تتوالى الاجتماعات التي تتعلق بالمنقلب الرئيس ضمن صناعة أذرعه التي تقوم على خدمته وتسند انقلابه، تحاول إضفاء الشرعنة عليه من كل طريق، يؤولون الكلمات على كل محمل إيجابي ليقدموا بذلك مسوغات تعيينهم في وظيفة المدافع عن الانقلاب الحامي لاستبداده وفساده، هؤلاء الإعلاميون وكذا المثقفون جميعا هرولوا إلى الاجتماع بعد أن سبق لهم وهرولوا في حضرة مبارك المخلوع ليعبروا بذات المفردات عن نفاق مريع وتسويق وضيع.
الانقلاب هو مجموع القوى المستفيدة منه والمتحالفة معه. وهو بحكم تلك التحالفات التي تمثل سندا له تدافع وتدفع عنه وله وتحمي سلطانه؛ يعبر عن مكونات ثورة مضادة واجهت كل احتمالية تغيير طرحتها ثورة الخامس والعشرين من يناير التي انطلقت في شعارها "عيش كريم، وحرية أساسية، وكرامة إنسانية، وعدالة إجتماعية".
كان مشهد القاضي في إعادة محاكمة المخلوع حينما أعلن البراءة للجميع (من أمر بالقتل أو قَتل) أكبر محنة تواجهها الثورة، وخرجت بعض ردود الأفعال تعبر عن مزيد من القنوط والإحباط
من المفاهيم التي انتهكت في جوهرها وتلاعبت بعض الخطابات والتصريحات بثوابتها وجرى تسميمها في المواقف والسياسات؛ مفهوم الأمن القومي والذي يقع ضمن "الكلمات المظلومة" المنتهكة والمغتصبة التي استبيحت في تكويناتها وفي تضميناتها
في ظل الأزمة الخانقة التي ارتبطت بالحالة الانقلابية التي تعيشها مصر، وفي ظل هذه الظروف الحالكة التي امتهنت كل القواعد والثوابت للجماعة الوطنية، وجدت شخصية وطنية لزاما عليها أن تدعو بعض الوجوه الموصوفة "بالمدنية" في محاولة لإدارة حوار هدفه استشراف مستقبل مصر المجتمعي والسياسي والخروج من محنة وطن.
ينتقد المفكر المصري سيف عبد الفتاح واقع الجامعات المصرية الذي وصلت إليه بعد الانقلاب العسكري، وكيف أن حيازة رواية تتسبب باعتقال طالب وكيف تفرض القيود الصارمة على الطلاب والأساتذة بمصر
وفي إطار عسكرة الوطن تصل الأمور من السيولة والاستسهال إلى إمكانية أن تحول كائنا من كان إلى محاكمة عسكرية، فالأمر ببساطة شديدة هو أن تضع ما هو عسكري في طريقه حتى يكون مبررا لعسكرة المحاكمة!
واحدة من أهم الأدوات التى ابتدعها النظام الانقلابى تمثلت فى لجنة تسمى "الإصلاح التشريعى"، الإصلاح التشريعى فى عرف المنظومات الانقلابية لا يعنى إلا محاولتها إضفاء حالة من الشرعنة الزائفة والكاذبة على باطلها واغتصابها
كرس الانقلاب الذي حدث في الثالث من يوليو تناقضا خطيرا أصبح يتحكم في قلب المعادلة التي تجعل بين خطابه وسياساته فجوة بل هوة كبيرة تؤدي به إلى هذا التناقض القاتل، فإذا بخطابه يتراوح بين صناعة المخاطر وبين الرغبة في توطيد انقلابه واستقرار حكمه.
لا ندري كم مرة سيقام المزاد لإعمار غزة، كم مرة ستنتدب غزة لتكون رمزا لعزة وكرامة هذه الأمة وفي ذات الوقت تؤشر على علامات الضعف والوهن في كيانها وما يمثله حكامها المستبدون
ينطلق المروجون للتبشير بالنصر الزائف للانقلاب وهم أنفسهم من المرجفين الذين يطلقون أكاذيب الهزيمة لثورة يناير، إن هؤلاء الذين يتحدثون عن ترويج لنصر زائف لانقلاب فاجر أرادوا أن يجعلوا من ثورة "يناير" بعد تحويرهم لثورة "خسائر"، وهم يقصدون بذلك أن هذه الثورة يجب أن تتوارى وأن تختفي من الذكر على الألسن، أو تمر طيفا على الأذهان وتطمس فى الذاكرة ،وتدفع إلى دوائر النسيان ، إنهم يريدون أن يجعلوا منها "معرة" في تاريخ مصر فيلصقون بها كل نقيصة ويتحدثون عن كل من انتمى لها واصفين إياه بالعمالة والخيانة وبالتمويل والعمل لحساب الخارج.
في الآونة الأخيرة زادت نبرة خطاب يروج لـ"انتصار الثورة المضادة وهزيمة ثورة يناير"، حتى أن البعض الذي آمن بهذه الثورة وأكد على استمراريتها يبدو أنه قد نكص على عقبيه متحدثا أن ثورة يناير قد انتهت وربما فشلت..
في بلادنا، ومنذ زمن ليس بالقليل، اقترن المال بالسلطان اقترانات معبرة عن خلل عميق. فالاستبداد والفساد قرينان، والاستعباد والنهب صنوان، والقهر والفقر زوجان، والتركيع والتجويع خطان دائمان، ومواطنة الغَنَم والغنيمة حال لا تحتاج إلى بيان ولا برهان.. أهلا بك في بلاد الفسادستان!!
إنها حكاية عباس الذي لا يحترف سوى تلميع سيفه، وتنميق كلامه، لكنه لا يفعل غير ذلك في مواجهة عدوه رغم أن هذا العدو قد احتل الوطن واغتصب كل شيء يتعلق بساحاته ومساحاته..