تقارير

كفر قرع.. مدينة اليقطين الفلسطينية تواجه الاحتلال لأكثر من ثلاثة قرون

مشهد جوي لقرية كفر قرع الفلسطينية..
مشهد جوي لقرية كفر قرع الفلسطينية..
قفزت إلى دائرة الحدث بعد اغتيال إمام مسجد "قباء" على يد عصابات الجريمة المنظمة في الداخل الفلسطيني، تلك العصابات التي ترعاها و"تتسامح" معها سلطات الاحتلال بشكل لم يعد يخفى على أحد.

بلدة كفر قرع التي تقع شمال فلسطين وتحديدا في منطقة المثلث الشمالي على الحافة الشمالية الغربية لوادي عارة، تعتبر المركز التجاري لسكان وادي عارة.

تتبع إداريا للواء حيفا وتبعد عنها حوالي 50 كلم إلى الجنوب الشرقي، وعن مدينه القدس 115كلم. يبلغ عدد سكانها نحو 23 ألف نسمة بحسب إحصائيات عام 2016، ومساحة أراضيها 6,457 دونما.


                                                        أحد أحياء كفر قرع


اسم كفر قرع مكون من كلمتين: كفر بمعنى القرية، وقرع هو نوع نباتات زراعية من الفصيلة القرعية، شكله مدبب وأصفر اللون، يشبه البطيخ في تكويره، وهو نوع من اليقطين الذي اشتهرت به القرية.

زرعت في القرية مختلف الغلال والخضروات والفواكه، ونظرا لاشتغال معظم سكانها بالزراعة فقد أقيمت فيها جمعية تعاونية زراعية عملت على استيراد وتشغيل التقنيات الحديثة من جرارات ومحاريث وبذور محسنة.

يعود تاريخ قرية كفر قرع الحالية لحوالي 300 عام، كقرية صغيرة كانت مهنة سكانها الزراعة. وهناك رواية تعود إلى القرن السابع عشر بأن كفر قرع كانت خربة صغيرة تقع في منطقة قلقيلية بجوار خربة كفر ثلث وبعد نزاع بين الخربتين انتقل أهالي كفر قرع للعيش في موقع القرية الحالي.

كانت قرية كفر قرع قرية نشطة وفاعلة في ثورة فلسطين الكبرى ما بين عامي 1936 و1939 حيث شكل أهالي القرية فصيلا بقيادة ياسين الأسمر القبق، والذي عمل في منطقة قيادة يوسف أبو درة، والتي شملت منطقة جنوبي حيفا ومنطقة الروحة ووادي عارة وجنين.

وتعرض هذا الفصيل لنكسة شديدة عام 1938 حينما استشهد معظم أعضائه في عملية تطويق قامت بها القوات البريطانية قرب قرية رمانة في قضاء جنين، واعتقل قائد الفصيل ونائبه حسن شبلي.

كانت كفر قرع محط اهتمام كبير من المستوطنات اليهودية المجاورة ونشطاء المؤسسات التابعة للوكالة اليهودية في المنطقة لكونها القرية الثانية بعد صبارين في منطقة الروحة من حيث عدد السكان. وبحكم امتلاك شركة "بيكا" الصهيونية لقسم من أراضيها ومجاورتها لمستوطنات يهودية مثل "جفعات عاده" و"كفار جليكسون"، وأيضا بحكم العلاقات التي ربطت بعض سكان كفر قرع بالمستوطنات اليهودية والأشخاص العاملين فيها.

ومع اشتداد الصدامات بعد صدور قرار التقسيم عام 1947 اهتم رجال الوكالة اليهودية وعصابات الهاغاناه أن يكون لهم مصدر معلوماتي داخلي يزودهم بالمعلومات عن تحركات الطرف العربي على طول جبهة وادي عارة. وفي 8 أيار/ مايو عام 1948 قامت "الهاغاناه" بشن هجوم على القرية التي واجهت وحدها العصابات ولم يكن يمتلك سكانها سوى نحو 50 بندقية مختلفة الطراز.

قاوم أهل القرية قدر استطاعتهم ولكن القوات المهاجمة استطاعت دخولها والسيطرة على بعض النقاط الاستراتيجية فيها. عندها بدأ الأهالي بمغادرتها، حيث كانت أول حارة غادر أهلها حارة الزحالقة التي تعرضت للهجوم الأول، وتم إخلاء النساء والأطفال والعزل من السلاح وبعدها تم إخلاء القرية تماما إلا من المقاتلين. ثم بدأت الفزعات بالوصول من القرى المجاورة وكان معهم جنود من جيش الإنقاذ الذين أحضروا معهم مدفعا رشاشا من طراز برن، كما جاءت الفزعات من قرى: عارة، عرعرة، برطعة، يعبد وأم الفحم.. بعد ساعتين من بدء العملية.

وقد فاجأت الفزعات المهاجمين فانسحبوا، وبعد ذلك بيوم رجع السكان إلى القرية، وأخذوا أغراضهم وتشتتوا.. وفي 10 أيار/ مايو عام 1948 بدأ لجوء سكان كفر قرع إلى القرى المجاورة: عارة، عرعرة، برطعة، طورة، يعبد، وأماكن أخرى. واستمرت حتى 12 نيسان/ إبريل عام 1949 حيث دام تهجيرهم 11 شهرا، لكنهم عادوا قبل تسليم القرية للاحتلال بمقتضى "اتفاقية رودس" بين الأردن ودولة الاحتلال في 19 أيار/ مايو عام 1949.

وبعد نحو عشر سنوات تأسس مجلس كفر قرع المحلي وتحديدا في عام 1958، وفي عام 1960 أُجريت أول انتخابات في السلطة المحلية.


                                                         أحد مساجد كفر قرع

تتميز كفر قرع بنسبة عالية من الأكاديميين الجامعيين الذين تخرجوا من مختلف الجامعات في البلاد أو خارجها، كما تفوق فيها نسبة الأطباء أي بلدة عربية أخرى.

وعاشت قرية كفر قرع أخيرا أياما من الحزن والصدمة عقب قتل إمام مسجد قباء في المدينة، سامي عبد اللطيف مصري، على يد عصابات الجريمة المنظمة، وشيعته البلدة وسط أجواء من الحزن والغضب والحداد التي تخيم على المدينة إثر مقتل ثلاثة أشخاص في ظرف ساعات، وهي الجرائم التي يشهدها الداخل الفلسطيني وتقوم بها عصابات الجريمة التي تحظى بتغطية وصمت رسمي إسرائيلي. وباتت تشكل قلقا وأرقا لفلسطينيي 48.

المصادر

ـ  مصطفى مراد الدباغ، بلادنا فلسطين، ص 634.
ـ  محمد حسن شراب، حيفا جارة الكرمل وعروس فلسطين، 2012.
ـ د. مصطفى كبها، من دفاتر النكبة 13: كفر قرع؛ قصة معركة فاصلة وتهجير دام 11 شهرا، 4/11/2008، موقع عرب 48.
ـ د. شكري عراف، محطات على تاريخ كفر قرع.
ـ مصطفى كبها، بلاد الروحة في فترة الانتداب البريطاني، 2004.
ـ تنديدا بالجريمة: الآلاف يغلقون شارع 65 بعد تشييع إمام مسجد قباء بكفر قرع، عرب 48، مصدر سابق، 3/9/2023.
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع