قضايا وآراء

البحث عن صديق!

حمزة زوبع
1300x600
1300x600
راهن الجنرال عبد الفتاح السيسي على فزاعة الإخوان، فلما لم تؤت ثمارها؟ توجه صوب ورقة الإرهاب، ويبدو أن هذه أيضا تواجه مصير ما قبلها، ثم نراه اليوم يراهن على دونالد ترامب كرئيس لأمريكا، ولكنني أرى أن هذا الرهان يحمل مخاطر رهيبة بدت نذرها تبدو في الأفق.

قرأت عدة مقالات مكتوبة بأقلام كتاب أقرب ما يكونون إلى اللوبي الإعلامي الذي يتم الاستعانة به من قبل الإمارات العربية المتحدة لدعم السيسي على الساحة الأمريكية، أحد هذه المقالات بعنوان " مصر غير المستقرة بحاجة إلى صديق"، ونشر بمجلة "الفورين بوليسي" بدا فيه الكاتب جيمس ستافيرديس كما لو كان يتوسل فيه إلى الرئيس الأمريكي ترامب أن ينظر بعين الرضا إلى السيسي وإلى حاجته الماسة إلى الدعم السياسي والاقتصادي وعدم الاكتفاء بالاتصال عبر الهاتف.

زار وزير دفاع أمريكا الإمارات، ولم يزر القاهرة، ومرة أخرى طالب كاتب المقال المشار إليه وزير الدفاع الأمريكي بالتوجه فورا إلى مصر، وهذا يعني أن إدارة ترامب لا تضع العلاقة مع الجنرال ضمن أولوياتها، بمعنى أنها لا ترغب في علاقات قوية، بل في علاقات تبعية أشار إليها الكاتب في ثنايا مقاله حين أشار على إدارة ترامب أن تدعم الشراكة بين مصر و"الكيان الصهيوني" يعني إذا لم ترغب الإدارة في علاقات مع الجنرال، فلتكن من وراء جدار "الكيان الصهيوني" وهذا ربما يفسر سر التعاون بين الجنرال والكيان الصهيوني خلال الفترة الماضية: ثلاث سنوات ونصف منذ الانقلاب وحتى اليوم.

حسب موقع قناة الجزيرة، ونقلا عن موقع معاريف الصهيوني، فإن هناك شراكة أمنية بين الجنرال والكيان الصهيوني، وأيضا تعاون عسكري غير منكر من جانب السيسي، ناهيك عن التعاون واللقاءات السياسية التي فضحها نتنياهو قبل أيام، وفضح معها علاقات الجنرال وانبطاحه أمام الكيان الصهيوني.

اليوم يمكننا وبوضوح تفكيك شبكة العلاقات التي صنعت الانقلاب، وهو ما أكدنا عليه في مقالات سابقة وفي مشاركات إعلامية عبر قناة الجزيرة وقناة مكملين في برنامج" مع زوبع ".

الصورة تتضح لتصبح مقاربة للواقع الحقيقي، فالجنرال في الحقيقة ليس بطلا قوميا، ولا معارضا للهيمنة الأمريكية، ولا حجر عثرة في التوسع الصهيوني، بل هو مجرد عميل مباشر لأجهزة الاستخبارات الصهيونية، وعميل غير متفرغ أو حسب الطلب لعدة أجهزة مخابراتية أخرى تعتبره أحد أوراقها في أوقات الأزمات، وهي لا تستغني عنه؛ لأنه بالفعل كنز استراتيجي قام بعمل الكثير للكيان الصهيوني من الانقلاب وحتى اليوم، ولكن وللحقيقة فأمامه الكثير ليقوم به وإلا تم التخلص منه، والمطلوب هو تصفية القضية الفلسطينية سواء بدعم حل الدولة اليهودية وهو ما يعني انهيار فكرة الدولة الفلسطينية المزعومة، والتعاون مع فكرة الوطن البديل للاجئين المطلوب إعادتهم، ولكن إلى مكان آخر "سيناء"، عوضا عن أرضهم التي نفوا وأخرجوا منها.

