سياسة عربية

استمرار مأساة المفقودين من أبناء عائلات سنية في بغداد

من الاعتقالات في العراق - أرشيفية
من الاعتقالات في العراق - أرشيفية
تواصل عائلات سنية من مناطق حزام بغداد البحث عن أبنائها الذين اعتقلوا في حملة أمنية نفذتها أجهزة حكومة رئيس وزراء العراق الأسبق نوري المالكي في نهاية عام 2013.

وجاءت عملية الاعتقال حينها  كرد فعل على خلفية سلسلة تفجيرات هزت قلب العاصمة بغداد، ولم تستند الحملة على أي دليل في اعتقالات الأشخاص، بل اعتمدت فقط على مجرد الاشتباه بالأسماء، أو وشاية مخبرين سريين.
     
وما تزال مأساة عائلات الشباب المفقودين مستمرة منذ اعتقالهم، حيث يراجع ذووهم شهرياً وزارة الداخلية والدفاع، ودائرة إصلاح السجون التابعة لوزارة العدل، سعياً للحصول على معلومات قد تفيدهم في الوصول إلى أماكن احتجاز أبنائهم المعتقلين، علما أن كثيرا منهم أنهوا دراساتهم الجامعية.  

وقال والد أحد المعتقلين ويدعى أبو نزاز في حديث لـ "عربي 21": منذ الأيام الأولى لاعتقال ولدي عمار وتحديداً الأسبوع الأول باشرت البحث عنه في كل السجون العراقية ولم أعثر على اسمه بين قوائم المعتقلين، وهكذا واصلت تقفي أثره لكن دون جدوى، وها نحن ندخل العام 2015 وهو مازال مفقوداً وأجهل مصيره". 

وأردف قائلاَ: "استطاع عدد من الضباط في وزارة الداخلية والأمن الوطني إقناعي مستغلين لهفتي لسماع أي خبر يدلني على مكان وجود ولدي، وأكدوا لي أن لديهم معارف تمكنني للوصول إلى مكان احتجازه، كما أنهم طلبوا مني مبلغاً من المال، لكن الحقيقة كانت غير ذلك، فبعد أن دفعت لهم أكثر من 40 ألف دولار أمريكي، اكتشفت أنهم يجهلون مكان  احتجازه"، مشيراً إلى أنهم "أغلقوا أرقام هواتفهم النقالة حتى لا يعاود الاتصال بهم من جديد".

 وكانت وزارة الدفاع وبعض وسائل الإعلام الممولة من الحكومة العراقية زعمت أن هؤلاء المعتقلين الذين تجاوزت أعدادهم 500 شخص، قد اعتقلوا للاشتباه بأنهم وراء تنفيذ سلسلة هجمات بعبوات ناسفة، وسيارات مفخخة مستهدفة الأسواق والأمكان المكتظة بالمدنيين في أواخر 2013، وأن من بينهم أشخاصا فاعلين في تنظيم الدولة.

وبعد الإطاحة بحكومة المالكي، أقرّت الحكومة الجديدة بقيادة حيدر العبادي بأن الحكومة السابقة كانت تنفذ حملات اعتقال تطال الأبرياء بطريقة عشوائية، وتزجّ بهم داخل السجون، وأطلقت وعوداّ للعراقيين أنها ستعيد التدقيق مجدداً بملفات المعتقلين ظلما، ووعدت الحكومة أنها خلال ستة أشهر ستقوم بالإفراج عن جميع المعتقلين الذي اعتقلوا بوشاية المخبر السري، والدعاوي  الكيدية أو الاشتباه.

من جهته أشار المواطن أثير الحيالي أحد سكان منطقة الطارمية شمال حزام بغداد ذات الأغلبية السنية، إلى أن له شقيقا معتقلا، كان يدرس الماجستير في إحدى الجامعات العراقية منذ عام 2013، وقد اعتقل على يد قوة أمنية يطلق عليها اسم "سوات" ويشرف عليها المالكي شخصياً، وهي واحدة من أهم أدواته القمعية التي دائما ما كان يستخدمها في مكافحة أبناء المذهب السني المعارضين، وحتى المدنيين البسطاء. 

وقال الحيالي في حديثه لـ "عربي 21": "عندما دخلت تلك القوة قاموا باعتقال أخي بطريقة همجية، ومن ذلك اليوم وحتى اللحظة، ونحن نبحث عنه، ولم نصل إلى أي نتيجة بخصوص مصيره، ونحن نتوقع أنه قد قتل على الأغلب".

إلى ذلك، يعد ملف المعتقلين أو المفقودين من العرب السنة أحد أهم الملفات المعقدة في الصراع العراقي الشائك، وعلى ما يبدو أنه ما يزال يراوح مكانه ولم يجد طريقه للحل في ظل حكومة العبادي التي يصفها مراقبون بالضعيفة؛ إذ تؤكد منظمات حقوقية عالمية محايدة أن العشرات من الشباب السنة هم قيد الاعتقال منذ أكثر من خمس سنوات على الأقل في السجون السرية، ولايعرف عنهم أي شيء.
التعليقات (0)