مقابلات

الصليب الأحمر لـ"عربي21": ندعو لحل سياسي لإنهاء حرب غزة (شاهد)

المتحدثة باسم الصليب الأحمر أكدت أن الوضع الإنساني لا زال يتدهور بشدة في قطاع غزة- عربي21
المتحدثة باسم الصليب الأحمر أكدت أن الوضع الإنساني لا زال يتدهور بشدة في قطاع غزة- عربي21
دعت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط والأدنى إيمان الطرابلسي، إلى إيجاد حل سياسي شامل من أجل إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المُحاصر، مؤكدة أن "الحلول الأساسية للأزمة الراهنة تظل سياسية بالأساس، وتتجاوز فكرة الحلول الإنسانية".

ولفتت الطرابلسي، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إلى أن "الوضع الإنساني لا زال يتدهور بشدة في قطاع غزة، ومستمر في التدهور مع مرور الأيام؛ فالأوضاع الإنسانية في قطاع غزة متدهورة على جميع المستويات، ومنهارة في كل القطاعات الأساسية، والسكان غير قادرين على تحصيل أبسط الخدمات الأساسية".

وقالت: "ما نراه في غزة هو أن السكان غير قادرين على تأمين أبسط الاحتياجات بما فيها الغذاء، والماء الصالح للشرب، والحصول على الخدمات الصحية الأساسية، أو حتى المأوى المناسب. في الواقع، الأزمة الإنسانية في غزة تزداد سوءا وتدهورا بمرور كل ساعة، ونحن لم نشهد تلك المشاهد المأساوية والمروعة على الإطلاق في غزة سابقا".

انهيار قطاع الصحة


وأكدت أن "جميع القطاعات الأساسية في غزة باتت مُعطّلة أو تعمل بالكاد، ونحن نعمل ليل نهار في ظل الصعوبات والتحديات الهائلة التي تواجه عملنا، ونكافح من أجل الحيلولة لمنع انهيار قطاع الصحة، لكن سيناريو انهيار قطاع الصحة وارد جدا بكل أسف في حال عدم تواجد الوقود، لأن هذا سيعني توقف المستشفيات عن العمل".

وأشارت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط والأدنى، إلى أن "قطاع الصحة في غزة على مشارف الانهيار الكامل. زملاؤنا يؤكدون لنا عدم وجود الإمدادات الأساسية في أغلب المستشفيات التي ما تزال في إطار الخدمة".


وأوضحت الطرابلسي أن "الصليب الأحمر الدولي يدعم بالمعدات 9 مستشفيات داخل غزة، ولكن هذا الدعم محدود جدا في ظل عدم توافر الإمدادات، وعدم توافر الطواقم الطبية بالشكل المناسب".

وتابعت: "ما يحتاجه قطاع الصحة اليوم يفوق ما يمكن أن تقدمه اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو كل المؤسسات الإنسانية؛ فحتى الساعة دخلت غزة حوالي 600 شاحنة، منها 21 شاحنة تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر، مُحمّلة بمعدات ومستلزمات طبية بالأساس، بالإضافة إلى مستلزمات لتنقية وتطهير المياه، وبعض الإمدادات الأساسية غير الغذائية المخصصة للعائلات النازحة".

نقطة في بحر الاحتياجات


وأكملت: "ما تمكّن من إدخاله الصليب الأحمر الدولي، بالإضافة إلى ما أدخلته بقية المؤسسات الإنسانية، يُعدّ نقطة في بحر من احتياجات السكان، وبالرغم من هذا الدعم النوعي لقطاع الصحة يظل قطاع الصحة يعيش ضغطا كبيرا بشكل غير مسبوق".

ونوّهت الطرابلسي إلى أن "فريقا جراحيا تابعا للجنة الدولية للصليب الأحمر، ومختصين في جراحات الحرب، دخلوا إلى قطاع غزة يوم الجمعة 27 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؛ لمحاولة مساندة جهود فرقنا الموجودة بالمكان، ولمساندة المستشفيات والطواقم الطبية".

