صحافة دولية

واشنطن بوست: هل ساعد تأييد ترامب المحتجين الإيرانيين؟

استطلاع: معظم الإيرانيين يعتقدون أن تعاطف ترامب مع المحتجين لم يساعدهم- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للكاتب آدم تيلور، تقول فيه إن استطلاعا أجري بعد الاحتجاجات واسعة النطاق التي قامت في إيران، التي أدت إلى سقوط أعداد من القتلى والجرحى، تظهر أن معظم الإيرانيين يشتكون من الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية، ويتشاركون في ذلك مع الإيرانيين الذين قاموا بالاحتجاج ضد الحكومة.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الاستطلاع، الذي نشره مركز الدراسات الدولية والأمنية في ماريلاند بالتعاون مع "إيران بول"، أظهر أن هناك القليل من التأييد لتغيير النظام السياسي الإيراني، أو تخفيف القوانين الإسلامية الصارمة، بالإضافة إلى أن انتقاد السياسة الخارجية الإيرانية في سوريا والعراق لم يكن على نطاق واسع بين عامة الشعب.

 

ويبين تيلور أن الإيرانيين شعروا بأن التعبير عن التأييد للمتظاهرين من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمسؤولين الأمريكيين الآخرين لم يساعد المحتجين، حيث ذكر 39% من المستطلعة آراؤهم بأن ذلك أضر بمطالب المحتجين، فيما أجاب 9% فقط بأن ذلك ساعدهم، مشيرا إلى أنه عندما تم سؤالهم عن رأيهم في أمريكا، فإن الاستطلاع وجد أن 85% من المستطلعة آراؤهم يحملون آراء سلبية، مقابل 1% فقط يحملون رأيا إيجابيا جدا.

 

وتلفت الصحيفة إلى أن الإيرانيين خرجوا في 28 كانون الأول/ ديسمبر في مدينة مشهد في شمال إيران؛ للاحتجاج على ارتفاع الأسعار والمشكلات الاقتصادية، وانتشرت الاضطرابات بسرعة إلى ما لا يقل عن 75 مدينة أخرى خلال أيام قليلة، مشيرة إلى أن عضو برلمان إيرانيا قال في أوائل كانون الثاني/ يناير، بأن 21 شخصا قتلوا، فيما تم اعتقال 3700 شخص، بعد أن قامت السلطات بشن حملة ضد الاحتجاجات. 

 

ويستدرك التقرير بأنه رغم خفوت حدة التظاهرات، إلا أن الاستطلاع، الذي نشرت نتائجه يوم الجمعة، يظهر أن قطاعا واسعا من الشعب غير راض عن الأوضاع الاقتصادية، وهو ما أشعل الاحتجاجات أصلا، كما وجد الاستطلاع، الذي أجري بين 16 و24 كانون الثاني/ يناير، أن 69% من الإيرانيين وصفوا الاقتصاد بأنه سيئ، وهو أعلى رقم تحصل عليه "إيران بول" منذ أن بدأت تجري الاستطلاعات عام 2015. 

 

ويكشف الكاتب عن أن أكثرية المستطلعة آراؤهم "58%"، قالوا بأن الأوضاع تسير بشكل عام في إيران نحو الأسوأ، في الوقت الذي قال فيه 41% بأن أوضاع عائلاتهم الاقتصادية تراجعت على مدى الأربع سنوات الماضية.

 

وتجد الصحيفة أنه مع أنه لم يتم سؤال المستطلعة آراؤهم بشكل مباشر عما إذا كانوا يؤيدون الاحتجاجات أم لا، فإنه تم سؤالهم إن كانوا يتفقون مع عدد من شكاوى المحتجين، فتبين أن أكثر من 8 من كل 10 إيرانيين يتفقون بقوة مع الرأي القائل بأن على الحكومة مكافحة الفساد، والحد من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، منوهة إلى أن عددا أقل، لكنه كبير أيضا، ركز على أسعار البنزين، وتعويض المؤسسات المالية التي فشلت.

 

ويذكر التقرير أنه عندما تم ترتيب اسباب الاحتجاجات، بحسب نسبة المشاركين الذين "اتفقوا معها بقوة"، تبين أن أكثر ما يؤيده الإيرانيون هو تذمر المحتجين من الأوضاع الاقتصادية، فيما رأى 85.2% من المستطلعة آراؤهم أنه يجب على الحكومة أن تبذل جهدا أكبر في مكافحة الفساد، وقال 81.3% إنه يجب أن تعمل الحكومة المزيد للحد من أسعار المواد الغذائية، ورأى 73.2% أن على الحكومة عدم رفع أسعار البنزين، فيما رأى 69.2% أن على الحكومة عدم تخفيض الدعم، ورأى 63% أن على الحكومة استخدام المزيد من القوة لوقف مثيري الشغب، فيما يؤيد 46% دفع تعويضات للمؤسسات المالية. 

