سياسة عربية

القصة الكاملة لمغربي برأته ألمانيا بعد سجنه في ثلاث دول (3-3)

قال إنه نتيجة للتعذيب الذي تعرض له في السجن أصبح غير قادر على العمل
قال إنه نتيجة للتعذيب الذي تعرض له في السجن أصبح غير قادر على العمل

يواصل المعتقل المغربي السابق محمد حاجب في اعترافاته لـ "عربي21"، سرد قصة اعتقاله وتفاصيل التحقيق الذي جرى معه في السجون المغربية، ثم سنوات سجنه السبع إلى حين خروجه من السجن وعودته إلى ألمانيا.

فقد أكد حاجب أن حكايته مع التعذيب لم تنته مع انتهاء التحقيقات أو صدور الحكم النهائي، وإنما استمرت، وقال: "في سجن سلا تم تعذيبي مرتين، وكانت الأحوال في مجملها عادية، مع سجناء ما يُسمى "السلفية الجهادية"، وهم خليط من سلفيين وتبليغ وعدالة وتنمية، جمعتهم المخابرات المغربية تحت مسمى السلفية الجهادية".

تنقلت بين السجون وبقي التعذيب

وأضاف: "تنقلت في سنوات سجني بين سجن انفرادي وجماعي، لكن بعد أحداث سجن سلا المعروفة إبان الربيع العربي وكانت هناك مشادات بيننا وبين قوات الأمن، حيث تم ترحيلي إلى سجن تولال بمدينة مكناس، ووضعوني في سجن انفرادي لمدة ثلاثة أيام، ثم أرجعوني بعدها إلى سجن سلا بضغط من السفارة الألمانية في المغرب.. وبقيت في سجن انفرادي لمدة سنة كاملة، وتم نقلي بعد أربعة أعوام إلى سجن انفرادي وعزلة تامة، إلى سجن تيفلت وفي عزلة تامة كذلك".   

وذكر حاجب أنه تم الحُكم عليه بعشر سنوات يوم 24 حزيران (يونيو) 2010، بعد إضراب عن الطعام لمدة 46 يوما، وبعدها تم تثبيت الحكم يوم 3 تشرين أول (أكتوبر) 2010. وبعد أحداث سجن سلا وبعد تدخل أربعة مقررين أمميين ومراسلتهم للمغرب عن سبب اعتقاله، قاموا بتخفيض سجنه إلى خمسة أعوام. 

وعن ما إذا كانت السلطات الألمانية التي يحمل جنسيتها قد دعمته في سجنه، قال حاجب: "تواصلت مع السفارة الألمانية خلال سنوات سجني، وكانت تسأل عني وتزورني بانتظام، وكان ذلك بنية أنهم كانوا يعرفون أنه سيتم سحب الجنسية الألمانية مني.. وكانت مراسلات السفارة الألمانية إلى الخارجية الألمانية تحمل هذا المعنى، أي معنى سحب الجنسية مني، فكان يتم التعامل معي ليس كألماني، وإنما كألماني من درجة ثانية في طريقه لخسارة الجنسية".

وأضاف: "رويت لهم ما تعرضت له من تعذيب، وتمكنت من تسجيل فيديو وقتها، وقد انتشر كثيرا في ألمانيا، وتدخل حزب الخضر وحزب اليسار الألماني بأسئلة في البرلمان الألماني عن سبب اعتقالي، وعاتب السفارة الألمانية لأنها لم تتدخل بما يكفي من أجل إطلاق سراحي".

وقال: "بعد إصدار الأمم المتحدة لقرارها الداعي للإفراج عني فورا سنة 2012، وتعويضي تعويضا كافيا قمت بعد سنة من ذلك بإضراب عن الطعام، وتم نشر الخبر في الصحف الألمانية، فتدخلت حينها السفارة الألمانية، وقدمت التماسا للملك محمد السادس للإفراج عني لأسباب إنسانية لكن دون جدوى".

قانون الإرهاب

وأشار إلى أن أغلب الذين التقاهم في السجن من المعتقلين الإسلاميين هم معتقلون وفق قانون الإرهاب"، وقال: "هناك من تم اعتقالهم في أحداث 16 أيار (مايو) 2003، ومئات منهم اعتقلوا ظلما وعدوانا، وهم لا علاقة لهم البتة بالإسلاميين، بل إن بعضهم تم اعتقاله من حانات، ومنهم من كان يُدخن، ومنهم من كان لا يصلي أصلا وتم اعتقاله في هذه الحملة".

 

بعد الاحتجاجات التي جرت في سجن سلا عام 2011 كانت هناك عقوبات لكل المشاركين".


وروى حاجب لـ "عربي21"، أنه شارك في حوارات مع ممثلين عن النظام من أجل احتواء مطالب المعتقلين في السجون، وقال: "لقد كان القيادي في العدالة والتنمية مصطفى الرميد، يأتينا أثناء المفاوضات بين المعتقلين والسلطات الممثلة في وزارة العدل والمندوب العام لإدارة السجون، وفي رجالات الاستخبارات المغربية، وكنا نفاوضهم وكان معهم مصطفى الرميد، بصفته آنذاك، حيث كان رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، ولما صعد إلى سدة الحكم وأصبح وزيرا، كنا نستبشر خيرا.. لقد كان الرجل يقول دوما بأنه يعرف أننا مظلومون، وقال لي شخصيا بأن المشكلة ليست في قانون الإرهاب، بعد أن قلت له بأن العدالة والتنمية الآن في الحكم، وأنه أمضى على قانون الإرهاب، وأنه بالإمكان الآن سحب هذا القانون أو تعديله".