أدرك السيسي مع مرور الوقت وتأخر إدارة ترامب في التواصل معه أن بوابة الكيان الصهيوني هي الحل؛ لذا فقد تسارعت الأحداث، وبدأ يكشف عن حجم عمالته؛ أملا في إرضاء ترامب ورفاقه المشغولين بالحرب على وسائل الإعلام وعلى المؤسسة العريقة التي بدأت حملتها لعزله عبر إجراءات سحب الثقة على هامش علاقاته المشبوهة مع روسيا.

يشعر السيسي بأنه في ورطة، فكل شيء تقريبا تحول على يديه إلى رماد، بدءا من مليارات الخليج التي تحول جزء منها لحساب وزارة الدفاع والأجهزة التابعة لها في الخارج، كما كشفت التسريبات التي أذاعتها قناة مكملين في عام 2014، وانتهاء بانهيار السياحة وتراجع مردود قناة السويس الأصلية بعيدا عن انهيار 120 مليار جنيه هي حجم الاستثمارات التي أنفقت على التفريعة التي أنشأها دون أدنى اعتبار لدراسات السوق العالمية للتجارة، مرورا بتوقف عدة مشاريع أنفق عليها مليارات، مثل بعض أنفاق قناة السويس العابرة إلى سيناء، ووقف بناء العاصمة الجديدة، وتعثر استزراع ملايين الأفدنة الزراعية، واختفاء مشروع بناء مليون وحدة سكنية .

كل هذا كوم، وما يحدث في سيناء كوم آخر، فالجنرال الذي من المفترض أن تخصصه هو العسكرية والقتال يبدو ضعيفا، هزيلا عاريا وهو يعاني في سيناء ولا يملك السيطرة على الوضع في شمالها، رغم أنه أنفق المليارات بالتعاون مع الكيان الصهيوني لهدم أنفاق الحياة التي تربط قطاع غزة المحاصر برئة للتنفس مع مصر الشعبية، إلا أنه يقف عاجزا عن فعل شيء اللهم إلا الظهور بين الفينة والفينة تارة معزيا وتارة باكيا وهو ينعى إلى الشعب فقدان الضباط والجنود الذين زج بهم ليلقوا حتفهم وليتاجر بدمائهم ويطالب العالم بتكوين تحالف دولي لمحاربة الإرهاب في سيناء في محاولة لتدويل الوضع في سيناء بدلا من إعمارها، والسؤال البسيط وأين المليارات التي خصصتها للحرب على الإرهاب في سيناء؟ وأين الميسترال حاملة الطائرات، وأين طائرات الرافال والميج والإف 16؟

نسيت أن أقول إن المقال الثاني نشر في جريدة "ذا هيل الأمريكية" وكتبه عادل العوضي، وهو باحث دكتوراه في كلية كنجز بلندن بعنوان "قيامة العلاقات المصرية الأمريكية"، وهو أشبه بالتمنيات أكثر منه تحليل سياسي، وحاول الكاتب تسويق السياسي وإعادته إلى الساحة الدولية عبر دوره في الشرق الأوسط تماما كما يرى كاتب المقال الأول والمشار إليه في بداية هذا المقال.

لكن الكاتب، ودون أن يدري، أوضح أن أحلام الجنرال قد تتحطم بسبب معارضة المؤسسة السياسية والليبرالية الأمريكية توجهات ترامب الجديد في بناء شراكة تمناها الكاتب أن تكون استراتيجية.

خلاصة القول أن الجنرال بنى قصرا على الرمال بعد فوز ترامب، لكن الرياح القادمة من أمريكا ذاتها، والتي قد تطيح بترامب نفسه، سوف تأتي على ما تبقى من الجنرال مبكرا. أقول ربما.
التعليقات (0)