ويفيد تيلور بأن 21.7% رأوا بأنه لا يجب أن تطبق الحكومة القوانين الإسلامية الشرعية، ورأى 21.5% أن على الحكومة أن تخفض من نفقاتها في مناطق مثل سوريا والعراق، ورأى 17.2% أن التدخل في العراق وسوريا ليس في الصالح الوطني، فيما رأى 4.9% فقط بأن النظام السياسي في إيران بحاجة إلى تغيير جذري. 

وتقول الصحيفة إنه لطالما اشتكى الإيرانيون بسبب تباطؤ اقتصادهم، والآثار السلبية للعقوبات الدولية على أوضاعهم المالية الشخصية، لكن عددا من التطورات العام الماضي -بما في ذلك زيادة في الأسعار، والتقشف في النفقات الحكومية، وتنامي المؤشرات على عدم عدالة توزيع الثروة، والزيادة في الاضطرابات العمالية- كلها ساعدت لأن يصل الأمر إلى تحول بين الشعب بشكل عام".  

وينقل التقرير عن الزميلة المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط في معهد "بروكنغز" سوزان مالوني، قولها لـ"واشنطن بوست" في كانون الثاني/ يناير: "معظم المظاهرات في إيران تتعلق بقضايا اقتصادية.. الفرق أنها استفادت من شعور عميق بالعزلة والإحباط، حيث أن الناس لا يتظاهرون فقط لتحسين أوضاع العمل والأجور، لكنهم يصرون على رفض النظام بشكل كامل". 

وينوه الكاتب إلى أنه "في حالة واحدة على الأقل فإن الغضب بشأن الاقتصاد تحول إلى أمور أخرى، حيث كانت هناك تقارير تفيد بأن المتظاهرين هتفوا (الموت للديكتاتور)، وهو انتقاد فريد للزعيم الروحي علي خامنئي، بالإضافة إلى أن بعض النساء الإيرانيات تظاهرن مؤخرا؛ احتجاجا على اضطرارهن للبس غطاء الرأس، واعترف الرئيس حسن روحاني في كانون الثاني/ يناير بأنه كانت (للناس مطالب اقتصادية وسياسية واجتماعية)، ومع أن ذلك قد يكون صحيحا بشكل عام، إلا أن نتائج الاستطلاع تبين أن المجتمع منقسم في الناحيتين السياسية والاجتماعية أكثر من انفسامه في الناحية الاقتصادية". 

 

وتذكر الصحيفة أن معظم الشعب لم يتفق مع فكرة أن البلد بحاجة إلى تغيير سياسي جذري بنسبة قدرها(54%)، في الوقت الذي اعترضت فيه أقلية كبيرة بشدة على فكرة تخفيض النفقات العسكرية على الصواريخ بنسبة قدرها (40%)، فيما اعترض 30% من الشعب بشدة على فكرة ألا تكون الحكومة صارمة في تطبيق الشريعة، و30% على أن التدخل الإيراني في العراق وسوريا لا يخدم مصالح إيران.

 

وبحسب التقرير، فإن الاستطلاع أظهر أن معظم الإيرانيين راضون عن الطريقة التي تعاملت بها السلطات مع الاحتجاجات، فحوالي الثلثين قالوا إن الشرطة تعاملت بشكل جيد نوعا ما أو جيد جدا، و64% قالوا إنهم استخدموا الحجم المناسب من القوة.

 

ويستدرك تيلور بأنه مع أن ترامب كان من بين المسؤولين الأمريكيين الذين أعربوا عن تأييدهم للإيرانيين خلال الاحتجاجات، حيث قام بالتغريد خمس مرات خلال ثلاثة أيام بخصوص الاحتجاجات في نهاية كانون الثاني/ يناير، وعرض الدعم على المحتجين, وانتقد الحكومة، إلا أن الاستطلاع وجد أن 48% من الإيرانيين شعروا بأن تعليقات الرئيس والمسؤولين الأمريكيين لم تؤثر على الأزمة.

 

وتشير الصحيفة إلى أن الاستطلاع أظهر أن هناك ارتيابا عاما تجاه أمريكا بين الشعب الإيراني، مع أن معظم الإيرانيين يؤيدون الاتفاقية النووية، التي توصلت لها إيران مع أمريكا ودول غربية أخرى خلال حكم أوباما، إلا أن 86% يتشككون في أن أمريكا ستنفذ التزاماتها في الاتفاقية، ورأى 42% منهم أن أمريكا انتهكت تفاصيل الاتفاق.

 

ويفيد التقرير بأن الكثير من غضب الإيرانيين كان موجها نحو ترامب، حيث قيّم 69% منهم سياسته بصفر من 10، منوها إلى أن الإيرانيين يميزون بين الحكومة الأمريكية والشعب الأمريكي، حيث قال 41% منهم بأن الشعب الأمريكي جيد أو جيد جدا. 

 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن "إجراء الاستطلاعات في بلد استبدادي، مثل إيران، أمر صعب، حيث لا يشعر الناس بحرية التعبير عن رأيهم، لكن (إيران بول) أثبتت على مدى السنوات الأخيرة نجاحها، وكان توقعها للانتخابات الرئاسية 2017 دقيقا، وانخفض هامش الخطأ إلى أقل من 2%".