صحافة دولية

إلى أي مدى ستستمر الصداقة بين إسرائيل والسعودية؟

الصحيفة تطرقت إلى لقاء الجنرال السعودي أنور عشقي بمسؤولين إسرائيليين- أرشيفية

 نشرت صحيفة "نوفوي فاستوتشني آبازريني" الروسية، الأربعاء، تقريرا تحدثت فيه عن أبعاد الصداقة التي تربط بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.


 وقالت في تقرير ترجمته "عربي21"، إن السعودية وإسرائيل تبديان، في الآونة الأخيرة، استعدادا متبادلا للتقارب والتعاون على منبر المقاومة المشتركة لإيران. وفي الوقت الراهن، لا يزال هذان المعارضان الشرسان لطهران يحافظان على سرية مشاوراتهما، ولم يصلا إلى مستوى الاتصالات الرسمية بين الدول.


 وذكرت الصحيفة أن الرياض وتل أبيب على استعداد لاتخاذ قرارات جريئة، بما في ذلك تبادل الزيارات الرسمية وإقامة علاقات دبلوماسية. وتجلى ذلك في المقابلة التي أجرتها صحيفة "إيلاف" الإلكترونية السعودية، مع رئيس هيئة الأركان العامة الإسرائيلية، الجنرال غادي إيزنكوت، وهي سابقة من نوعها في تاريخ العلاقات بين البلدين.


وكانت قد نشرت في طبعة لها، بتاريخ 16 تشرين الثاني/ نوفمبر، أن الجنرال الإسرائيلي دعا السعودية وبقية "الأطراف المعنية" إلى المشاركة في الحد من النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط. كما أشار رئيس الأركان الإسرائيلي إلى استعداد تل أبيب لتبادل المعلومات الاستخبارية مع الرياض لتحديد التهديدات المسلطة من الجانب الإيراني.


 وأشارت الصحيفة إلى الزيارة التي أداها الوفد السعودي برئاسة الجنرال المتقاعد أنور عشقي، أحد المقربين من الملك السابق، حيث التقى مع المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلي، دوري غولد. كما ركز عشقي خلال المحادثات التي أجراها في إسرائيل على مجال التعاون العسكري. وفي شهر أيار/ مايو الماضي، ذكرت صحيفة "رأي اليوم" الصادرة من لندن، أن إسرائيل عرضت على السعودية نظامها الشهير المضاد للصواريخ "القبة الحديدية".


 وفي وقت سابق، تداولت وسائل الإعلام العربية على نطاق واسع اقتراح وزير النقل والاستخبارات الإسرائيلية، يسرائيل كاتس، الذي يفيد بإمكانية دعوة الملك سلمان بن عبد العزيز لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لزيارة المملكة وإقامة علاقات دبلوماسية على أكمل وجه.


وبينت الصحيفة أنه حتى وقت قريب، كانت المملكة تحظر رسميا على الإسرائيليين دخول أراضيها. ولم تكتف المملكة فقط بمنع بيع تذاكر السفر على متن طائراتها للإسرائيليين، بل تجاوزت ذلك لتمنع الإسرائيليين الذين يحملون جوازات سفر دول أخرى من السفر على طائراتها، في حال وجدت بحوزتهم بعض الأمتعة التي تدل على انتمائهم إلى الديانة اليهودية؛ على غرار القبعة والتورات.


وأوضحت أن سبب التقارب بين العالم العربي وإسرائيل يكمن إلى حد كبير في إنشاء جبهة مناهضة لإيران، إذ أن السعوديين يطمحون إلى أن يكونوا أسياد الشرق الأوسط بأسره. وفي هذا الإطار، اعترفت الحكومة الإسرائيلية بإجراء مشاورات سرية مع المملكة العربية السعودية، معظمها كرس لاحتواء التهديدات الإيرانية بصورة مشتركة. ومؤخرا، أكد وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، حقيقة الاتصالات السرية بين تل أبيب والرياض.


وتطرقت الصحيفة إلى تاريخ تطور موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط، وتغير مواقف إسرائيل تجاه إيران على مر الزمن. فعند ظهور ما يسمى بالشعب الإسرائيلي، عرفت بلاد فارس بتعاونها، إذ أرسل الملك الفارسي كورش، اليهود إلى القدس، ولعل ذلك ما يفسر سبب ذكره في تاريخ اليهود باسم "المعاون العظيم".  


وعند قيام دولة فلسطين المحتلة، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، دافيد بن غوريون، إيران حليفا طبيعيا. ومن هذا المنطلق، أصبحت إيران بالنسبة للكثير من الإسرائيليين، البيت الثاني، أما طهران فقد أضحت مثل "مكة" بالنسبة للكثير من رجال الأعمال الإسرائيليين.


وبينت الصحيفة أن "الخبراء في المخابرات الإسرائيلية قاموا بتدريب الشرطة السرية لشاه إيران، وهي منظمة سافاك أو ما يعرف بمنظمة المخابرات والأمن القومي. وبعد ذلك، سافر كبار قادة الجيش الإسرائيلي من خلال إيران دون عراقيل إلى كردستان العراق لتدريب ميليشيات البيشمركة (التشكيلات المسلحة الكردية المعارضة لصدام حسين)".


كما ساعدت إسرائيل إيران في حربها التي دامت ثماني سنوات ضد صدام حسين. وهكذا أزالت إسرائيل عقبة كانت تقف أمام هيمنة إيران في الشرق الأوسط، بحسب الصحيفة الروسية.
 
وأوردت أن الوقت بالنسبة لإيران كان كفيلا بتغيير سياستها وأهدافها في المنطقة. فبناء على تعليمات البيت الأبيض، قرر السياسيون الإسرائيليون تصحيح أخطائهم السابقة التي ساهمت في "تعزيز موقف إيران"، مقابل الاستعداد لإقامة تحالف مع خصومهم من المملكة العربية السعودية.


ونوهت الصحيفة بأنه لا يمكن التشكيك في أن التحالف العسكري السياسي بين اليهود والسعوديين مؤقت. ومع ذلك، لم تقبل الأنظمة العربية حتى الآن روح الدولة اليهودية، رغم محاولات الإسرائيليين إقناعهم بأنهم "متحدون اليوم معهم للتعبير عن التهديد الذي يشكله عدوهم المشترك، والصمود أمام هذا الوضع الفوضوي الذي يسود المنطقة".


وفي الختام، بينت الصحيفة أنه على الرغم من أن الرياض لم تعلن بكل وضوح عن رغبتها في تدمير الدولة اليهودية، إلا أنها تدعم الجماعات الإرهابية التي تعمل على وجه التحديد في هذا الاتجاه. وبالتالي، يمكن أن توجه الرياض غضبها ضد تل أبيب في أي لحظة.