قضايا وآراء

الأسئلة الأهم التي لم يُجِب عنها أحمد الطنطاوي

أحمد عبد العزيز
أحمد الطنطاوي.. عضو سابق في "برلمان الانقلاب"
أحمد الطنطاوي.. عضو سابق في "برلمان الانقلاب"
قبل يومين، بث أحمد الطنطاوي، النائب البرلماني السابق ورئيس حزب "الكرامة" السابق، والمرشح الرئاسي المحتمل، تسجيلا مصورا مدته ساعة ونصف الساعة، أجاب فيه عن عدد من الأسئلة التي لاحقته طوال الشهور المنصرمة، في صورة شائعات، أو أقاويل، أو افتراءات.. بمعنى أن الأسئلة تعرَّض معظمها (إن لم يكن كلها) للجانب الشخصي، وليس للجانب السياسي، ومن هنا تأتي أهمية الأسئلة التي أطرحها في هذا المقال..

الطنطاوي بث هذا التسجيل المصوَّر تزامنا مع اعتقال عمه وخاله، وعدد من أصدقائه ومؤيديه، قبيل الموعد الذي حدده سلفا لعودته إلى مصر من لبنان الذي أقام فيه لعدة أشهر؛ بقصد الدراسة، وبلورة الأفكار والرؤى التي سيطرحها على الشعب حال عودته إلى مصر وإقدامه على الترشح لرئاسة الجمهورية، في مواجهة المنقلب الفيلد مارشال ياسر جلال "صاحب الزحفة الأرضية الأولى"، ومبتكر تكتيك "الزحف على البطون وتصدير المؤخرات للعدو" الذي تم تنفيذه بنجاح ساحق (قبل أسابيع) في معركة "مطار مروي" السوداني التي أسفرت عن تدمير أربع مقاتلات مصرية، ووقوع عدد من قوات الصاعقة المصرية في قبضة مليشيات "الخطف السريع" التي يرأسها "حميدتي". ولا يزال مصير هؤلاء الجنود مجهولا، في الحقيقة.. أما في إعلام الانقلاب، فقد قامت قوات النخبة GIS بتحريرهم في عملية (لا مؤاخذة) نوعية خاطفة، أُطلِق عليها اسم "صقر204"!

أطرح على الأستاذ الطنطاوي الأسئلة "الأهم"، من وجهة نظري.. تلك الأسئلة التي لم يُجب عنها في بثه المصور؛ ربما لأنها لم تُطرح عليه من الأساس، رغم أهميتها وحساسيتها لدى قطاع عريض لا يستهان به من المصريين، فضلا عن ضرورة طرحها؛ لاستجلاء موقف الطنطاوي مما أطلق عليها نظام الانقلاب "ثورة" 30 يونيو، التي يعتبرها الطنطاوي "ثورة" أيضا! وانقلاب 3 تموز/ يوليو 2013 الذي سوَّقته أذرع الانقلاب الإعلامية باعتباره استجابة لنداء الشعب

في هذا المقال، أطرح على الأستاذ الطنطاوي الأسئلة "الأهم"، من وجهة نظري.. تلك الأسئلة التي لم يُجب عنها في بثه المصور؛ ربما لأنها لم تُطرح عليه من الأساس، رغم أهميتها وحساسيتها لدى قطاع عريض لا يستهان به من المصريين، فضلا عن ضرورة طرحها؛ لاستجلاء موقف الطنطاوي مما أطلق عليها نظام الانقلاب "ثورة" 30 يونيو، التي يعتبرها الطنطاوي "ثورة" أيضا! وانقلاب 3 تموز/ يوليو 2013 الذي سوَّقته أذرع الانقلاب الإعلامية باعتباره "استجابة لنداء الشعب الذي لم يجد من يحنو عليه"، فخرج "ثلاثون مليونا" من المصريين، في 30 حزيران/ يونيو 2013، ضد الرئيس محمد مرسي!

وقد صرَّح المخرج خالد يوسف في "ساعة غضب" بأنه "استخدم تقنيات خاصة في التصوير؛ لإظهار أعداد المتظاهرين على غير الحقيقة"، أي قام بـ"تزييف" الصورة ليخدع المصريين، كدأب النظام دائما في كل ما يتعلق بالأرقام: نتائج الانتخابات، قيمة الديون، حجم الناتج المحلي، عدد الصناديق السيادية الخارجة عن سيطرة الدولة، حجم الاحتياطي النقدي، معدل التضخم، عدد المصريين تحت خط الفقر.. إلخ!

وقد اخترت أن أطرح هذه الأسئلة في رسالة مفتوحة، كنوع من التقدير للرجل الذي استمعت إليه بإعجاب واهتمام، ولكي يتعرف عليه المصريون أكثر، إذا أجاب عنها، وآمل أن يجيب..

