مقابلات

"عربي21" تحاور وزير خارجية مصر الأسبق.. تحدث عن التعامل المصري مع الحرب على غزة

العرابي: مصر تعتمد الدبلوماسية الهادئة - عربي21
العرابي: مصر تعتمد الدبلوماسية الهادئة - عربي21
قال وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، إن مصر حريصة على انتهاج دبلوماسية هادئة ورصينة وتتسم بالصبر الطويل ولا "تنجر وراء العواطف" في تعاملها مع الحرب في قطاع غزة سواء على مسار التهدئة أو دخول المساعدات أو تبادل الأسرى.

واستبعد في لقاء خاص مع "عربي21" أن تقوم دولة الاحتلال باجتياح مدينة رفح الفلسطينية المكتظة بالنازحين والسكان محذرا في الوقت نفسه من أن تبعات الاجتياح إن حدث ستكون كارثية.

وفيما يتعلق بمخطط التهجير، أكد الوزير الأسبق، أن المخطط قائم منذ سنوات وعقود ولكن لا توجد آلية لتنفيذ هذا المخطط فضلا عن أنه غير قابل للتطبيق على أرض الواقع، والشعب الفلسطيني متمسك بأرضه والبقاء فيها رغم القصف العنيف وقسوة العدوان.

اظهار أخبار متعلقة



بخصوص مستقبل قطاع غزة ما بعد الحرب ورؤيته لمكان حركة حماس، أوضح العرابي، الذي يشغل منصب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، أنه لا يمكن استبعاد حماس من أي تفاهمات تتعلق بمستقبل قطاع غزة ومن يتصور أنه يمكن القضاء على حماس فهو واهم.

وردا على دعوات سحب السفير أو تعليق اتفاقية السلام، بين العرابي أن الحلول الدبلوماسية هي الأنجع في المرحلة الحالية، ومصر تحترم اتفاقياتها وعلى المجتمع الدولي أن يضع إسرائيل في موقف المذنب الذي اخترق هذه الاتفاقيات وإذا كان لدى تل أبيب القليل من الحكمة فيجب تقدير العلاقات مع القاهرة واحترام أطر ومبادئ اتفاقية السلام.

تاليا نص الحوار:

هل تعتقد بإمكانية حدوث اجتياح بري لمدينة رفح الفلسطينية.. وما تداعيات ذلك؟

لا أعتقد حدوث اجتياح بري لمدينة رفح، وأتوقع أن تكون عملية عسكرية محدودة، لا يستطيع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن يلغي هذه العملية أمام مجلس الوزراء المتطرف، لكن اجتياحا بمعنى شامل سوف يأخذ وقتا، ولا أراه في الفترة القريبة.

وتبعات ذلك ستكون مجزرة إنسانية، سيقف العالم كله ضد إسرائيل، وسوف تحاسب أمام العالم بشكل قوي من قبل كل دول العالم وليس الدول العربية فقط، العالم أصبح يرى في هذه الدولة أنها دولة معتدية خارجة عن القانون وسيكون على العالم دفع تبعات هذا الأمر.

هل مخطط التهجير لا يزال قائما في ظل ممارسات الاحتلال بحق الغزيين؟

المخطط موجود بشكل دائم، وسيكونون سعداء بفكرة نزوح الشعب الفلسطيني وتهجيره بأي وسيلة كانت ويعتقدون أن هذا يخلصهم من المشاكل، ولكن الهجرة إلى أين.. الآلية التي سوف يتم تنفيذها غير معروفة وغير قابلة للتطبيق، والشعب الفلسطيني متمسك بأرضه وبقائه ولن يرحل مهما كانت قسوة العدوان والقصف والتدمير، ولكنه قرر البقاء ومواجهة المخطط.

كيف ترى موقف أمريكا من الحرب على غزة؟

للأسف.. الموقف الأمريكي موقف سيء ومتواطئ، وللأسف أيضا الولايات المتحدة هي التي لا تزال تملك مفاتيح كثيرة في الإقليم بل وفي العالم، ولذلك أكرر أننا نعيش في العصر الأمريكي حتى الآن..

وماذا عن الصين وروسيا؟

هل رأينا لهما أي نشاط أو دور في الحرب على غزة.. لم يقدموا أي شيء ولا يتصلون بالأمر من بعيد أو قريب، مشكلة غزة ليست بيانات إدانة فقط بل نشاط حقيقي يجب أن يترجم على الأرض بما يفيد في حل الأزمة الكبيرة.

اظهار أخبار متعلقة




ماذا عن مستقبل قطاع غزة.. هل يمكن استثناء حركة حماس من أي اتفاق أو تصور مقبل للقطاع؟

على العكس أرى أن حماس ستكون دائما في المعادلة الفلسطينية سواء المعادلة السياسية أو على مستوى المقاومة، وأعتقد أنه سيكون لديهم من النضج السياسي أن يدخلوا المعادلة السياسية، فكرة القضاء على حماس مجرد أوهام من الجانب الإسرائيلي وستكون موجودة في المعادلة السياسية القادمة.

