صحافة دولية

روسيا تعيش كابوسا وبوتين أعادها لأجواء الحرب الباردة

بجاول بوتين إبعاد الأنظار عن أزماته بإشاعة أجواء الحرب - أرشيفية
بجاول بوتين إبعاد الأنظار عن أزماته بإشاعة أجواء الحرب - أرشيفية
نشرت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية تقريرا؛ تحدثت فيه عن تأزم الأوضاع الاجتماعية في روسيا بعد توقف النمو الاقتصادي منذ سنة 2008، وقالت إن الرئيس فلاديمير بوتين يحاول التغطية على هذه المشكلات من خلال دق طبول الحرب وممارسة التخويف، والاستنجاد بسياسات الحرب الباردة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن روسيا بعد سنوات من الأمل والانفتاح الاجتماعي والنمو الاقتصادي، الذي أدى لتحسن مستوى معيشة العائلات الروسية، عادت من جديد لتعرف أزمة اقتصادية خانقة، تذكر بفترة "ركود بريجنيف" التي شهدها الاتحاد السوفييتي بين سنوات الستينيات والثمانينيات من القرن الماض، وطبعها الانعزال عن العالم الخارجي وكثرة المشكلات الداخلية.

واعتبرت الصحيفة أن فلاديمير بوتين قاد روسيا إلى ورطة اقتصادية وسياسية كبيرة، بسبب اعتماده الكبير على العائدات النفطية، التي شهدت انخفاضا قياسيا في ظل توقعات الخبراء بتواصل هذا الانخفاض لسنوات أخرى. كما أن الناتج القومي الخام انخفض أيضا، وأمام عجز بوتين عن إيجاد حلول لمعاناة العائلات والمجتمع الروسي، استنجد هذا الأخير بالتركيز على "العدو الخارجي والأعداء المتربصين الذين يتآمرون لمحاصرة روسيا العظمى والإطاحة بها".

وقالت الصحيفة إن المحللين الاقتصاديين أصبحوا ينظرون إلى أرقام الاقتصاد الروسي بكثير من القلق، فخلال السنوات الأولى من حكم بوتين بين 2000 و2008، بدت الأمور على ما يرام، حيث كانت أسعار النفط حينها مرتفعة ونما الناتج الداخلي الخام بنسبة سبعة في المئة، وشهد أيضا سعر الروبل الروسي انتعاشا وتضاعفت أسعار العقارات ثلاث مرات. وكان حينها ينظر إلى السوق الروسية على أنها واعدة، في ظل ارتفاع الاستهلاك وتحسن الدخل الفردي للمواطن الروسي وتزايد استيراد السلع الفاخرة، مثل السيارات والأغذية والملابس ذات الماركات العالمية والمجوهرات.

وقد تسابقت حينها الشركات العالمية على غرار "بي أم دابليو" ومرسيديس وأودي وبورش وفيراري، لإبرام الصفقات في روسيا وبيع المزيد من السيارات، ولكن مع حلول سنة 2008، بدأت الأزمة الاقتصادية تضرب روسيا بعد انخفاض أسعار النفط والناتج القومي الخام، وارتفاع نسبة التضخم لتبلغ 13 في المئة.

وأشارت الصحيفة إلى أن التوقعات تنبئ بتواصل انحدار الاقتصاد الروسي في سنة 2016، حيث ستصبح الأجور أقل من تلك التي كانت موجودة في سنة 2005، كما ستواصل أسعار العقارات نسق انهيارها بنسبة 16 في المئة سنويا.

وقالت الصحيفة إن انخفاض أسعار النفط يعد سببا رئيسيا لهذه الأزمة، ولكن هنالك عوامل أخرى؛ تتمثل خاصة في العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا، والعقوبات المضادة أيضا التي اتخذتها روسيا ضد بعض الدول، بالإضافة إلى البيروقراطية الخانقة واستفحال الفساد في النظام الروسي، واعتماد بوتين على سياسة القبضة الحديدة والأمر الواقع التي لا تنفع لاستعادة الثقة وحل المشكلات الاقتصادية.

وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى أن روسيا امتنعت مؤخرا عن الامتثال لقرارات التحكيم الدولي، بعد أن قضت محكمة دولية بأن تدفع تعويضا بقيمة 50 مليار دولار للملياردير الروسي المعارض للنظام، ميخائيل خودروفسكي، وهو ما أثر على مصداقية هذا النظام وأدى لهروب عدد كبير من المستثمرين، خوفا من نزوات بوتين ورفاقه.