وقالت: "الفريق الجراحي باشر أعماله في المستشفى الأوروبي داخل غزة، وأحد الجراحين التابعين لهذا الفريق ذكر لنا بأن أبسط الإمدادات الطبية كالضمادات على سبيل المثال غير موجودة، والضمادات أحد الأدوات الأساسية لمعالجة الحروق والجروح الخطيرة، ومعظم الجروح التي رآها زملاؤنا في غرف العمليات هي جروح وحروق خطيرة جراء التعرض إلى المتفجرات، وبالتالي مواد التطهير غير متوفرة، والضمادات غير متوفرة كذلك".

واستطردت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قائلة: "من بين الأشياء التي ذكرها لنا أحد الجراحين عدم توافر مواد التخدير بالقدر الكافي، وهناك عمليات جراحية تُجرى من غير مواد مخدرة".

وأضافت: "ما دخل غزة من مساعدات وإمدادات لا يتوافق مطلقا مع الكارثة الإنسانية التي يعيشها السكان داخل غزة، وهناك مسؤوليات تقع على عاتق الأطراف المنخرطة في النزاع للعمل على خطة مستدامة لإدخال الإمدادات بشكل يتوافق عمليا مع ضخامة الاحتياجات".

وشدّدت على "ضرورة حماية البُنى التحتية الأساسية، لا سيما في القطاع الصحي، وهنا نُذكّر بأن المستشفيات، وسيارات الإسعاف، والطواقم الطبية تحظى بحماية خاصة بمقتضى القانون الدولي الإنساني، ومن غير المقبول أن يتم التعرض للمنشآت الصحية أو الأطباء أو الممرضين خلال تأديتهم لعملهم".

قصف القوافل الإنسانية


وتابعت: "قبل أيام تعرّضت قافلة تشمل أربع شاحنات مُحمّلة بالمواد الطبية، وسيارتين للجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى إطلاق نار خلال توجهها إلى المناطق الشمالية، وبالتحديد إلى مستشفى القدس الذي يديره الهلال الأحمر الفلسطيني -شريكنا الأساسي في غزة- وكان الهدف من القافلة إيصال إمدادات أساسية لإغاثة الطواقم الطبية في مستشفى القدس الذي يعيش حالة كارثية؛ نظرا لافتقارها لكل أنواع الإمدادات".

وأردفت: "بعد تعرّض القافلة إلى إطلاق النار لم نتمكن من إيصال هذه الإمدادات التي يحتاجها مستشفى القدس بشكل ماس، فاضطررنا إلى تغيير الخطة، وتوجيه المعدات والإمدادات الأساسية إلى مجمع الشفاء الطبي، والذي حاله لا يختلف كثيرا عن مستشفى القدس؛ فالطواقم هناك تعيش ضغطا هائلا، وتعاني نقصا شديدا في المعدات الأساسية، ولكن كان هدفنا الأساسي هو إيصالها إلى المناطق الشمالية التي لم نتمكن –حتى الساعة – من إيصال أي إمدادات لها".

وذكرت الطرابلسي أنهم يدعمون "9 مستشفيات في قطاع غزة بالمعدات، لكن لم نتمكن من إيصال أي إمدادات إضافية إلى المناطق الشمالية"، منوهة إلى أنه "من غير المقبول أن يتم التعرض إلى قوافل إنسانية، وهناك مسؤولية تقع على عاتق كل أطراف النزاع باحترام الحيز المُخصص للعمل الإنساني، وضمان عدم التعرض للقوافل الإنسانية من ناحية".

كما أشارت إلى أن "هناك مسؤولية قانونية على أطراف النزاع تقضي بضرورة منح فرصة لبلوغ الإمدادات لكل المستشفيات، حتى وإن أُعطيت الأوامر بإخلاء المستشفيات تظل المستشفيات منشآت محمية، ويظل المدنيون داخل هذه المستشفيات من مرضى أو غير مرضى محميين بقوة القانون الدولي الإنساني، وبالتالي لهم الحق في الحصول على الإغاثة، وما يخالف ذلك غير مقبول بالمرة".

