكرة إعادة افتتاح باب الرحمة بالنسبة للجماعات اليهودية، ترتبط بمبدأ إزالة "النجاسة" وخاصة الموتى؛ لأنهم وفق العقيدة اليهودية نجاسة لابد من تطهيرها، ولا يمكن دخول "جبل الهيكل وفق زعمهم عبر مدخل مليء بالنجاسة".

ولفت معروف إلى أن العمل يجري الآن لتفريغ الناحية الشمالية من المقبرة، وسبق ذلك عمليات تفريغ من الناحية الجنوبية عند الزاوية الجنوبية الشرقية من سور المسجد الأقصى.

وقال إن الجهات الجنوبية من المقبرة فرغت بشكل كبير عبر اعتداءات متواصلة خلال السنوات الـ 3 الماضية، فضلا عن السيطرة على منطقة القصور الأموية المحتلة بالكامل والمرتبطة بسلوان أو ما يسمى بـ"مدينة داوود".

 وأضاف: "حتى الآن تم تفريغ نحو 200 متر من القبور، وعمليات النبش ستطال إن لم تحدث هبة توقفها قبري الصحابيين عبادة بن الصامت وأوس بن شداد.

وشدد على أن الخطورة من تزايد المشاريع التهويدية حول المسجد الأقصى، هي عملية قطع الاتصال بين أجزائه من المركز الجماهيري الملاصق لباب الرحمة، ليصبح الحوض المقبل للسيطرة الإسرائيلي من باب الأسباط مرورا بمقبرة الرحمة المرتبطة بالقصور الأموية وسلوان إلى أقصى الجنوب الغربي لحائط البراق.

وتابع: "سنكون في تلك اللحظة أمام فصل حقيقي للمسجد الأقصى عن محيطه الشرقي والجنوبي".

 

المنطقة الشرقية

 

من جانبه قال نائب مدير عام مؤسسة القدس الدولية أيمن زيدان، إن محاولة نبش مقبرة باب الرحمة تأتي في إطار التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وسلوك الاحتلال يرصد منذ فترة طويلة بالسعي نحو الساحات الشرقية للمسجد الأقصى.

وأوضح زيدان لـ"عربي21"  أن الساحات الشرقية للأقصى شهدت نشاطا مضطردا خلال السنوات الأخيرة، وتصاعدا في مسارات المستوطنين داخل الساحات التي يتم رصدها خلال الاقتحامات المتكررة.

وأشار إلى أن الاحتلال رفض بعد إعمار المصلى المرواني وتجميع مخلفات الترميم في الساحات الشرقية إزالتها، وجاء قرار ترامب الأخيرة بشأن نقل السفارة بدفعة قوية من أجل المضي في مشروع السيطرة على المكان، وشهدنا في الفترة الأخيرة ممارسات لم يكن من السهل القيام بها سابقا، وأهمها السماح بالقرابين اليهودية عند القصور الأموية ودعوات لإفراغ المسجد خلال عيد الفصح.

وشدد زيدان على أن أهمية المقبرة كإرث إسلامي ومعلم تاريخي مهم من معالم المسجد الأقصى، خاصة مع وجود قبور لصحابة كبار أمثال شداد بن أوس وعبادة بن الصامت، وقال: "قرار اليونسكو الأخير باعتبار القدس تراثا إسلاميا، يعطي السلطات الأردنية صاحبة الحق في الإشراف على المكان قوة لرفع السقف بوجه اعتداءات الاحتلال".

ولفت إلى أن الاحتلال يسعى لأن يكون باب الرحمة محطة رئيسية ضمن محطات قطار القدس المحتلة، ومدخلا لا يمر بالأحياء الفلسطينية لسهولة الدخول من قبل المستوطنين دون إزعاج أو تشويش وإيجاد موطئ قدم.

ودعا زيدان إلى هبة شعبية بوجه المشروع الجديد على غرار ما حدث في هبة باب المغاربة، التي أجبرت الاحتلال على وقف استكمال مشاريعه في تلك المنطقة.

وقال إن الهبة الشعبية من المقدسيين والخارج كفيلة بإجبار الاحتلال على التفكير في تبعات الاستمرار في مشروع تدميري للإرث الإسلامي في القدس المحتلة، والضغط في الوقت ذاته على الساسة العرب والمسلمين للتحرك سريعا لممارسة ضغط دولي.