عزيزي الأستاذ أحمد الطنطاوي..

تحياتي..

استمعت إلى ردودك على أسئلة متابعيك.. وكان الانطباع الذي تكوَّن لديَّ من خلال هذه الردود: أنك رجل مثقف، بليغ، لبق، لديك ما تقوله، أسلوبك رصين ومهذب، تتمتع بثبات انفعالي جيد، عفّ اللسان، متواضع، توافقي، تحترم العلم والتخصص.. وكلها صفات يفتقر إليها السواد الأعظم من السياسيين المصريين، للأسف الشديد، ولا يتمتع طبيب الفلاسفة الذي يحكم مصر اليوم بالحديد والنار بأي منها.. فلا وجه للمقارنة بينكما..

كم هو رائع أن يكون في مصر سياسي يتمتع بهذه الصفات الحميدة التي إذا تحلى بها سياسيونا، أو نصفهم، أو حتى ربعهم، فسيكون لمصر وجه آخر، وشأن آخر..

أنت بهذه الصفات "رئيس لُقطة" لا سيما في هذه الظروف "المهببة" التي تمر بها مصر، تحت حكم الفيلد مارشال ياسر جلال! بغض النظر عن "أخلاقية" المشاركة في هذه "المهزلة" من عدمه.. هذه المهزلة التي تتكرر للمرة الثالثة، بالمخالفة لدستور 2014 الذي كتبه ياسر جلال ولجنة الخمسين بـ"نية حسنة" اقتضت "الضرورة" الانقلاب عليها؛ لضمان بقاء "مرشح الضرورة"، حسب وصف الراحل محمد حسنين هيكل للجنرال المنقلب، إلى عام 2030.. وللضرورة أحكام كما يقولون، و"الأحكام" واضحة زي عين الشمس، ولم تعد خافية على أحد!

بهذه الصفات "رئيس لُقطة" لا سيما في هذه الظروف "المهببة" التي تمر بها مصر، تحت حكم الفيلد مارشال ياسر جلال! بغض النظر عن "أخلاقية" المشاركة في هذه "المهزلة" من عدمه.. هذه المهزلة التي تتكرر للمرة الثالثة، بالمخالفة لدستور 2014 الذي كتبه ياسر جلال ولجنة الخمسين بـ"نية حسنة" اقتضت "الضرورة" الانقلاب عليها؛ لضمان بقاء "مرشح الضرورة"

الأسئلة الأهم

عزيزي الأستاذ طنطاوي..

لديَّ عدد من الأسئلة التي أراها جوهرية وهامة، أود طرحها عليك، وآمل أن أسمع إجابتك عنها قريبا وهي:

- بعد عشر سنوات، ما تقييمك لخطوة الانقلاب على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي؟ هل كانت خطوة في الطريق الصحيح، وهل أنقذت مصر حقا؟ هل أضحت مصر (بعد الانقلاب) في حال أفضل مما كانت عليه في 2013؟

- هل في العلوم السياسية (التي درستها) ما يبرر الانقلاب على رئيس منتخب، استنادا إلى خيالات، وأوهام، وافتراءات ليس لها ظل في الحقيقة، ولم تثبت بأي وسيلة قانونية معتبرة حتى الساعة مثل: "تزوير الانتخابات"، و"ترهيب السلطة الحاكمة وقتذاك (المجلس العسكري) وتخويفها بإشاعة الفوضى"، و"جر البلاد إلى حرب أهلية"، و"أخونة الدولة"، و"بيع قناة السويس لقطر"، و"التخابر مع قطر وحماس"، و"بيع سيناء؛ لتكون وطنا بديلا للشعب الفلسطيني".. إلى آخر هذه الافتراءات الرخيصة؟

- هل لا تزال تعتقد بصحة هذه الافتراءات، بعدما ثبت وشاع واشتهر أن الانقلاب على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي (رحمه الله) تم بتمويل سخي سعودي إماراتي، ودعم سياسي صهيوني، ورضا أمريكي، وتحريض محموم من رؤوس "التيار المدني" أو "العلماني" الذي تنتمي إليه؟

- هل لا تزال تعتقد (بعد كل ما شهدته مصر من كوارث على مختلف الصُّعُد وفي كل المجالات) بأن الانقلاب على الرئيس مرسي كان يجب أن يتم، ولم يكن من "الحكمة" ولا "الوطنية" الانتظار حتى تنتهي الفترة الرئاسية المقررة دستوريا، فيرحل الرئيس بإرادة الشعب كما جاء بإرادة الشعب، إذا قرر الشعب أن يرحل؟

