كتاب عربي 21

حزب العدالة والتنمية ومشاكل ترتيب البيت الداخلي

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600
حزب العدالة والتنمية عقد السبت الماضي في العاصمة أنقرة مؤتمره العام الاعتيادي الخامس، لإعادة ترتيب بيته الداخلي قبيل الانتخابات المبكرة التي ستجرى في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وانتخب رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو مرة أخرى رئيسا للحزب بعد حصوله على جميع الأصوات الصحيحة دون أن يجد أمامه منافسا.

ومع عقد المؤتمر العام، فقد تم أيضا اختيار أعضاء لجنة القرار والإدارة المركزية، وانتخب "برات ألبيراك" زوج ابنة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، عضوا في اللجنة. ويرى كثير من المحللين أن التشكيلة الجديدة للجنة القرار والإدارة المركزية أقرب إلى نبض الشارع التركي وتؤكد عودة "الروح القديمة" إلى حزب العدالة والتنمية، مع تصفية أسماء بعيدة عن الناخبين، إلا أن آخرين يشيرون إلى تدخل أردوغان بشكل مباشر في تشكيل لجنة القرار والإرادة المركزية، بل ويسمونها "لجنة أردوغان".

الكاتب الصحفي هاكان ألبيراك، رئيس تحرير صحيفة "دريليش بوستاسي" التركية المقربة من الحكومة وحزب العدالة والتنمية، نشر مقالا ينتقد فيه اختيار زوج ابنة أردوغان "برات ألبيراك" عضوا في لجنة القرار والإدارة المركزية، بينما يتم إبعاد آخرين عنها، وتساءل: "ما الميزة التي يتصف بها برات ألبيراك تؤهله لدخول للجنة غير كونه زوج ابنة أردوغان؟". 

وهذا الانتقاد أثار موجة في صفوف مؤيدي حزب العدالة والتنمية، واتهموا الكاتب الصحفي هاكان ألبيراك بالاستعجال في الانتقاد والانفعال في غير محله وإثارة الفتنة عبر الإعلام قبيل الانتخابات المبكرة، ولفتوا إلى أن "برات ألبيراك" نجل الكاتب والمفكر الإسلامي "صادق ألبيراك" ورجل أعمال ناجح قبل أن يكون زوج ابنة أردوغان.

ما تطرق إليه الكاتب الصحفي هاكان ألبيراك في مقاله بصحيفة "دريليش بوستاسي" التركية حول أعضاء لجنة القرار والإدارة المركزية لحزب العدالة والتنمية، أثار ضجة كبيرة وجدلا حول ضرورة تدخل أردوغان في شؤون الحزب وإعادة بيته الداخلي وطبيعة العلاقات بين أردوغان وداود أوغلو ومستقبل حزب العدالة والتنمية. ويذهب البعض إلى "أن أردوغان زعيم الحركة السياسية التي يمثلها حزب العدالة والتنمية، وبالتالي فإنه يحق له أن يتدخل في كل تفاصيل شؤون الحزب" لتصحيح الأخطاء والحفاظ على مسار الحزب السياسي وإنجازاته. 

وفي المقابل، يرى آخرون "ضرورة كف أردوغان عن تدخلاته في شؤون حزب العدالة والتنمية، ليفسح المجال أمام داود أوغلو وفريقه في إدارة الحزب ورسم سياساته، ومن ثم تحمل مسؤولية تبعات هذه السياسات، هو وفريقه، بصفتهم قادة الحزب. ويضيف هؤلاء، أن أردوغان أصبح رمزا سياسيا، ليس في داخل تركيا فحسب بل وحتى في العالم الإسلامي، وبالتالي فمن الأولى أن لا ينشغل بجميع التفاصيل والأمور الصغيرة وأن لا يقحم اسمه في السجالات السياسية اليومية ليحفظ هذه الرمزية من التآكل.

ومما لا شك فيه أن هذا النقاش الدائر الآن في صفوف مؤيدي حزب العدالة والتنمية ظاهرة صحيحة إن بقي في إطاره الصحيح، وليس هناك أحد فوق الانتقاد والمساءلة. ومن الطبيعي أن ينتقد الكاتب الصحفي هاكان ألبيراك، رئيس الجمهورية أردوغان، كما أنه يحق للطرف الثاني أن ينتقد ما كتبه هاكان ألبيراك. بل إن مثل هذه الانتقادات المخلصة يمكن الاستفادة منها، أو على الأقل الاستماع إليها والنقاش حولها بشكل هادئ، لأن الرجل عضو في حزب العدالة والتنمية ومعروف بعلاقاته الطيبة مع أردوغان، ولو تخلى الجميع عنه اليوم لوقف هو وحده إلى جانبه، وسيستمر الآن بعد أن تعرض لموجة من الغضب في الدفاع عن حزب العدالة والتنمية والعمل لفوزه في الانتخابات.

حزب العدالة والتنمية كان بحاجة ماسة إلى المراجعة وتصحيح أخطائه، بعد تراجع شعبيته في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السابع من يونيو/ حزيران الماضي. ويبدو أن أردوغان شعر بضرورة التدخل حتى لا تتكرر الأخطاء نفسها في الانتخابات المبكرة، ولكن هذا التدخل الحاسم أظهر أيضا أن هناك مشاكل داخلية في حزب العدالة والتنمية لا بد من معالجتها قبل أن تتفاقم.
0
التعليقات (0)