كتاب عربي 21

خطاب السيسي .. "النسخة الأصلية" قبل التزوير

سيف الدين عبد الفتاح
1300x600
1300x600
تراوح خطاب المنقلب بين أمرين؛ التبرير والتزوير، وبدا كلا الأمرين يدلان ومن كل طريق على صدق التسريبات التي نشرت وانتشرت، وتؤكد كذلك أنه فعل من الأخطاء الكثير، وارتكب من الخطايا الكبيرة، ليؤكد المرة تلو المرة أن تلك المنظومة الانقلابية لم تعد تجيد إلا مسالك بعينها في سياساتها تتراوح بين "التبرير والتمرير والتغرير والتزوير".. إنها سياسات متتابعة صارت عنوانا لمنظومة الانقلاب تعبر عن إخفاق في الخطابات وفشل ذريع في السياسات، ومن المؤسف حقا حينما يقوم المنقلب بالتبرير بدون حجة أو برهان، ولكنه فقط يستخدم من المفردات العاطفية والتي تؤكد فشل هذه اللغة في إطار خطاب ممجوج على غرار "نور عينينا"، أما حال التزوير فإننا نجده واضحا فادحا مفضوحا حينما نجد كل كلمة يقول فيها إنه لم يفعل، فإنه قد فعل مع سبق الإصرار والترصد، وحينما يقول فعلت فاعلم أنه لم يقم بأي عمل في هذا الاتجاه، وهو أمر لا يكتفي بعملية تزوير على الحقيقة، ولكنه يجعل من التزوير غطاء لكذبه يمرر بها سياساته ويغرر من خلالها بشعبه.

ومن هنا فإن ذلك الخطاب الذي امتلأ بمفردات الكذب، وبأخبار غير صادقة، وبسياسات لا تعني من جانبه إلا محاولة الالتفاف على مطالب الجماهير وتفريغها من مضمونها فيلفت الناس عن قتله وضرورات شعبه الحقيقية، لك أن تعلم أنه وهو يشرف على نهاية خطابه أن شخصا قد انتحر بشنق نفسه بـ"كوبري المنيب" ليعبر عن ظاهرة تراكمت غير مسبوقة لاكتئابات وصلت إلى حد الفعل الانتحاري منذ أن أتى المنقلب إلى سدة الحكم، فالناس بين خوف عميم، وظلم مقيم، وفساد قديم، واستبداد مكين؛ يحاول هذا المنقلب أن يجعل من كل ممارساته مادة لتخويف شعبه أو التغرير به لتطويعه و تعبيده، أو إخضاعه وصناعة خنوعه، هذه مهمته التي يجيدها فضلا عن غدره حينما انقلب على أول رئيس مدني منتخب بعد ثورة، فكوّن حلفا قميئا هو في حقيقة الأمر يُمَكّن لأقذر ما في الدولة العميقة القميئة ويؤسس لانطلاقة الثورة المضادة للقضاء على ثورة يناير شخوصا وأهدافا ومكتسبات.

دعونا إذا نكتب خطاب المنقلب الحقيقي من غير تزييف أو تزوير لزوم خداع المستبد لقوله السابق وفعله اللاحق المتلاحق الذي امتد قتلا واتسع اعتقالا وتمدد كذبا وزيفا وتزويرا: 

أيها الشعب الجائع المتنيل بنيلة، وجب عليكم أن تقبلوا ببعض الفتات الذي ألقيه لكم، ذلك أن أي مطالب منكم لا تعني بأي حال إلا محاولة لهدم مصر وهدم الدولة "هتاكلوا مصر.. هتموتوها يعني"، وقلت لكم ألف مرة "مفيش.. ما عنديش.. مش قادر أديك"، هؤلاء ليس لهم منا إلا الرصاص أو السجون، ومن يصوب نحو العيون أو يقنص أو يضرب في الصدور وفي الرؤوس لا جناح عليه ولا حساب له ولا عقاب، ليس لدي لكم إلا الموت والقتل وإلا الاعتقال والحبس، اعلموا أن هذا مقامكم عندي وحينما أمُن عليكم ببعض ما أتفضل به فإنني أفعل ذلك حتى تسيروا في الركاب ولا تطالبوا بالحساب، ولا يمكنني مع هذا الشعب أن أقبل أي تظاهر أو احتجاج، خُلقتم لتكونوا عبيد إحساناتنا، وعقارا وميراثا ينتقل إلينا رئيسا بعد آخر، ألا تعلمون أن لا شعب عندي إلا الجيش، الجيش هو شعب مصر، أظنكم تعرفون ذلك بكل وضوح.

