واحدة من أسوأ مصائب اليمن هي التعويل على الخارج، وانتظار الفرج والنصر والمدد والحلول الساحرة، وهي ما تحدث عنها بوضوح المبعوث الأممي السابق جمال بنعمر في مكالمته المسربة مع القيادي الإصلاحي حميد الأحمر، ومن حيث لا يشعر كان ذلك "التعويل" هو الفخ الذي وقع فيه بنعمر..
لا يمكن لأحد المجازفة بتبرئة صالح من كل جرائم اليمن، بدءا باقتحام المدن وقصف المستشفيات، وانتهاء بدعم القاعدة ورعايتها والوقوف وراء كل عملية قتل ودمار.. فحلفاؤه الحوثيون يدركون تماما أنه وراء مقتل الصحفي والقيادي الحوثي عبدالكريم الخيواني، وهو من اتبع الاغتيال بتفجير مسجدي بدر والحشوش.
كانت مقابلة الرئيس هادي، التي بثتها قناة العربية الاثنين الماضي، هادئة وصادقة، لرجل ترأس دولة، ثم استقال منها، وشهد إقامة جبرية في منزله، ثم فر من العاصمة صنعاء إلى عدن، التي ما تنفس فيها حتى لاحقته مليشيا الحوثي بسلاحها، وقصفت مقر إقامته بطيران الدولة الذي تستخدمه، وتحول إلى شريد، ورئيس من المنفى.
مع تعالي أصوات القذائف المنبعثة من الأرض، والمتساقطة من السماء، تأتي حسرات الأمين العام للأمم المتحدة قلقة فزعة لمآلات الأوضاع الإنسانية في اليمن، وربما كانت هي حسرات أمريكية/ إيرانية بقناعة مدفوعة.
حتى وهو يتوب إلى شعبه لم يترك فرعونيته الطاغية والطافحة، قال: "أنا سأتجاوز وأسامح".. نعم قالها صالح قبيل انتهاء مهلة القرار الأممي له بساعتين فقط، الجمعة 24 نيسان/ أبريل المنصرم.
عصر الثلاثاء كان مزاداً لبيع الدبلوماسية الإيرانية في مجلس الأمن، فقد تخلى عنها كامل حلفائها، والمؤمل عليهم، وصوت الجميع على مشروع القرار الخليجي بشأن اليمن..
كان ولا يزال الرئيس صالح رجل الأضواء وبؤرة لعدسات الكاميرات، جذابًا على نحو ملفت، بقدراته الذهنية التي لا تنتهي، حتى وإن كان يترك خلف كل جريمة عشرين أصبعاً تشير إليه..
الجيش الذي يعتصرني الألم عليه اليوم هو الجيش الذي لاحق رئيسه الشرعي إلى عدن لقتله، بأوامر من رئيسه السابق، وهو الجيش الذي خان، وتآمر على مقتل العميد حميد القشيبي أشرف قائد عسكري في البلاد، نزولاً عند رغبة صالح، وطمعاً بأموال إيران.
من الإجحاف القول إن نتائج المرحلة الراهنة كانت نتيجة تعاطٍ سيئ وإفراز خاطئ فعلته الأحزاب اليمنية، إذ إن الرئيسين الحالي والسابق "هادي وصالح" يتحملان الجزء الأكبر من المسئولية، وبعدهما يأتي الدور على الأحزاب التي لم تتنبه جيداً لرغبة صالح الانتقامية، وتماهي هادي مع المقترحات والتوصيات القادمة إليه من
لا تزال النفوس متوترة والقلوب منقبضة مما فعل هادي بالدولة اليمنية، وكثير من الداعمين المساندين لهادي في هذه اللحظة لا يزالون يترقبون بتوجس وحذر ما الذي سيفعله، وفي كل مرة يسألون: هل الرجل جاد الآن؟
في لحظة الاعتراك السياسي التي تعيشها اليمن هذه الأيام، تتضارب الرؤى وتتقاطع المصالح وتتنوع الاتهامات، ويوحد الخوف على مصير بقايا الدولة بين المتحاورين والإخوة الأعداء، فقد كشفت استقالة الرئيس هادي عن خيبة كبيرة، وغباء أكبر مارسه الرئيس أثناء فترة حكمه (ثلاث سنوات إلا شهرا!)..