لماذا لم تقد الأمم المتحدة المعركة ضد فيروس كورونا؟

نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن السبب الذي يقف وراء عدم قيادة الأمم المتحدة الحرب ضد فيروس كورونا.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن كورونا يمثل آفة دولية من البؤس والألم والصدمة، حيث تجاوز عدد المصابين به 1.4 مليون شخص وبلغت الوفيات 89 ألف شخص موزعة على 177 دولة. ولقد خلق أزمة عالمية، فهو لا يحترم الحدود وينتقل من إنسان إلى آخر، ويحول الطائرات والقطارات والسيارات إلى ناقلات للعدوى.

وأفادت بأنه على الرغم من السرعة التي أثر بها فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي حيث تسبب في إغلاق بعض أكبر المدن في العالم لأسابيع متتالية، إلا أن الأمم المتحدة - التي تأسست في سنة 1945 لمنع حدوث حرب عالمية ثالثة وتسهيل الحلول الدولية للمشاكل العالمية - بقيت مكتوفة الأيدي.

 

وقد تكون منظمة الصحة العالمية الوكالة العالمية التي تعد في مرمى إدارة ترامب الآن، لكن الحقيقة هي أن منظومة الأمم المتحدة بأكملها كشفت عجزها المؤسف عن إدارة هذه الأزمة التي أثرت على كوكب الأرض بأكمله.

وتساءلت المجلة: هل يعتبر هذا التقاعس أشد حدة من تقاعس مجلس الأمن الذي يعد أعلى هيئة لصنع القرار مسؤولة عن "حفظ السلام والأمن الدولي" في الأمم المتحدة؟ .

 

وقالت إنه لم يصدر مجلس الأمن بعد أي قرار يقدم بعض التدابير الفعلية حول هذا الشأن. ومرت أشهر قبل أن يوافق مجلس الأمن على عقد اجتماع للتطرق لهذه المسألة، وحتى ذلك الحين، تطلب الأمر حملة منسقة من أغلب الأعضاء غير الدائمين لعقده.

وأوردت المجلة أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كان أول من بعث الأمل، حيث حاول الاستفادة من منصبه رفيع المستوى لتوعية قادة العالم بمدى خطورة هذا الفيروس على صحة ورفاهية واستقرار العالم. ففي 23 مارس/ آذار، ألقى غوتيريش خطابا للدول الأعضاء في الأمم المتحدة حول الحاجة الملحة لاعتبار مكافحة فيروس كورونا على رأس الأولويات العالمية.

وأضافت أن غوتيريش تحدى مقاتلي العالم لإلقاء أسلحتهم، ووقف المعارك، وأن يكونوا جزءًا من الحل بدلا من أن يكونوا جزءً من المشكلة. سرعان ما أيّد البابا فرانسيس وقف إطلاق النار في جلّ بلدان العالم، وهناك اقتراحات بأن بعض القادة المشاركين في مثل هذه النزاعات على الأقل متعاطفون مع اقتراح الأمين العام.

 

وفي الثامن من نيسان/ أبريل، أعلن التحالف العسكري بقيادة السعودية التي تقاتل الحوثيين في اليمن عن وقف إطلاق نار من جانب واحد لمدة أسبوعين، بغية إيقاف الحرب المتواصلة منذ خمس سنوات في إطار تسهيل عمل المنظمات الإنسانية التي تحاول منع انتشار كوفيد-19 في أفقر دولة في العالم العربي.

وأشارت المجلة إلى أن غوتيريش اعترف أيضا بأن فيروس كورونا يقضي على أضعف الفئات، ولهذا السبب أطلق مبادرة بقيمة ملياري دولار للتغلب على الفيروس قبل أن يجتاح الدول النامية. هذا إلى جانب حزمة الإنقاذ العالمية التي يطالب بها غوتيريش في مجموعة العشرين لتصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات.

 

ولن تُستخدم الأموال لتعزيز الأنظمة الصحية الهشة غير القادرة على إدارة الملايين من المرضى الوافدين فحسب، وإنما أيضا لتوفير نقد قد يكون بمثابة شبكة أمان للبلدان التي قد تشهد اقتصاداتها انهيارا تحت وطأة الفيروس.

ولقد أثار استعداد غوتيريش لاتخاذ تدابير استباقية إعجاب خبراء الأمم المتحدة. يعتقد ريتشارد غوان، مدير الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، أن الأمين العام قد ارتقى إلى مستوى التحدي بدرجة لم يفعلها قادة آخرون. وفي الوقت الذي تبدو فيه واشنطن وبكين أكثر اهتمامًا بتراشق التهم في قاعة مجلس الأمن أكثر من التعاون لمعالجة التأثير الاقتصادي والصحي العالمي لكوفيد-19، يبذل غوتيريش كل ما بوسعه لتوجيه انتباه الحكومات إلى خطورة الأزمة.

ونبهت المجلة إلى أن المشكلة تكمن في أن غوتيريش لا يمكنه أن يفعل الكثير إلا في منظومة الأمم المتحدة التي تهيمن عليها القوى العظمى والتي تتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن المحتقن. وعلى الرغم من أن الأمين العام قد يبدو موقفه قويا، إلا أن سلطته مقيدة إلى حد كبير بسبب طبيعة وظيفته ولأن الأمم المتحدة فعالة ومنتجة فقط عند رغبة أعضائها في التعاون المشترك.

وتشتمل وظيفة الأمين العام على تحمل مسؤولية كبيرة مقابل التمتع بسلطة محدودة لتسخير بيروقراطية الأمم المتحدة لإرادته. ولئن كشفت قضية سوريا عن السرعة التي يمكن أن يتحول بها مجلس الأمن إلى مجتمع يناقش القضايا العالمية بطريقة مختلة وطفولية، فإن كوفيد-19 يُظهر للعالم مدى ضعف الأمين العام.

ولفتت إلى أن غوتيريش لا يستطيع فعل الكثير، ولكنه في الوقت الحاضر يجابه كورونا في حملته الخاصة. والسؤال الذي لا يزال قائما يتمحور حول ما إذا كانت المثابرة والابتكار التي يعتمدها غوتيريش اليوم ستحقق شيئا على أرض الواقع، أو سيكون كوفيد-19 فرصة أخرى تضيعها الأمم المتحدة التي سبق أن تضررت من إخفاقاتها السابقة.