سياسة عربية

مدنيو مارع بشمال حلب بين فكي تنظيم الدولة والوحدات الكردية

يتولى تنظيم الدولة حصار مارع من ثلاث جهات بينما تغلق الوحدات الكردية الجهة الغربية
يتولى تنظيم الدولة حصار مارع من ثلاث جهات بينما تغلق الوحدات الكردية الجهة الغربية
نزح الآلاف من أهالي مدينة مارع الواقعة في الريف الشّمالي لحلب؛ نتيجة القتال الدائر  بين الفصائل المقاتلة من جهة، وتنظيم الدولة من جهة أخرى، حيث باتت المدينة تحت حصار خانق، في ظل الأحاديث عن اتفاق ما بين الفصائل المقاتل مع الوحدات الكردية، التي تغلق الجهة الغربية من المدينة، لتأمين عبور آمن للمدنيين الهاربين من شبح الحصار ومن ضراوة المعارك.

ويقول مدير المكتب السياسي لألوية المعتصم، مصطفى سيجري، لـ"عربي21"، إنّ الوضع في المدينة صعب للغاية، في ظل استمرار حصار المدينة، ومحاولات التنظيم المتكررة لاقتحام المدينة، مشيرا في الوقت ذاته إلى قيام تنظيم الدولة بتلغيم جميع المحاور التي يُحاصر من خلالها المدينة.

ويحاصر تنظيم الدولة من الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية، فيما تتولى الوحدات الكردية إحكام الحصار من الجهة الغربية.

ويُشير سيجري، من مدينة مارع، إلى تعرض الفصائل للابتزاز من قبل الوحدات الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يُعد بمثابة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، نافيا في الوقت ذاته؛ قيام فصائل المعارضة بالتصعيد مع المقاتلين الأكراد.

وناشد سيجري من أسماهم "شرفاء مدينة عفرين" الكردية؛ بالوقوف إلى جانب إخوتهم في مدينة مارع التي تعاني أوضاعا إنسانية صعبة في ظل حصار أكثر من 1700 عائلة محرومة من الغذاء والأدوية والمحروقات.

واتهم سيجري حزب الاتحاد (PYD) بتنفيذ أجندات خارجية، و تخريب العلاقة الطيبة التي تجمع العرب والكورد عبر التاريخ.

وكان قد تم الاتفاق بين الفصائل المقاتلة في مارع والوحدات الكردية، وبمبادرة من الرابطة السورية للاجئين، على تأمين خروج آمن للمدنيين من المدينة، عبر تل رفعت التي يسيطر عليها "جيش الثوار" المنضوي تحت راية "قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل الواحدات الكردية عمودها الفقري.

لكن الصحفي ياسر الحجي يصف الاتفاق الموقع بين الجانبين بـ"الكيفي"، حيث يشير، في حديث لـ"عربي21"، إلى قيام المقاتلين الأكراد بالموافقة على عبور حوالي ألف عائلة من مدينة مارع، فيما ماتزال ما يقرب من 700 عائلة محاصرة في المدينة.


ويرى الحجي أن المزاجية هي من تتحكم بالموقف، حيث يُسمح في وقت بعبور سيارات الإسعاف وخروج المدنيين، وفي وقت آخر يتم المنع من قبل المقاتلين الأكراد.

في هذا الصدد، يصف المدير الإداري لمشفى الحرية في مارع، طارق نجار، الوضع الطبي في المدينة بالجيد، مشيرا إلى أن المشفى ما يزال يعمل بكامل طاقته، بالرغم من المحاولات المتكررة للتنظيم من أجل اقتحامه، كونه يتمتع بموقع استراتيجي في المدينة، لكن جميع المحاولات باءت بالفشل، بحسب نجار.

ويشير نجار، في حديث لـ"عربي21"، إلى قيام المشفى بتقديم الإسعافات أولية لجميع المصابين، في الوقت الذي يتم نقل الحالات الحرجة إلى المشافي الأخرى أو إلى تركيا، عبر المناطق الخاضعة لسيطرة المقاتلين الأكراد.

وتنوعت الروايات لدى متحدثي الفصائل المقاتلة؛ حول سريان الاتفاق مع المقاتلين الأكراد من أجل تأمين خروج المدنيين من المدينة، ما بين المنع المطلق وفقاً لسيجري، والمزاجية في التعاطي مع ملف عبور المدنيين بحسب حجي، لكن الرواية الكردية مختلفة.

ويقول إعلامي الإدارة الذاتية في ما يسمى بكانتون عفرين، الصحفي "عكيد"، لـ"عربي21"، إنّ الأهالي في مدينة مارع يتوافدون بشكل يومي إلى مدينة عفرين، بسبب الاشتباكات بين الفصائل وتنظيم الدولة ، مشيراً إلى وجود أكثر من 11 ألف نازح من كلجبرين، وقرى إعزاز، ومارع، والشيخ عيسى.

ويشير عكيد إلى أنّ عددا من النازحين بقي في عفرين حيث يسكنون عند أقاربهم، ومنهم من عبر المدينة إلى المخيمات الحدودية، فيما يتم استقبال المتبقين في مخيم رويار في ناحية سيرا، وقرية باصلة، وفق قوله.

وفي هذا السياق، يقول المتحدث العسكري باسم حركة نور الدين الزنكي، النقيب عبد السلام عبد الرزاق، لـ"عربي21": "نحن أرسلنا قوات لمؤازرة الريف الشمالي وما تقتضيه مصلحة الثورة، فالريف الشمالي يعاني من أخطار كثيرة ومشاريع معادية للثورة المتمثلة بخطر تنظيم الدولة والنظام ومليشياته والأحزاب الكردية العميلة للنظام المجرم".

وكانت الحركة قد أرسلت نحو 400 مقاتل إلى الريف الشمالي، لكن ناشطين يتساءلون عن مدى مساهمة هذه القوات في فك الحصار عن مارع.

ويُضيف عبد الرزاق: "لن نكون قوات عرض واستعراض، ولن ندخل معارك إلا لمصلحة الثورة السورية وبتنسيق مع الفصائل الموجودة في الريف الشمالي، من خلال غرفة عمليات قوية قادرة على العمل في هذه الظروف الصعبة، ووسط هذه التجاذبات في هذه البقعة الضيقة بالجغرافيا الواسعه بمدلولاتها ورمزيتها"، وفق قوله.

وتحدث عبد الرزاق عن قيام الحركة بدراسة معمقة للمعركة، "من طبيعة الأرض والعدو والإمكانيات لدينا ولدى الفصائل التي سوف تعمل معنا وبدأنا بالعمل الجدي"، موضحا أن "قرار المعركة لن يكون إلا من خلال غرفة عمليات جامعة قوية، فنحن لم نرسل قوات تستأثر، إنما تؤازر".

ويُعتقد أن معركة فك الحصار عن مارع؛ لن تكون بالأمر السهل، كون التنظيم يعرف جيداً طبيعة المنطقة، وقام بالإعداد للمعركة من خلال تفخيخ جميع المحاور التي من الممكن أن تصل المدينة بالمناطق المجاورة. كما أنّ الدعم الجوي الأمريكي والروسي مخصص لقوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية، بل إن التحالف استهدف فصيلين من الفصائل التي يتحدث عن دعمها في مارع ومحيطها، بحسب قيادي في الحر.
التعليقات (0)