قضايا وآراء

حاجتنا الماسّة لإعادة إحياء قيمة الابتعاث والرسالية

إبراهيم الديب
1300x600
1300x600

لماذا الحاجة إلى بناء المفهوم الحضاري الشامل لقيمة الابتعاث والرسالية وإجراءاته السلوكية العملية؟

إشكاليات كبرى نعيشها في حياتنا اليومية أفرادا وأسرا ومؤسسات ومجتمعات ودولا، نتيجة لغياب المفهوم الحقيقي لقيمة الابتعاث والرسالية على مستوى الفهم الحضاري الشامل الصحيح، وعلى مستوى التطبيق السلوكي، تتجلى في:

أولا: غياب وتلاشي مفهوم الابتعاث الحضاري للمسلمين وأنهم مبتعثين لمهمة ورسالة عالمية كبرى، وتفكك وتلاشى فكرة الرسالية وغيابها عن العقل الجمعى للمسلمين

خاصة مع ضعف العرب والمسلمين وتوقفهم وتراجعهم حضاريا، وتعاقب سلسلة متتالية من الأجيال العربية والإسلامية تحت وطأة الاستعمار الخارجي، والاستبداد المحلي الوكيل التابع للمستعمر العالمي، وضعف مستوى فهم الدين ودوره في الحياة ومهمة أصحابه، وانخفاض مستوى الطموح وتدنىي الأهداف إلى مجرد الحياة فقط.

ثانيا: عدم وضوح وغياب الوعي بغايات وأهداف وأهمية مفهوم الرسالية والابتعاث في البناء التربوي للفرد وللمجتمعات الإسلامية؛ في إنشاء أجيال جديدة بالغة الوعي ومتميزة في قدراتها وقوتها وفاعليتها الحضارية.

ثالثا: التعمد والإصرار المستمر من قبل الإستعمار والاستبداد المحلي على تغييب مفهوم ابتعاث المسلمين لمهمة كبرى، وأنهم أصحاب رسالة عالمية عظمى بتعمد تفريغ القيم القرآنية من مضمونها وتغييبها عن الساحة التربوية والثقافية، وإحلالها بمنظومة من مفاهيم التفاهة والتقزيم للشخصية العربية والإسلامية، عبر تمكين ذلك في منظومة التربية والتعليم والثقافة والإعلام والشباب والأوقاف.. الخ.

رابعا: نشر وتعزيز مفاهيم الفردية والأنانية والمصلحة والمنفعة الخاصة، ولو على حساب المنفعة العامة للمؤسسة والمجتمع والوطن والأمة والإنسانية، وتغذية ذلك باستمرار عبر وسائل التعليم والتثقيف المختلفة.

مما أدى إلى:

1- تفريغ مفهوم الابتعاث والرسالية من مضمونه بشكل متدرج.

2- التغييب الحقيقي لقيمة الابتعاث والرسالية من العقل الجمعي العام للمجتمع، ومن ثم بسهولة من اهتمام وتوجهات وخطط الأنظمة السياسية والدولة.

3- ضعف ومسخ الشخصية العربية والإسلامية بتخليه عن رسالته العالمية؛ إلى رسالة محلية وفردية هشة وضعيفة قوضت من قيمته الذاتية المضافة.

4- ضعف وتدني مستوى الأفكار والأحلام والاهتمامات ونضوب الطموح، وتلاشي أصحاب الهمم العالية والإنجازات الإبداعية.

5- تغليب المصلحة والمنفعة الخاصة على العامة، وظهور ما يعرف بطبقة تجار الدين وتجار الوطنية المزيفة والمتلاعبين بعواطف الشعوب المغيبة عن الوعي.

6- ضعف القوة والفاعلية الحضارية للعرب والمسلمين بشكل عام.

7- التحول من الإنسان والمجتمع الحضاري الرسالي العالمي إلى إنسان ومجتمع النملة، الذي يعيش لتوفير قوت يومه وتخزين ما يستطيع للأيام المقبلة، من دون أي هدف آخر يعيش به وله.