- كيف سمحت لنفسك (وأنت الرجل الوطني المثقف المتزن) أن تكون عضوا في "برلمان" الانقلاب الذي تشكل بمعرفة الأجهزة الأمنية، وليس بأصوات الناخبين، إلا في حالات نادرة جدا؟ فما هي مبرراتك؟ وإلى ماذا كنت تتطلع بإقدامك على هذه الخطوة؟

- ألا ترى أنك تخوض معركة في بيئة تأسست قواعد المنافسة فيها (إذا كان لها قواعد) على اغتصاب السلطة، واعتقال المعارضين، وقتلهم، واضطهادهم، وملاحقتهم؟ إذا كانت الإجابة "نعم"، وهي نعم، فما الهدف من مشاركتك؟ أهو التغيير الذي تعرف أنه بعيد المنال، في ظل هذه السلطة الانقلابية المسعورة، أم هو سعي لبناء مجد شخصي، بغض النظر عن الثمن والنتيجة؟

ألا ترى أنك تخوض معركة في بيئة تأسست قواعد المنافسة فيها (إذا كان لها قواعد) على اغتصاب السلطة، واعتقال المعارضين، وقتلهم، واضطهادهم، وملاحقتهم؟ إذا كانت الإجابة "نعم"، وهي نعم، فما الهدف من مشاركتك؟ أهو التغيير الذي تعرف أنه بعيد المنال، في ظل هذه السلطة الانقلابية المسعورة، أم هو سعي لبناء مجد شخصي، بغض النظر عن الثمن والنتيجة؟

- ما الدرس أو الدروس التي استخلصتها من تجربة الرئيس مرسي (المدني المنتخب) حتى لا تكون "مرسي الثاني"؛ فكلاكما كان نائبا برلمانيا، وكلاكما مدني، وكلاكما قادم من خارج دولاب الدولة العميقة؟

- هل تعتقد بأن الرئيس محمد مرسي (رحمه الله) قد ظُلِم، وأنه عومل معاملة غير لائقة، وغير إنسانية، وأنه يجب رد الاعتبار إليه، كونه رئيسا سابقا، بل أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، أم أنه نال المعاملة التي يستحقها؟

- برأيك.. هل كانت "محاكمة" الرئيس مرسي عادلة أم مسيَّسة؟

- هل تعتبر ضحايا مجزرة رابعة وأخواتها من المجازر شهداء، ناضلوا من أجل الحرية، وعودة الشرعية التي منحها الشعب للرئيس المدني المنتخب، عبر انتخابات نزيهة، أم أنهم خارجون عن القانون؟ وإذا كانوا خارجين عن القانون، فما رأيك فيمن يقود انقلابا على الرئيس المنتخب بالمخالفة للدستور والقانون؟ هل ترى أن هذا المنقلب قام بعمل وطني يُشكر عليه، أم حنث بالقسم، وخان الوطن، ويستحق أن تنزل به أغلظ عقوبة ممكنة؟

- هل تعتقد بصحة ادعاء الانقلاب الذي يقول: "إن اعتصامي رابعة والنهضة كانا مسلحيْن"؟ أم ترى أنه ادعاء باطل؛ الغرض منه تبرير المذبحة، وكثرة الضحايا، وأن الاعتصامين كانا سلميين؟ إذا كنت تعتقد بأن الاعتصامين كانا مسلحين، فما الدليل الذي بنيت عليه هذا الاعتقاد؟

- ما رأيك في الكيفية التي تم بها "فض" اعتصامي رابعة والنهضة؟ هل كانت قانونية برأيك؟ أم كانت إبادة جماعية، وجريمة ضد الإنسانية؟

- من حق أهالي ضحايا الانقلاب أن يلاحقوا قتلة ذويهم قضائيا.. فهل ستسمح بمحاكمة هؤلاء القتلة علنا؟ وهل ستصدق على أحكام الإعدام والمؤبد بحقهم؟ أم أنك ستستعمل سلطتك فتخففها، ثم تمنحهم عفوا "رئاسيا"، بعد حين؟ أم أنك ستغلق هذا الملف من الأساس، بأن تمنح هؤلاء القتلة (وعلى رأسهم السيسي) حصانة تحميهم من المحاكمة، وتضمن لهم خروجا آمنا من السلطة؟

- هل تعتبر الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية" كما يدَّعي نظام الانقلاب، أم تراها فصيلا وطنيا، خاض المنافسات السياسية كافة بشرف، وفاز فيها بإرادة الشعب، وأن إقصاءهم واضطهادهم جريمة يجب وقفها فورا؟

- هل تعتقد بأن جماعة الإخوان المسلمين مارست أعمالا إرهابية؟ إذا كانت الإجابة "نعم".. فما هذه الأعمال؟ وما دليلك على صحة نسبتها إلى الإخوان؟