واستطردت قائلة: "نداؤنا اليوم واضح: أولا نؤكد أن الإمدادات الصحية، والإمدادات الإغاثية، لا تتساوى مطلقا مع ضخامة الاحتياجات الهائلة في غزة، ثانيا هناك مسؤولية تقع على عاتق الدول ذات النفوذ، وكذلك الأطراف المنخرطة في النزاع، من أجل حلحلة ملف الإغاثة والمساعدات الإنسانية".

غزة بحاجة ماسة لكل شيء

واستطردت الطرابلسي، قائلة: "هناك واجب قانوني يقع على عاتق كل الأطراف المنخرطة في النزاع، ويقتضي ضمان وصول الإمدادات، وحصول السكان على الخدمات الأساسية، وهذا ما تنص عليه القوانين الدولية في مثل هذه الحالات، خاصة أن سكان غزة بحاجة ماسة لكل شيء فعليا، لأن كل شيء غير متوفر على أرض الواقع".

وأردفت: "اليوم هناك مئات الآلاف من العائلات المُهجّرة، خاصة العائلات التي كانت تعيش في شمال القطاع، والتي اُضطرت إلى النزوح إلى المناطق الجنوبية منه، وبالرغم من أن القانون الإنساني، والقوانين الدولية واضحة فيما يخص حالة هؤلاء السكان، بمعنى أوضح: عندما تطلب أي سلطة من السكان إجلاء مناطق معينة، يتعين عليها في نفس الوقت -بحسب القوانين الدولية- توفير الاحتياجات الأساسية لهؤلاء السكان، وهو ما لم يحدث لمئات الآلاف من العائلات التي اُضطرت، وأجبرت قسرا على النزوح إلى الجنوب".

وواصلت حديثها بالقول إن "الملاجئ الرسمية أو الملاجئ المهيأة لاستقبال النازحين تجاوزت طاقة استيعابها، وهو ما يعني أن مئات الآلاف من العائلات تعيش اليوم في الأماكن العامة، وفي الشوارع، ومنهم مَن نجحوا في تأمين ملاجئ مؤقتة، والملاجئ المؤقتة غير مهيأة بالمرة للحياة الكريمة، ومكتظة بالبشر، مع عدم وجود حمامات بالعدد الكافي، وعدم وجود أبسط الإمدادات كالأغطية وغيرها، أو الإمدادات الأساسية الخاصة بالعائلات".

وأضافت: "نؤكد ونُصرُ على أن الحل اليوم هو وقف التصعيد، ووقف شامل لإطلاق النار، ونحن ننادي بوقف التصعيد في أقرب وقت ممكن، حتى يتمكن المواطنون والمدنيون من التقاط أنفاسهم والحصول على الإغاثة بالشكل اللازم، وحتى يتمكن كذلك الفاعلون الإنسانيون من التحرك، والقيام بأنشطتهم الإغاثية في ظروف ملائمة، أي تتوفر فيها الضمانات الأمنية".

وأوضحت الطرابلسي أن "ما يحصل اليوم في غزة، وإن كانت جهود الإغاثة والعمليات الإنسانية لازمة، ويجب حمايتها وضمان حدوثها بطريقة ملائمة، إلا أن الحلول الأساسية تظل سياسية بالأساس، وتتجاوز ما يمكن أن توفره أو تضمنه المنظمات الإنسانية بما فيها الصليب الأحمر الدولي".

ودعت إسرائيل إلى أن "تسمح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة المعتقلين في الضفة وإسرائيل، كما ندعو حركة حماس لتمكيننا من زيارة الرهائن، ونحن نواصل محادثاتنا مع الطرفين في هذا الصدد، ونأمل أن نحرز تقدما خلال الفترة المقبلة".
التعليقات (0)