هل فيكم من لا يعرف أن هذه الزيارة لم تكن إلا زيارة الندامة والخيانة والمهانة، انقلاب مصر يمر بتل أبيب، هذه قصة سلام دافئ في متوالية انبطاح استراتيجي، أفلا تعقلون؟؟
ادعى المنقلب أن مصر حمّلته رسالة إلى الشعب المصري. أعلن عن ذلك في الاحتفال بانقلابه في الثالث من يوليو، الاحتفال هذه المرة لم يكن احتفالاً جماهيرياً أو شعبياً أو دعوة إلى الاحتشاد بالميادين، الاحتفال هذه المرة كان في دار الأوبرا..
كان الحكم الذي أصدره القضاء الإداري معلنا أن اتفاق ترسيم الحدود غير قائم، وأن الجزيرتين صنافير وتيران مصريتان، كان هذا الحكم في حقيقة الأمر بصرف النظر عمن صدر عنه صفعة قوية لنظامٍ فرط في الأرض وباعها وتنازل عنها..
كنت قد ذكرت في مقالات سابقة وصفاً لمؤسسات الدولة أنها مؤسسات "كأن" ومع الانقلاب بدت الأمور أسوء وأشد في أداء هذه المؤسسات لوظائفها فصارت وكأنها في "دولة الضد"، نقصد بدولة الضد قيام..
في حديث المنقلب الأخير ورداً على أحد الأسئلة قال منفعلاً ومحتداً "أنه لن يسمح بثورة أخرى"، وهو بذلك لا يفهم بأي حال من الأحوال ما ذا تعني الثورة ولماذا تحدث؟
بعد أن تحدث المستبد في خطاباته أن مصر ستكون "أدّ الدنيا" انتقل في خطابه إلى أن مصر شبه دولة حتى يبرر هذا الوضع الذي يعيشه الوطن من عجز وفشل، ثم انتقل في خطابه الأخير ليتحدث عن تبريره للإبقاء على دولة الفشل..
في سابق الأيام أقام البعض الدنيا ولم يقعدها، حينما أُرسلت بالخطأ رسالة كان مطلعها "عزيزي بيريز"، كانت تلك الرسالة من "الرئيس مرسي"، ورغم أننا علمنا أن شخصا ما في قصر الاتحادية مسؤول عن الشؤون البروتوكولية قد قام بهذا الفعل بنوع من الدس على الرئيس آنذاك.
كلها مجازر بعضها من بعض وكلهم فاشيون لا يقيمون للنفوس حرمة ولا للإنسانية قدسية، فقط هم يقتلون من أجل تمسكهم بكرسيهم، فدونه تفنى الشعوب يجعلون ذلك ثمناً زهيداً لبقائهم على كراسيهم..
بعد ارتكاب نظام الانقلاب كل ما يتعلق بالترويع والتفزيع لعموم الناس، والقتل والاعتقال، والتعذيب والاختطاف القسري، والفشل المتكرر في متوالية عدم النجاح في تحقيق أي إنجاز، تأتي متوالية التفريط..
مصر ليست للبيع، أرض الأوطان لا يفرط فيها إنسان، حينما يفعل ذلك المنقلب فإنما يؤكد معاني الغدر والخيانة، يعني تضييع الأمانة، يعني أن كل شيء يمكن أن يضر بهذا الوطن وكيانه يمكن أن يحدث..
كتب مالك بن نبي عن الاستعمار والقابلية للاستعمار، وكتب شريعتي عن الاستحمار والقابلية للاستحمار، ولم يكن يخطر على بالنا طيلة الشهور الماضية، أن شعوبا أخرى يمكن أن تكون محلا لعمليات الاستحمار والاستعباط والاستخفاف والاستهبال..
كانت هذه إجراءات المنقلب لتأميم المجال العام وقطع الطريق على أي معارضة في المجال السياسي، نستكمل في المشاهد القادمة الإجراءات التي تمت لتأميم الجامعات المصرية ومؤسسات التربية والتعليم والثقافة ومواجهة الحركة الطلابية الثائرة..