إن قواتنا المسلحة لا تعتدي ولا تغزو، وإنما فقط تقوم بالتدخل في شؤون ليبيا، وتتحالف مع حفتر، وجاهزة لمن طلب ودفع "مسافة السكة"، وهي لا تغزو أحدا ولكنها فقط تقوم بضرب "درنة" حتى يمكن أن ننصر أصدقاءنا والمتحالفين معنا في ليبيا، علينا وعلى قواتنا المسلحة أن نضرب بكل قوتنا على يد كل هؤلاء الذين لا يسيرون في خطنا أو يتوافقون مع سياستنا، فإذا ما قال البعض لماذا تضربون ليبيا خارج المنظمات الدولية وخارج إطار القانون الدولي نقول لهم إننا نواجه الإرهاب، ونقوم بحماية الشعب والحفاظ على وحدة الوطن، إن قواتنا المسلحة تتبنى من الآن فصاعدا أن عدونا ليس الكيان الصهيوني، وإنما يوجد عدو على حدودنا الغربية، يجب أن نؤدب هؤلاء ما داموا لم يدخلوا في بيت طاعتنا، إسرائيل لم تعد عدوا لنا ولكنها في حمايتنا ونحن لن نسمح أن تكون أرضنا منطلقا لتهديد أمن جيراننا (إسرائيل)، وهو أمر يتعلق بتنفيذ استراتيجية "مسافة السكة" التي ننفذها في كل مكان فإننا جيش تحت الطلب لمن يدفع "هات وخد".

إنني سأقوم بمحاسبة المقصرين والمتورطين في أحداث استاد الدفاع الجوي وقتل شيماء الصباغ وفقا لما ستسفر عنه تحقيقات النيابة العامة، وسأوجه النيابة العامة إلى القيام بكل ما من شأنه أن يتهم أي أحد طالما لم يكن من ضباط الداخلية وأفرادها ولا بأس بتلبيس هذه التهمة لأي أحد من نشطاء كانوا بصحبة شيماء الصباغ. أما أحداث الدفاع الجوي فإنكم تعرفون أننا اعتدنا دائما على تحميل مثل ذلك على الإخوان المسلمين الذين يشكلون جماعة إرهابية ويمارسون عنفا، إنهم شماعتنا المفضلة التي نلقي عليها كل اتهام لعلكم تعرفون الآن كيف سأحاسب المقصرين والمتورطين في هذه الأحداث ذلك أنني وعدت ضباط الداخلية وأفرادها أن أحدا منهم ليس محل حساب ولن يكون محل عقاب حتى لو ضربوا في العيون والرؤوس والصدور.

إنني إذ أكن كل تقدير لدور الأشقاء في دول الخليج في دعم مصر ومساندتها فإنني أعرف أن هذا التقدير إنما يستند إلى حقائق أساسية فأموالهم زي الرز ومساعدتهم ليس مساعدة لنا ولكن هي في مقابل حمايتهم "هات وخد"، أهم شيء أنهم يجب أن يعلموا أن مساعدتهم يجب أن تكون نقدية ونحن سنقوم بالتصرف فيها نحفظها في مكان أمين لدينا، وهو أمر يجب أن يكون مفهوما لدى الكافة من الخليج لأن مصر حينما تنفذ سياسة مسافة السكة ستطالب على الفور بالثمن ومن دون إبطاء. 

أما عن الشباب فإنني سأفرج عن أول دفعة من الشباب المحبوسين خلال أيام، ولكنني في ذات الوقت سأحبس دفعة جديدة أكبر من تلك التي أفرجت عنها ذلك أن السجون يجب أن تكون ممتلئة بالشباب مكانا مكينا لهم في المحابس أو في القبور، سأقوم على حل مشكلة الشباب من جذورها بقتلهم أو اعتقالهم، أما الشباب الواعد الذي أريد فسأطلق لهم مشروعا قوميا لتشغيلهم وتأهيلهم للعمل، سأوفر لهم عربات الخضار، وسيكون لهؤلاء من أصحاب شهادات الماجستير والدكتوراه في مكانهم المناسب ومقامهم الملائم إنها عربات الخضار التي تليق بهم وتحقق أمالهم وترسم مستقبلهم الأخضر الوافر الزاهر بكل أمل لهم، هذا هو الشباب الذي نريد.

إنني إذ أقوم بإزالة معوقات الاستثمار والعمل على إنجاح مؤتمر شرم الشيخ فإنني سأقوم بالدعوة المستمرة لمقاومة الإرهاب المحتمل والمفتعل في كل مكان، وسأفجر منازل أهالي سيناء بل إنني سأقوم بعمل منطقة عازلة لاستعادة الأمن في سيناء والقضاء على بؤر الإرهاب إسهاما في توطيد أمن إسرائيل الذي هو من أولى أولوياتنا، وبما أننا نخوض حرب وجود والخطر يحيق بنا من كل جانب فإن ذلك سيجلب الاستثمارات ويشجعها، رغم أن رأس المال جبان فإننا سنجعله شجاعا كشجاعة عسكر مصر.