وقد شهدت الأشهر الأخيرة إغلاق 30 مصنعا تابعا لشركات أجنبية في روسيا، كما أن أعداد المهاجرين إلى الخارج، التي كانت تبلغ كل سنة 35 ألف، وصلت في سنة 2015 إلى 400 ألف مهاجر، بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة وانعدام الأمل.

كما ذكرت الصحيفة أن ميزانية روسيا لسنة 2016 تم احتسابها على أساس أن سعر برميل النفط سيكون 50 دولارا، وقد بات واضحا أن الأسعار لن تبلغ هذا المستوى، فيما يحذر خبراء اقتصاديون من أنه إذا تواصل هذا الانخفاض في أسعار البرميل حتى سنة 2017 ليصل إلى ما دون 20 دولارا، فإن الناتج القومي الخام الروسي سوف ينخفض بنسبة 6 في المئة، ما سينتج عنه تأثير كارثي على الشعب.

كما أشارت الصحيفة إلى سبب آخر رئيسي أدى لتفاقم الديون والمشكلات الاجتماعية في روسيا، وهو تركيز فلاديمير بوتين على الإنفاق العسكري والتسلح. فقد أصر بوتين على الرغم من الأزمة الاقتصادية وضعف المداخيل، على أن يقوم بتمويل مشاريع عسكرية ضخمة استهلكت أغلب موارد البلاد، إذ تشير الأرقام اليوم إلى أن 20 في المئة من ميزانية الدولة تذهب إلى الدفاع والأمن، وهي نسبة تشير مصادر محايدة إلى أنها قد تصل إلى 30 في المئة.

وقد أدى ذلك بشكل مباشر إلى دخول مليوني روسي تحت خط الفقر في سنة 2015، ليبلغ عدد الروس الذين ينفقون أقل من 11 ألف روبل (130 يورو) شهريا حوالي 20 مليون مواطن.

وقالت الصحيفة إن بوتين يسعى للتغطية على كل هذه المشكلات، ويحاول تجنب غضب المواطنين الذين تضرروا من تراجع السياسات الاجتماعية لصالح السياسات العسكرية، من خلال إثارة المشاعر القومية والحديث عن الدور العالمي لروسيا، واستعادة "نظرية الحصار"، حيث تتحدث وسائل الإعلام الرسمية عن تعرض روسيا لمؤامرة دولية.

وقالت الصحيفة إن هذا الخطاب الرسمي الروسي؛ يذكر بحقبة ليونيد بريجنيف، الذي كان يعد الحاكم الفعلي للاتحاد السوفيتي خلال فترة الحرب الباردة، وقد تعرض الاقتصاد حينها لضرر كبير وبدأ الدعم الشعبي يتناقص، فتم الاستنجاد بنظرية المؤامرة والعدو الخارجي.
التعليقات (4)
هناك بعض الصدق في نظرية المؤامرة
الثلاثاء، 16-02-2016 05:14 ص
اول شيء اوضح ان الاقتصاد الروسي و حتى السوفييتي قبله لم يكن يعاني من مشكلة تتعدى البيروقراطية و الفساد الإداري . و هذه كارثة في حذ ذاثه و ليست ازمة عابرة , الفساد في ذوائر الدولة لا يظهر للسطح مباشرة و لكنه كالسرطان الخبيث يتمدد شيء فشياً , الى ان يسقط الجس فجاءة و هذا مايحصل لاي دولة في العالم تتجاهل موضوع مهم مثل الفساد و البيروقراطية المذمرة . روسيا من سنوات لو تخلصت من هذا المرض اللعين لكان دولة اقوى اربعة مرات من امريكيا بما عندهم من موارد و قدرات بشرية مدفونة . على كل حال بالنسبة لايطاليا مثلا بما ان الصحيفة ايطاليا , فهي تعاني من نفس المشكلة من سنوات و لكن على معدل اقل و هناك محاولات الى حداً ما للتقليل من ضرره , و لا ننسى المساعدات التي يقدمها البنك الاوروبي لايطاليا و غيرها من دول الاتحاد الاوروبي و لولاها لكان حال ايطايا كحال روسيا اليوم و ربما اكثر سوءَ .
زيد
الثلاثاء، 09-02-2016 01:43 ص
نفس الاسطوانة المشروخة
العربي _ العربي
الإثنين، 08-02-2016 04:17 م
هل هي لعنة الشعب السري ..................
التاريخ يقول
الإثنين، 08-02-2016 10:57 ص
هتلر هولاكو تيمور لنك نابليون اسكنر المقدوني كلهم انتصروا لمدة خمس سنوات تقريبا وبعدها هزموا وتبخرت كل انجازاتهم وبل فتت دولهم ،،كل من يحمل هذه العقلية يتجه كالصاروخ نحو هذه النهاية