صحافة دولية

رأي الغارديان بالقانون الدولي: نحن بحاجة للتطبيق وأخذ العبر

الغادريان
الغادريان
أصبحت الحرب في اليمن تُشبّه بأنها أداة لاستمرار الخطط السياسية، لكن عبر وسائل أخرى، حيث لا تقتصر هذه الوسائل فقط على الأساليب الوحشية، وإنما تتعمد ارتكاب جرائم فظيعة. 
 
وفي السنوات الأخيرة، ساهمت هذه السياسات في تحويل مسار الهدف النبيل للمساعدات الإنسانية، المتمثل في حماية البشرية من الهجمات الدنيئة التي تتعرض إليها المنشآت الصحية والمدارس في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن التغاضي عن معاقبة هذه الأطراف. 
 
وفي ظل هذه الهجمات المتعمدة، أطاحت إحدى الغارات الجوية بأكثر من 140 مدنيا، عندما كانوا بصدد حضور جنازة في صنعاء. وكانت قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية هي المسؤولة عن هذه الهجمات الوحشية، قصد الإطاحة بالمتمردين الحوثيين، الذين تدعمهم إيران، إلا أنها لم تصب الهدف، وارتكبت جرما في حق أبرياء.

ولكن، فيما يبدو، فإن هذه الهجمات المتعمدة لم تكن اليمن ضحيتها الوحيدة، فلطالما عانت سوريا من مثل هذا القصف. وعموما، خلال التحالف مع روسيا، تم استخدام الطائرات الحربية والأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، لاسيما في حلب، ما أدى إلى تعرض المستشفيات والمدارس إلى الدمار وعرقلة وصول قوافل المساعدات التي ترسلها الأمم المتحدة.
 
وفي هذا الأسبوع، تمت محاصرة سكان حلب، حيث عمد النظام إلى تجويعهم بدعم من روسيا وإيران. وزعم الأسد أن هذه العملية تهدف إلى تطهير المنطقة من الإرهابيين، إلا أنها في الحقيقة تستهدف المواطنين بالدرجة الأولى. 
 
وقد أدان مجلس الأمن الدولي بشدة هذه الجرائم، التي تنتهك القانون الإنساني الدولي. وتجدر الإشارة إلى أنه رغم هذه الانتهاكات الشنيعة، يدعم أربعة من الأعضاء الخمسة مجلس الأمن الدولي هذه التحالفات، التي تهاجم المنشآت العمومية في كل من سوريا واليمن والسودان، وتطيح بضحايا مدنيين من بينهم أطفال. 

ومن ناحية أخرى، فإن على روسيا كسب الحرب السورية لصالح الأسد، قصد التخلص من المعارضة، تحت أي تكلفة. ومن جهتها، تتوعد لجنة المساءلة والعدالة الدولية الأنظمة الاستبدادية في منطقة الشرق الأوسط، وتحاول ملء الفراغ الذي تسببت فيه التدخلات التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة. والجدير بالذكر في هذا السياق أن مصر تعدّ من بين البلدان التي أيّدت القرار الروسي في مجلس الأمن، الذي دعم عدم وقف الغارات الجوية الروسية على حلب، فمثل هذه الإجراءات تضعف القانون الدولي. 
 
أما من جهتها، فإن الحكومات الغربية تفضل سياسات أكثر عملية. وفي هذا الإطار، تم منح حصانة دبلوماسية "مؤقتة" لكل من وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني ووزير العدل الإسرائيلي؛ بهدف حمايتهم من الاعتقال بتهم "مزعومة" حول ارتكاب جرائم حرب سنة 2004. 
 
لكن، هل من العدل إذن أن تفتح المحكمة الجنائية الدولية تحقيقات في دول إفريقية، في حين يتم غض الطرف عن دول الشرق الأوسط، التي يتعرض فيها السكان لجرائم ضد الإنسانية، وتُفلت من العقاب في نهاية المطاف؟ 

وبناء على ذلك، فإن تأسيس قانون إنساني دولي يمثل تقدما حقيقيا للبشرية يجب عدم التخلي عنه، إلا أنه لا يزال ينتظر هذا التكوين مزيدا من العمل. يجب جمع المزيد من الأدلة حول جرائم الحرب، وهو ما شرعت لجنة العدالة والمساءلة الدولية في القيام به، من أجل مساءلة نظام الأسد، وملاحقته قضائيا في مرحلة لاحقة.  
 
وفي حال تغيرت سياسة روسيا أو سوريا، أو تغير قادة تلك الدول المشاركين في جرائم الحرب، فلن تعدل هذه اللجنة عن محاكمتهم. وعلى سبيل المثال، هذا ما حدث بالفعل مع الرئيس التشيلي، الدكتاتور بينوشيه، الذي توفي تحت الإقامة الجبرية سنة 2004، بتهمة انتهاك حقوق الإنسان. وعموما، فإن هذا هو الدرس التاريخي الذي لا يفضل كل من بوتين والأسد أن يتكرر معهم، أو أن يواجهوا المصير ذاته، إلا أنهم مضطرون في كل الأحوال للتعلم من هذا الدرس.
 
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الغرب يواجه فرصة يثبت من خلالها أنه يحترم القواعد والقوانين التي يفرضها القانون الدولي. وبالتالي، فإن القوات العراقية التي يدعمها الغرب تهدف إلى استعادة السيطرة على مدينة الموصل، معقل تنظيم الدولة في سوريا.
 
ومن أجل تحرير مدينة الموصل، يتم الاستعداد لخوض معركة من شأنها أن تكلف الإنسانية الكثير؛ حيث ستتسبب في نزوح 1.2 مليون مدني، حسب ما أفادت به الأمم المتحدة. ومن أجل تأمين هذه العملية، سيتم توفير ممر يؤمن عبور المدنيين إلى مخيمات اللاجئين، التي أنشأتها منظمات مختصة مثل منظمة "أنقذوا الأطفال".
 
أما في العراق، فيمكن اعتبار أن الحكومة العراقية -المدعومة من قبل لندن وواشنطن- هي المسؤولة الوحيدة عن تطبيق القوة، فقد قام الجيش العراقي بقصف العديد من المناطق المدنية، بالاشتراك مع المليشيات الشيعية.

كما أنه في وقت سابق من هذا الشهر، تمكن وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، من الدفاع عن القضية التي لقبها "بالقوة الناعمة"، وذلك بهدف الدفاع عن القيم المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة. وعموما، تقدم الموصل فرصة لتحويل الأقوال إلى أفعال، حيث تبين أن هناك طريقة أفضل لكسب الحرب الحديثة.

الصحيفة: الغادريان

المصدر:

https://www.theguardian.com/commentisfree/2016/oct/14/the-guardian-view-on-international-law-we-need-enforcement-and-example
التعليقات (0)