- ما الوضع الذي ترى عليه جماعة الإخوان المسلمين مستقبلا.. الحظر والمنع، أم العودة إلى ممارسة أنشطتها؟

- هل ستظل الدولة تتعامل مع الكنيسة ككيان "موازٍ" للدولة، لها "شعبها" الذي يأتمر بأمرها، ولها "ميزانيتها" التي لا تخضع لرقابة الدولة، ولها "أوقافها" التي لا تعلم الدولة عنها شيئا، أم ستعاملها الدولة معاملة مؤسسة الأزهر؟

- هل ستُبقي على التاريخ المفبرك الذي يعتبر محمد عبد العزيز (برايز) ومحمود بدر (بانجو) من مفجري "ثورة" 30 يونيو، وأن السيسي جاء للحكم بثورة وليس بانقلاب، وأن الرئيس مرسي جاء بالتزوير، ولم يكن شخصا وطنيا، و.. و..؟ أم ستسارع بمحو هذه الأكاذيب، وإسناد مهمة تدوين أحداث هذه الحقبة إلى كُتَّاب عدول؟

- هل ستعيد أهالي سيناء الذين هجَّرهم الجيش قسريا، وهدم بيوتهم تعسفيا إلى أرضهم، أم ستكرس ما قام به نظام الانقلاب من تهجير وتدمير، ويبقى الحال على ما هو عليه؟

- ماذا أنت فاعل في مصيبة سد النهضة؟

- ماذا أنت فاعل بشأن جزيرتي تيران وصنافير؟

أما الأسئلة التي تخص الاقتصاد، والجيش، والسياسة الخارجية، وغير ذلك من المجالات، فأرى أن طرحها في الوقت الحالي سابق لأوانه..

تحياتي..

(عضو الفريق الرئاسي للرئيس الشهيد محمد مرسي- والد الصحفية الشهيدة حبيبة، إحدى ضحايا مجزرة رابعة)

twitter.com/AAAzizMisr
aaaziz.com
التعليقات (1)
كاتب المقال
الثلاثاء، 09-05-2023 07:24 م
الأسئلة التي وجهتها للأستاذ الطنطاوي، في هذا المقال، لم تكن عن قناعة بشرعية ما يسمى "الانتخابات الرئاسية" في ظل نظام انقلابي فاشي، أطاح بأول تجربة حقيقية للتداول السلمي على السلطة، ولا أقول "ديمقراطية".. هذه الأسئلة موجودة (وستظل) في صفحة يريد كثيرون لها أن تُنسى أو تُطمس، وكأنها لم تكن، وهذه خيانة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأنا ومثلي لن نسمح بطمس هذه الصفحة أو نسيانها أو تجاهلها، مهما كانت الذرائع والأسباب.. إن هذه الصفحة ممتلئة عن أخرها ظلما وعدوانا ودماءً وفسادً ودمارً وشروخا اجتماعية لن تلتئم إلا بعد سنوات طوال، إذا التأمت! هذه الأسئلة يجب على أي رئيس قادم لمصر أن يجيب عنها، بغض النظر عن الوسلية التي سيصل بها إلى السلطة! فالإخوان المسلمون وأنصارهم والمتهمين بالانتماء لهم أعدادهم بالملايين، وليس بالآلاف، ومن حق هذه الملايين (بل من واجبها تجاه الضحايا، وتجاه نفسها) أن تطرح مثل هذه الأسئلة، لا سيما إذا من كان يسعى إلى الحكم يقدم نفسه مصلحا ومنقذا للبلاد مما وصلت إليه من دمار سياسي وسيادي واقتصادي واجتماعي وأمني، مثل الأستاذ الطنطاوي.. هذه الأسئلة ليست مزايدة على الرجل أو غيره، وإنما الغرض من طرحها، إتاحة الفرصة له (بما أنه ينوي خوض هذه التجربة) لكي يثبت للمصريين صدقه، ونزاهته، وإنسانيته، وعقلانيته، وحرصه على رد المظالم والحقوق! فمن يفرط في حقوق البعض لأي سبب من الأسباب، فلا مانع لديه من التفريط في حقوق الكل.. ومن يغض الطرف عن ظلم فصيل اليوم، فسيغض الطرف عن ظلم "فصائل" في المستقبل، وهذا مؤشر على أنه "ظالم بالفطرة" لم تتح له الفرصة لممارسة الظلم بعد.. ما يعني أن مصر ستبقى في هذه الدائرة المظلمة المغلقة من "البدائية"، وسيادة شريعة الغاب إلى ما شاء الله.. وهذا ما لا نتماه لبلادنا.