صحافة إسرائيلية

رئيس الشاباك السابق يرصد دوافع الفلسطينيين لتنفيذ الهجمات

ديسكين: لا يوجد محرك أقوى لتحفيز تنفيذ هذه الهجمات الفردية أو المنظمة من انتشار اليأس
ديسكين: لا يوجد محرك أقوى لتحفيز تنفيذ هذه الهجمات الفردية أو المنظمة من انتشار اليأس
ما زالت العمليات الفدائية الأخيرة تثير ردود الفعل الإسرائيلية خصوصا في الجانب الأمني، في ضوء ما كشفته عن سنوات من الإهمال على جانبي الخط الأخضر، والقيادة الإسرائيلية الضعيفة التي تفتقر إلى الردع الأمني أمام المقاومة الفلسطينية.

يوفال ديسكين، رئيس جهاز الامن العام- الشاباك، الأسبق، ذكر في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ترجمته "عربي21" أن "هناك شكوكا في أن يكون منفذو العمليات الأخيرة قاموا بها بشكل عفوي دون إيعاز من خلايا محلية، لكن بغض النظر عن كون العمليات فردية أو منظمة، فمن الواضح أن الأجواء العامة في الدولة تهيأت وشجعت على وقوع هذه الهجمات، دون قدرة الدولة على السيطرة عليها، لأنه لا يوجد محرك أقوى لتحفيز تنفيذ هذه الهجمات الفردية أو المنظمة من انتشار اليأس، والشعور بـ"اللا مستقبل"، والأهم من ذلك "ليس هناك ما نخسره بعد الآن".

وأضاف أن "حماس والمنظمات الفلسطينية تعرف كيفية استغلال هذه الأجواء من خلال بث مزيد من التحريض أكثر على تنفيذ الهجمات، جنبًا إلى جنب مع الدوافع الدينية والوطنية، لكن من الواضح أن هناك حالة من اليأس تميز الواقع في الضفة الغربية، وكذلك بين فلسطينيي48، تنطلق من الشعور بأنهم "لا يريدونني في الدولة"، بجانب الشعور بالتمييز، وهذه مشاعر مبررة ومثبتة، لا سيما من خلال الجيل الأصغر من فلسطينيي48، الذين نشأوا في حالة افتقار شديد لوجود الحكومة، وانعدام الردع".

تذهب الوجهة الإسرائيلية اليوم نحو تلمس الأسباب التي تجعل شبانا في مقتبل العمر ينفذون هجمات فدائية قوية، لكنها في الوقت ذاته تهرب من الأسباب السياسية الحقيقية وهي استمرار الاحتلال، وفي الوقت ذاته تبحث عن العوامل الأخرى، وهي قد تكون حقيقية، سواء ما تعلقت بفلسطينيي48، أو بالضفة الغربية، حيث ينتشر الفساد في السلطة الفلسطينية، ويغيب الأفق السياسي والاقتصادي، ما يؤدي إلى انتشار مشاعر الاشمئزاز والازدراء والكراهية من الفلسطينيين تجاه قيادتهم، كما أن الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية التي ساهمت في الهدوء الأمني النسبي في الضفة الغربية منذ 2008، تفقد شرعيتها، وتقل قبضتها.

في الوقت ذاته، يضع الإسرائيليون أصابعهم على الإخفاق الذي وقعت فيه المؤسسة العسكرية والأمنية لديهم في عدم وقف هذه الهجمات، لأنها فشلت في تطوير آليات واقعية ميدانية للحد من هذه الهجمات، لا سيما إهمال المساحة العازلة على جانبي الخط الأخضر على طول الجدار الفاصل، وعدم تطوير العديد من الاستراتيجيات الدفاعية، ما سمح بالتدفق غير المنضبط للعمال الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى داخل فلسطين المحتلة عام 1948.

ترصد الأوساط الأمنية الإسرائيلية كيف أن الثغرات الكثيرة على طول الجدار سمحت بأن تدفع إسرائيل ثمنا استراتيجيا من خلال تسلل الأشخاص والمركبات والأسلحة والمسلحين، ما عمل على تبديد صورة الردع الإسرائيلية، وعدم وجود ردع حقيقي في مواجهة العمليات، وقد أشارت التقديرات الأمنية الإسرائيلية أوائل هذا العام إلى وجود جملة من الدوافع الكبيرة بالتوجه نحو التدهور الشديد للوضع الأمني، كنتيجة إجمالية لسنوات عديدة من سياسات حكومات نتنياهو لمدة 12 عامًا متتالية بين 2009 و2021.

لا تخفي الأوساط الإسرائيلية في الوقت ذاته، كيف تسببت السياسات الإسرائيلية القائمة على إهمال التعامل مع القضية الفلسطينية، وتجاهلها، وتشجيع ظواهر مجموعة من الكهانيين والعنصريين المحرضين في الكنيست، الذين يحاولون صب البنزين على هذا الواقع الساخن في كل فرصة، بزعم أنهم جزء من تشكيل أي حكومة ائتلاف في إسرائيل، والنتيجة أنها اليوم أمام فشل أمني ذريع.

ولا تغفل التوصيات الإسرائيلية ضرورة إعادة السيطرة الأمنية على شمال الضفة الغربية، مع التركيز على منطقة جنين، بزعم أنه حان الوقت للتفكير في أمور أخرى غير المداهمات بقوات كبيرة لعملية اعتقال أو لأخرى، بجانب الإغلاق الفعال للسياج.. والحاجة لعملية واسعة النطاق قائمة على المعلومات الاستخباراتية من شأنها استعادة السيطرة على المنطقة، رغم أن ذلك قد يؤدي إلى تدهور الوضع في قطاع غزة.

في الوقت ذاته، فإن هناك دافعا إسرائيليا داخليا لظهور هذه العمليات الفلسطينية تباعا، وهو يتعلق بالوضع السياسي المتردي فيها، وتعمق الانقسامات في مجتمعها، وحالة التدهور الاجتماعي والأمني الحاد فيها، وغياب قيادة حقيقية للدولة، تتفهم مشاكلها الأمنية، ولا تتجاهلها.
0
التعليقات (0)