أما عن الفقراء فسنطور المناطق الأكثر احتياجا وسنبدأ بتخصيص مليار جنيه لمنطقة الدويقة شرق القاهرة لأنهم في منطقة يقطنها الأغنياء ووجب أن نحافظ على مشاعرهم لرؤيتهم لفقراء منطقة الدويقة في هذه الحالة المزرية فتتأذى أبصارهم، أما أهل الصعيد فإلى الجحيم فقد وقفوا إلى جوار الرئيس المدني المنتخب وسيعرفون أن موقفهم هذا سيكون له ثمن باهظ سيدفعونه، تنميتهم لا تهمنا، ومعاشهم لا يخصنا، "خلي مرسي ينفعهم". 

أما في سياق خداعكم والتغرير بعقولكم ومسح أمخاخكم تعرفون أن أذرعنا الإعلامية تقوم بهذا بكل همة وبتوجيه منّا فهي التي "تحشدكم وتحفزكم وتهيجكم وتلبسكم العمة"، أيها الشعب الجائع المتنيل بنيلة إننا نتصدى للجيل الرابع من الحروب والتي تستهدف إسقاط الدولة.. تعرفون ما هي الدولة وما هو الشعب، هذا وذاك هو الجيش، وسنواجه مخططات الإرهاب التي تسعى إلى وقف مسيرة التنمية والتي تقف في زيادة أموال العسكر، كل ذلك وأنا أحافظ على وحدة المصريين وإنجاز الاستحقاق الثالث المتمثل في البرلمان، سأحرص دائما على دعوة المصريين للاقتتال بين بعضهم البعض وسفك دماء بعضهم البعض من خلال التفويض والتعبئة وسأخرج برلمانا مصنوعا على شاكلتي، فإن لم استطع فلا انتخابات ولا برلمان تعرفون أن الدول ليست إلا أربع مؤسسات وهي الجيش والشرطة والقضاء والإعلام وغيرها وجع دماغ وملوش لازمة.

هذا خطابي إليكم الذي أؤكد به فتح صفحة قادمة مع هذا "الشعب الجائع المتنيل بنيلة" وتحيا مصر ويحيا عسكرها ويموت شبابها ويُستعبد شعبها. 

الرسائل: 

 1 - القوات المسلحة لا تعتدي ولا تغزو وإنما تقوم بحماية الشعب والحفاظ على وحدة الوطن.

2 -  محاسبة المقصرين والمتورطين في أحداث ستاد الدفاع الجوي وقتل شيماء الصباغ.

 3 - تقدير دور الأشقاء بدول الخليج في دعم مصر ومساندتها.

التعهدات:

 1 - الإفراج عن أول دفعة من الشباب المحبوسين خلال أيام.

2 -  إطلاق أول مشروع قومي لتشغيل الشباب وتأهيلهم للعمل.

 3 - إزالة معوقات الاستثمار. والعمل على إنجاح مؤتمر شرم الشيخ.

 4 - تطوير المناطق الأكثر احتياجا. والبدء بتخصيص مليار جنيه للدويقة.

5 -  استعادة الأمن في سيناء والقضاء على بؤر الإرهاب.

التحديات:
 
 1 - التصدي للجيـل الرابع من الـحروب والتي تستهدف إسقاط الدولة.

 2 - مواجهة مخططات الإرهاب التي تسعى إلى وقف مسيرة التنمية.

 3 - الحفاظ على وحدة المصريين وإنجاز الاستحقاق الثالث في خارطة المستقبل.

الإنجازات:

1 - عودة مصر إلى إفريقيا. وتحسين علاقات التعاون مع أوروبا وأمريكا والصين.

2 - إتمام صفقة معدات عسكرية من فرنسا بتسهيلات وشروط تفضيلية.

3 - البدء في إجراءات مشروع الطاقة النووية السلمية.
التعليقات (3)
Yasser
الخميس، 26-02-2015 02:28 ص
بيخوف شعبه . طيب انا وكثير من الشعب مش خايفين بل لدينا قناعة بنجاحه فى المستقبل القريب . قاعدة انت عملتها على مزاج اسمها تبرير وتمرير ...... مين علمك القاعدة دى ومن اي مصدر عرفتها يا كبير فى حاجة اسمها لو قال انا عملت يكون ماعملش ولو قال انا لم اقتل يبقى قتل ياخى احوه ..
.مصري حر
الأربعاء، 25-02-2015 06:32 م
مهما الشعب المصري قابل يابارد
صالح علي محمد السعودي
الأربعاء، 25-02-2015 08:53 ص
انت تتكلم بلغة الحاقد