كيف ترى استمرار عمليات الإبادة والهجوم العسكري على قطاع غزة رغم قرارات محكمة العدل الدولية التي تضع أي تصرفات من هذا القبيل تحت المراقبة ودليل إدانة؟

هذا تخط للقرارات وانتهاك لها، لكن للأسف نحن نعيش في مجتمع دولي واضح أن منطق القوة هو الذي يسود فيه، وعلى إسرائيل أن تعيد حساباتها مرة أخرى حتى تتمكن من العيش في هذا الإقليم بسلام.

لماذا لم يضغط المجتمع الدولي لتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية؟

قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة للدول ومن المفترض أن ترفع لمجلس الأمن ويأخذ بها كقرارات للتنفيذ، وقرارات محكمة العدل لا يستطيع أحد أن ينفذها دون قرار من مجلس الأمن.

ما هي أهم ملامح الدبلوماسية المصرية في التعامل مع الحرب على غزة.. وما هي أبرز مكاسبها؟

الدبلوماسية المصرية منخرطة تماما في كل تفاصيل الأزمة مع كل الأطراف وكل القوى المؤثرة، ولا أحد يمكنه القول إنه سيكون هناك تقدم في المسار السلمي أو مسار المساعدات أو المفاوضات دون وجود مصر في هذا الأمر، مصر فاعل رئيسي وقامت وتقوم بدور كبير لدعم القضية الفلسطينية وهي شريان الحياة لقطاع غزة.

أبرز مكاسب الدبلوماسية المصرية أنها وضعت خريطة طريق منذ اليوم الأول 7 أكتوبر والعالم أدرك أن هذا هو الطريق، ووضعت خطوطا حمراء لا ينبغي أن يتخطاها أحد وواضح فعلا أن هذه الخطوط الحمراء هي المحددات التي تقوم عليها أي حلول قادمة في الفترة المقبلة.

إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمراء ومحددات الإقليم القائمة على السلام والتعاون والتنمية أكثر منها استعمال القوة وهي خارجة عن القانون الدولي ومحددات إقليم الشرق الأوسط.

كيف ترى حجم الضغوط الجيوسياسية على مصر من الجهات الأربع؟

نحن في ظرف استراتيجي غير مسبوق ولدينا مشاكل على حدودنا الأربعة وهذا في حد ذاته ضغط كبير على الدولة المصرية ولكنها قادرة على التعامل مع هذه المخاطر بكل كفاءة بتوقيت واحد.

هل تعلق مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل في حال قررت الأخيرة اجتياح رفح بريا؟

أرى أن مصر تحترم اتفاقياتها وعلى المجتمع الدولي أن يضع إسرائيل في موقف المذنب الذي اخترق هذه الاتفاقيات ولكن أرى أن الدولة المصرية قادرة على الاستمرار في هذه الاتفاقيات وممارسة الضغوط السياسية على إسرائيل وأرى أن تل أبيب لا يزال لديها القليل من الحكمة لتقدير علاقاتها بمصر واحترام أطر ومبادئ اتفاقية السلام مع مصر.

محصلة الأحداث في قطاع غزة أثبتت أنه لا يوجد شيء اسمه الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وبالتالي لديهم شعور كبير بالضعف في المرحلة الحالية لا يساعدهم على توسيع رقعة الحرب أو الدخول في مواجهة مع مصر.

اظهار أخبار متعلقة




تعليق الاتفاقية هو الدخول في مسار مختلف، لأن معاهدات السلام تعني أن تكون الحدود بين الدول هادئة ولا يوجد في الاتفاقية أي مغزى سوى الحدود السلمية ما بين البلدين وكل طرف يراعي الأمن القومي للطرف الآخر، الاتفاقية منتهكة من قبل الجانب الإسرائيلي.

ما هو موقف مصر من أي انتهاك إسرائيلي لأمنها القومي؟

الأمن القومي فوق أي اعتبار وخط أحمر، ولا أحد بمقدوره أن يجرنا إلى حروب لا طائل من ورائها في المرحلة الحالية، وهناك اتفاقيات دولية، مصر تمارس علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل لصالح الفلسطينيين بالأساس.. اللجوء للقوة لن يحل الأمر بل سوف يشعل المنطقة بأسرها وسيكون الفلسطينيون أكثر المتضررين أيضا، ويجب التريث وعدم الانجرار وراء العواطف.

هناك مقولة لكم أن التغيير في العالم حاليا أصبح يحدث كل عام بعد أن كان يحدث كل 10 سنوات على الأقل.. ما هي خصائص هذا التغيير؟

هذه مقولة صحيحة.. العالم أصبح في حالة من الاضطراب وعدم اللجوء للقانون والأعراف الدولية وميثاق الأمم المتحدة، وأصبحت الأمور تؤخذ بالقوة أكثر من أي شيء آخر، ومجريات الأمور خلال السنوات الماضية أن القوة لا تجلب الحلول.. القوة لا ينتج عنها حل حقيقي ولا تحدد مصير الشعوب ولكن الدبلوماسية هي التي تفعل ذلك.. نحن في عالم أهوج يتطلب قيادات رشيدة وحكيمة في المرحلة القادمة.
التعليقات (0)