سياسة دولية

ما دوافع الكرم الألماني تجاه اللاجئين السوريين؟

تميزت ألمانيا بسياسة الباب المفتوح تجاه اللاجئين مقابل صمت عربي وحذر أوروبي - أرشيفية
تميزت ألمانيا بسياسة الباب المفتوح تجاه اللاجئين مقابل صمت عربي وحذر أوروبي - أرشيفية
أثار فتح السلطات الأمانية أبوابها لاستقبال اللاجئين السوريين من غير نظرائها في الاتحاد الأوروبي موجة من التساؤلات حول ماذا ستستفيد ألمانيا من ذلك، وما هي الأسباب الكامنة وراء هذا "الكرم الألماني"، بالرغم من تحفظ أغلب شركائها الأوروبيين وتحذيرات بعضهم من تداعيات هذه الموجة الكبيرة والقياسية على مستقبل القارة.

وفيما تتخوف دول جوار ألمانيا، وخاصة هنغاريا، من موجة اللاجئين الحالية وتداعياتها المستقبلية، حتى أن رئيس حكومتها فيكتور أوربان وصف الوضع الحالي بأنه "موجة جديدة من عصر الهجرات"، تستعد ألمانيا لاستقبال حوالي 800 ألف لاجئ ومهاجر العام الجاري، ما يزيد عن العدد الذي استقبلته في العام الماضي بأربعة أضعاف.

وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أكدت أن بلادها يمكنه تدبر أمر اللاجئين في العام الجاري من دون زيادة للضرائب.

وبالمقابل ذكرت صحيفة " فرانكفورت تسايتونغ " أن تكلفة استقبال ألمانيا لأعداد قياسية من اللاجئين فاقت 10 مليار يورو، أي أربعة أضعاف ما تم إنفاقه على اللاجئين في العام الماضي، وكان عددهم 203 آلاف.
 
تدور تخمينات مختلفة حول سبب كرم "الضيافة" الألمانية للاجئين وبخاصة السوريين منهم. وإذا تجاوزنا دافع التعاطف الإنساني مع اللاجئين السوريين عقب وقائع الموت المأساوية التي تعرض لها باحثون عن بر للأمان هربا من الحرب، وخاصة مأساة غرق الطفل السوري إيلان كردي، إلا أن لدى ألمانيا، لا شك، دوافع أخرى لفتح أبوابها أمام اللاجئين السوريين.

ويشير خبراء في هذا الصدد إلى سبب يرونه رئيسا في استجابة برلين للتعاطف الكبير لدى الألمان تجاه اللاجئين السوريين، يتمثل في محاولة ضخ دماء جديدة في مجتمع يعاني من حالة شيخوخة مزمنة، لم تفلح معها إجراءات الحكومة في الحد منها بتشجيع زيادة النسل ورفع معدل الولادات.

وتتوفر ألمانيا على أقوى اقتصاد في أوروبا ونسبة البطالة فيها الأقل بعد النمسا ولوكسمبورغ وهولندا.

وقد انخفضت النسبة العام الجاري إلى 2.77 مليون، ومع ذلك تقول تقارير ألمانية أن البلاد بحاجة في السنوات المقبلة إلى 1.5 مليون ونصف المليون من الأيدي العاملة للمحافظة على وتيرة اقتصادها المرتفعة.

تتقدم ألمانيا على اليابان في انخفاض معدل الولادات، وتقول التقارير إن عدد سكان ألمانيا الذي بلغ 80.8 مليون نسمة في عام 2013، مرشح للتراجع إلى 67.6 مليونا في عام 2020. يحدث ذلك على الرغم من المدد المتزايد من اللاجئين.

وتنتشر في المجتمع الألماني ظاهرة إحجام الكثيرين عن الإنجاب، حيث تفيد التقارير بأن عدد الأطفال الجدد الذي يدخلون المدارس انخفض بنسبة 10% خلال 10 سنوات، إذ يلتحق بالمدارس 800 ألف طفل سنويا، وفي الوقت نفسه يحال على التقاعد 850 ألف شخص.

وينكر بعض الخبراء أن يكون دافع ألمانيا إلى فتح أبوابها على مصراعيها أمام اللاجئين هو لمواجهة شيخوختها، مشيرين إلى أنها لو أرادت ذلك لاكتفت بفتح باب الهجرة أمام حملة المؤهلات والكفاءات، لافتين إلى أن استقبال اللاجئين في هذا البلد يجري من دون تمييز.

ومع ذلك، تضمن القوانين الألمانية للاجئ البقاء ما بقي وضعه الإنساني قائما. ولاحقا يتمكن من البقاء في البلاد أولئك الذين يتمكنون من إعالة أنفسهم ويتم ترحيل الآخرين بعد زوال ظروفهم القاهرة وتحسن أوضاعهم الإنسانية.

يشار إلى أن المانيا لا تستعمل صفة "لاجئ" في معاملاتها، بل يعد هذا النعت نوعا من التمييز وجريمة يعاقب عليها القانون، ولا يُنص عليها في الوثائق التي تمنح لهؤلاء، الذين يُشار إلى أنهم يتمتعون بصفة "الحماية الدولية"، ويُذكر في الوثائق أن سبب إقامتهم هو قرار المكتب الفدرالي بمنح الحماية الدولية بموجب المواد 25-26 من قانون إجراءات الإقامة. ويكتب على وثائق سفرهم أنها منحت بناء على أحكام اتفاقية جنيف لعام 1959.

غير أنه يصعب تحديد سبب معين لفتح ألمانيا أبوابها أمام اللاجئين السوريين، ويمكن القول إن ظروفا متنوعة اجتمعت لتدفع برلين في هذا الاتجاه. وبقدر ما، تعطي هذه الخطوة للاجئين حياة واعدة جديدة، تساعد في الوقت ذاته هذا البلد على مواجهة عدة مشكلات من بينها ظاهرة الفاشية الجديدة من خلال الاستفادة من موجة التعاطف الكبيرة التي عبّر عنها الرأي العام الألماني تجاه اللاجئين السوريين لمحاصرة مثل هذه الاتجاهات المتعصبة والسلبية، ناهيك طبعا عن معالجة الخلل الديموغرافي لتفادي تبعاته المستقبلية الخطيرة.
التعليقات (3)
صفوان
الإثنين، 07-09-2015 11:38 م
المهم ومهما كانت الاسباب انهم اتخذو قرار جري يدل علي طيبة وأخلاق انسانية والغريب ان العرب لم يجرؤ على اتخاذ هكذا قرار فلذلك نقدم اسما الحب والتقدير والعرفان للالشعب الالماني والمستشارة ميركل
منتظر أحمد القاسم
الإثنين، 07-09-2015 01:35 ص
أتمنى أن تقبل ألمانية الأكثر من اللاجئين تحديداًالعراقيين لأن هناك شبه بين العراقيين والألمان وهو نزعتهم للحروب ولكن الألمان لهم الميزة الأولى في النشاط والعمل والإبتكار وبناء البلد وبهذا سيتعلم العراقيين إن شاء الله هذه الخصال ويتعلموا كيف يبنون العراق ولا يسرقون !!
khaled
الإثنين، 07-09-2015 01:26 ص
بضل احسن من زل مع العرب هنن عن يفكرو بمصلحتهم مع غيرهم. وهون العرب ولاداري ب اخوه مات ولاعاش