مما يستوجب ضرورة

أولا: إعادة بناء المفهوم الحضاري لقيمة الابتعاث والرسالية، على أساس الفهم المقاصدي الواسع لفلسفة ومفهوم الابتعاث والرسالية العالمية، بطرح أسئلة:

السؤال الأول: ماهية قيمة الابتعاث والرسالية؟

السؤال الثاني: أهمية قيمة الابتعاث في حياة الفرد والمجتمع؟

السؤال الثالث: أنواع وأشكال الرسالات الحضارية؟

السؤال الرابع: نماذج لمجتمعات رسالية؟

والبحث في: تطبيقات وأشكال الرسالات الحضارية

- "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ" (٣٦: النحل).

- "لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ" (١٦٤: آل عمران).

"وَمَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلا عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ" (الشعراء: 164).

- رسالة دينية شاملة تحمل عقائد وتشريعات وقيم وشعائر وعبادات.

- رسالة قيمية فقط تحمل قيم إنسانية وحضارية محددة.

- رسالة علمية وتكنولوجية تحمل معارف وتكنولوجيا لتحسين جودة حياة الناس.

- رسالة طبية تحمل خدمة ورعاية علاجية ودوائية للناس.

- رسالة خيرية تحمل أهدافا إغاثية لإغاثة الناس وتحسين مستوى معيشتهم.

- رسالة سياسية تحمل أهداف تحرير المجتمعات من الاستبداد والظلم وقهر الإنسان لأخيه الإنسان، والتحرر والتحول إلى مجتمعات ديمقراطية.

وصفات ومعايير صاحب الرسالة

- فهم محتوى رسالته.

- الإخلاص والتجرد لها.

- التحرر من المنافع المادية والمعنوية منها (إن أجرى إلا على الله).

- للناس كافة دون تمييز؛ لجنس أو ديانة أو طائفة ما.

عناصر قيمة الرسالية- الابتعاث

التطبيقات السلوكية والواجبات العملية لقيمة ومفاهيم الابتعاث والرسالية بشكل علمي ومنهجي منظم.

أولا: الوعي بالذات الحضارية

ويتضمن ثلاثة واجبات عملية:

1- أن يعي بالذات الحضارية التاريخية.

2- أن يعي بالمواهب والقدرات الخاصة، والقدرة على الفعل والإنجاز الحضاري.

3- أن يعي بطبيعة العلاقة الطبيعية المتصالحة والمتكاملة مع الآخر والعالم.

ثانيا: الوعي بمضمون الرسالة

4- أن يفهم الغاية الكبرى للرسالة- الرحمة للعالمين والعمران الحضاري.

5- أن يفهم ويتخلق بالقيم الكبرى للرسالة العدالة والمساواة والحرية وكرامة الإنسان والتعايش.

6- أن يلتزم التطبيقات الواقعية المعاصرة للرسالة.

ثالثا: الفاعلية في تنفيذ الرسالة

7- أن يقدم القدوة العملية في الالتزام بمضمون الرسالة.

8- أن يتمكن من الإنجاز المهني في مجال التخصص- قيمة مضافة للتخصص.

9- أن يرتقي إلى التنافس الحضاري مع أصحاب التخصص والمساهمة في تطوير التخصص.

رابعا: الفاعلية في تبليغ الرسالة

10- أن يجتهد في التبليغ العملي المادي، بتحقيق إنجاز حضاري حقيقي يعبر عن الرسالة.

11- أن يفهم مشاكل الواقع ويشارك في حلها.

12- أن يقوم بدور المتمم الحضاري المتعاون المتكامل مع العالم.

13- أن يقدم المصلحة العامة على الخاصة، ويتجرد من المصالح والمنافع الخاصة لحساب مصلحة الرسالة.

 


 

الخريطة المعرفية لمفاهيم ومهارات قيمة الرسالية- الابتعاث

التعليقات (0)

خبر عاجل