وأضاف: "مازلت أذكر ما قال له الرميد، فقد قال: (المشكلة ليست في قانون الإرهاب، وإنما في المخابرات المغربية). وهو يعلم أن من يعتقل ويخطف ويحكم هو المخابرات المغربية".

وحول معاملتهم في الأيام العادية في السجن، قال حاجب: "للشهادة، عندما كنا في الفترة الأولى من الاعتقال، كنا نقيم صلاة الجماعة، وكان المعتقلون الإسلاميون هم من يطبخون بأنفسهم ويفرقون وجبات الإفطار والغداء والعشاء، وكنا منظمين داخل السجن وحدنا.. وكان مسموح لنا بهذا من دون أن نتحدث عن مظلوميتنا ولا عن أسباب سجننا. نأكل ونشرب وننام ونحفظ القرآن لكن لا نتدخل في علاقات المغرب لا مع أمريكا ولا مع الاتحاد الأوروبي". 

لكنه أشار إلى أنه "وبعد الاحتجاجات التي جرت في سجن سلا عام 2011 كانت هناك عقوبات لكل المشاركين".

وقال: "لقد دفعت ثمن ذلك سجنا انفراديا لمدة عام تقريبا لم أر فيه الشمس إلا عند الذهاب إلى المحامي أو عند زيارة الأهل.. وقد تعرضت يومها أيضا لتعذيب شديد، حيث تم تصفيد يدي مع رجلي لمدة 49 يوما، وقد ظلت آثار سوداء في يدي ورجلي لمدة سنتين تقريبا.. ثم تم نقلي لغرفة بالقرب من محركات لثلاجات السجن مزعجة جدا لا تتركني أنام".

دور متميز لزوجتي الإيرلندية 

ولفت حاجب الانتباه إلى أن عائلته دفعت ثمنا باهظا أثناء اعتقاله، وقال: "للعلم فأنا متزوج من إيرلندية مسلمة، وعندي معها ثلاثة أبناء. وإنني أعترف بفضل زوجتي بعد الله والوالدين، التي وقفت معي في السراء والضراء، والتي التحقت بي في المغرب. وبقيت هناك طيلة فترة اعتقالي، وابني الكبير (14 سنة) عمر، متأثر جدا بما جرى لي في السجن، ويعاني من مرض نفسي، وصدمة، وهو يتابع علاجا نفسيا الآن في ألمانيا كما أتابع أنا ذات العلاج بسبب سنوات السجن والتعذيب".

وأضاف: "كانت زوجتي، وهي تتقن اللغة الإنجليزية، تتواصل مع منظمة العفو الدولية، ومع هيومن رايتس ووتش، ومع السفارة الألمانية، ومع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، ومنظمة الكرامة في جنيف، وكانت تتواصل مع كل الجهات باللغة الإنجليزية".

وتابع: "أنا ممتن لزوجتي، فالفضل يرجع لها بعد الله سبحانه وتعالى في التعريف بقضيتي، وأنا أيضا ممتن لكل المنظمات الحقوقية المغربية والدولية التي وقفت معي. الإنسان لما يكون في بئر، ويأتي أحد ليساعده لا يمكنه إلا أن يحفظ له فضله، هذا لا أنساه ما حييت".

 

الخبرة الطبية تقول بأن التعذيب الذي تعرضت له وما ترتب عنه أثر كثيرا على نفسيتي، وأنني لا أستطيع القيام بأي عمل


وذكر حاجب أنه خرج من السجن يوم 18 شباط (فبراير) 2017، بعد أن أتم سجنه كاملا، خمس سنوات أولى، وسنتين بسبب احتجاجات سجن سلا".

وأشار إلى أن "السلطات الألمانية لم تسحب جنسيته، لأنه تمكن من التوصل بوثائق سرية مكنته منها المحكمة الإدارية ببرلين، ومنها وثيقة سرية للسفارة الألمانية تؤكد بأن محاكمته في المغرب لم تكن شفافة، ومن دون أدلة ولا شهود، وكذلك قرار الأمم المتحدة، فتراجعوا عن قرار سحب الجنسية منه".

وحول وضعه الراهن، قال حاجب: "خرجت من سجن تيفلت 2 وبقيت 3 أيام ثم شددت الرحال إلى ألمانيا، ثم إلى إيرلندا حيث تمكث أسرتي الآن".

وأضاف: "أنا الآن في ألمانيا، هناك مؤسسة رسمية منعتني من العمل، وتقول إن الخبرة الطبية تقول إن التعذيب الذي تعرضت له وما ترتب عنه أثر كثيرا على نفسيتي، وإنني لا أستطيع القيام بأي عمل خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، وتكفلوا برعايتي"، على حد تعبيره.

 

إقرأ أيضا: القصة الكاملة لمغربي برأته ألمانيا بعد سجنه في ثلاث دول (3-1)

 

إقرأ أيضا: القصة الكاملة لمغربي برأته ألمانيا بعد سجنه في ثلاث دول 2من3


التعليقات (1)
شاكر أبو عادل
السبت، 22-12-2018 03:07 م
أليس من العدالة أن يتم سجن ضباط المخابرات المغربية و أفراد الشرطة الذين تناوبوا على تعذيبه و القاضي الذي أصدر الحكم عليه بالسجن خمس سنوات مع تعذيبهم و إذاقتهم أصناف التعذيب من باب المثل بالمثل ؟؟؟؟