اقتصاد عربي

ما القطاعات الأكثر تضررا من خفض الجنيه وتأثيرا على المصريين؟

هبوط الجنيه للمرة الثانية في خمس سنوات ليس النهاية لحل المشاكل الاقتصادية - جيتي
هبوط الجنيه للمرة الثانية في خمس سنوات ليس النهاية لحل المشاكل الاقتصادية - جيتي

ألقى خفض الجنيه المصري أمام الدولار بنحو 17 بالمئة بظلال قاتمة على العديد من القطاعات الحيوية التي تمس معيشة المواطنين بشكل مباشر، والتي من المتوقع أن ترتفع كلفتها المادية على نحو كبير في مقدمتها قطاع الأدوية والعقارات والطاقة، بالإضافة إلى قطاع التجزئة الذي يعد المحرك الرئيسي للأسواق.

ومنذ اللحظات الأولى لانخفاض الجنيه، برزت مؤشرات مقلقة من قبل مؤسسات وشركات مالية، تؤكد تضرر العديد من القطاعات في مصر من تداعيات تلك الخطوة لارتباطها باستيراد المواد الخام من الخارج بالعملة الصعبة، التي سوف يتحملها المستهلك في نهاية المطاف.

ويرى محللون وخبراء تحدثوا لـ"عربي21" أن هبوط الجنيه للمرة الثانية في خمس سنوات، ليس النهاية لحل المشاكل الاقتصادية التي تواجهها البلاد، والتي لم تستطع تجاوزها رغم وعود النظام المصري بتجاوز الأزمة عقب عملية التعويم الأولى؛ نتيجة السياسات الاقتصادية التي يتحكم فيها الجيش المصري وليس المسؤولين التنفيذيين.

ويأتي في مقدمة القطاعات المستفيدة، قطاع السياحة الذي من المتوقع أن يستفيد من تراجع قيمة الجنيه بعد أن حققت إيرادات بنحو بـ 13 مليار دولار، إلى جانب زيادة قيمة تحويلات المصريين بالخارج، التي بلغت رقما قياسيا بنحو 31 مليار دولار عام 2021، بحسب إسراء أحمد محللة الاقتصاد الكلي لدى بنك الاستثمار الأهلي فاروس.

 

اقرأ أيضا: ماذا يعني طلب مصر الاقتراض مجددا من صندوق النقد الدولي؟

قطاع الأدوية نحو زيادة جديدة

ويحل في مقدمة القطاعات المتضررة، قطاع الأدوية الذي يعتمد بنسبة 90 بالمئة على استيراد المواد الفعالة المستخدمة في إنتاج آلاف الأدوية المحلية، إلى جانب ارتفاع أسعار الأدوية المستوردة التي تصل إلى 8% من حجم سوق الدواء، ما قد يفتح الباب أمام رواج الأدوية المغشوشة.

في هذا السياق، يقول وكيل وزارة الصحة سابقا، الدكتور، مصطفى جاويش: "تعتبر عشوائية أسعار الدواء في مصر أهم المشكلات التي يعاني منها المواطن، خاصة في ظل الزيادات المتتالية في أسعار الدواء، وكان آخرها في شهر شباط/فبراير الماضي، حيث حركت وزارة الصحة أسعار عدد كبير من الأدوية".

واعتبر في تصريحات لـ"عربي21"، أن "المشكلة تكمن في أن أكثر من 90% من المواد الخام مستوردة من الخارج، وبمراجعة سريعة لمتوسط إنفاق الأسرة المصرية سنويا في المجال الصحي، نلاحظ أنه كان نحو 275 جنيها مصريا قبل تعويم عام 2016، وبعده بعام ارتفع إلى الضعف إلى 500 جنيه، ويصل إنفاق الأسرة على الرعاية الصحية نحو 10% سنويا من دخلها، وفق الجهاز المركزي للإحصاء".

وحذر جاويش من تدهور الصحة المجتمعية "في ظل غياب منظومة تأمين لأغلبية المواطنين، وفتح الباب أمام الأدوية المغشوشة، نتيجة زيادة الأعباء المالية السنوية مع انهيار سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، مما ينذر بعواقب وخيمة، خاصة أن مشروع التأمين الصحي الجديد يغطي أربع محافظات، بنسبة لا تتجاوز 5 % فقط من سكان مصر حتى الآن".

قفزة واضطراب في أسعار العقارات

فيما يتعلق بسوق العقارات، شهدت أسعار مواد البناء والتشطيبات قفزة في الأسعار ما بين 15 بالمئة و35 بالمئة خاصة الحديد والإسمنت، وتوقع عضو لجنة الإسكان بالبرلمان المصري سابقا، عزب مصطفى أن ترتفع أسعار العقارات "ما بين 20 بالمئة إلى 30 بالمئة، نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل كبير، مع تراجع الطلب على الشراء".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21" أن "مواد البناء ارتفعت بشكل مقلق؛ فعن الحديد والإسمنت على سبيل المثال ارتفعا ما بين 20 إلى 30 بالمئة، خاصة أن مصر تستورد الحديد الخام من الخارج من عدة دول من بينها روسيا وأوكرانيا، إلى جانب ارتفاع النحاس والأدوات الكهربائية والتشطيبات يجعل ارتفاع الوحدات السكنية أمرا محتوما، ولكن هذا الارتفاع سيؤثر على حركة البناء وتوقف العديد من المشروعات أو تعطلها، ما يترتب عليه تشريد آلاف العمال، وعدم قدرة الشباب الحصول على وحدات سكنية بسعر مناسب".

أما فيما يتعلق بأسعار الطاقة، استدرك عزب أن "جميع التوقعات تؤكد إقرار زيادة جديدة في أسعار المحروقات، بعد اجتماع لجنة تسعير الوقود بعد أيام، خاصة البنزين، وسوف تشهدا ارتفاعا جديدا غير مسبوق، وقد يتخطى سعر اللتر 10 جنيهات لبنزين 92، وهو ما سينعكس على تكاليف نقل جميع المنتجات والمواد الخام، ومن ثم ارتفاع الأسعار تباعا".

 

اقرأ أيضا: "ثورة الغلابة".. غضب من الوضع الاقتصادي بمصر ودعوات للتظاهر

 

فقاعة أسعار انفجرت

وقبل خفض الجنيه المصري، شهدت أسعار أسواق التجزئة من السلع الاستهلاكية؛ كالمواد الغذائية والسلع المعمرة قفزة كبيرة في الأسعار، تراوحت بين 20 بالمئة و30 بالمئة، بحسب تجار جملة وقطاعي؛ نتيجة تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، لكن بعد ارتفاع الدولار وكأن فقاعة انفجرت.

وتوقع التجار في تصريحات لـ"عربي21" أن "تصل الزيادة الجديدة إلى 50% على أقل تقدير، خاصة في الزيوت ومنتجات الدقيق، والأعلاف والأسمدة إلى جانب باقي السلع؛ لأن بعضها إما مستورد بالكامل أو يستخدم كمواد وسيطة في الإنتاج، ومن ثم فإن حجم الضرر سوف يزيد بمرور الأيام بعد وصول البضائع الجديدة.

التعليقات (0)