صحافة تركية

علاقات "متقلبة" بين العراق وتركيا.. وبغداد مهتمة بتعزيز التعاون

الولايات المتحدة سعت لعزل تركيا عن العراق بعد الغزو- الأناضول
الولايات المتحدة سعت لعزل تركيا عن العراق بعد الغزو- الأناضول
مرت العلاقات التركية العراقية، في مسار متقلب، لاسيما بعد الغزو الأمريكي في 2003، والنفوذ الإيراني المتزايد في العراق، بحسب تحليل في صحيفة "ملييت" التركية.

وقبل أيام بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية، هاتفيا.

وخلال الاتصال، أعرب أردوغان عن ثقته بتعزيز التعاون الثنائي والإقليمي في جميع المجالات، في الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن بلاده تولي أهمية لأمن واستقرار العراق ووحدة أراضيه.

وأوضح أن إنهاء وجود منظمة العمال الكردستاني على الأراضي العراقية هو ضرورة لمصالح الأمن القومي للعراق أيضا.

منسق أنشطة العراق في مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية بلغاي دومان، في تحليل على صحيفة "ملييت"، قال إن العلاقات مع تركيا تأثرت بالديناميكيات الإقليمية والعالمية وحتى الداخلية بعد إعادة تشكيل الدولة والهيكل السياسي مع الغزو الأمريكي عام 2003.

اظهار أخبار متعلقة


وأشار الخبير التركي إلى أنه خلال تلك الفترة، بسبب القرار المشار إليه باسم تفويض 1 آذار/ مارس، لم يسمح للقوات الأمريكية بدخول العراق عبر تركيا، وعلى خلفية ذلك حاولت الولايات المتحدة عزل تركيا عن السياسة العراقية.

وأضاف أنه رغم ذلك، فإن الحاجة إلى مساعدة تركيا لتحقيق التوازن في العراق، وخاصة في ما يتعلق بدمج الجماعات السنية في السياسة، أدخلت أنقرة إلى الحلبة.. ومع زيادة فعالية منظمة العمال الكردستاني ومنحها مساحة من الأكراد هناك بين عامي 2005 و2009، فقد لوحظ أنه تم تنفيذ سياسة أكثر تركيزا على بغداد.

وفي العام 2008 أنشأت تركيا مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى مع العراق، وهو الأول بين تركيا ودول الجوار.

ومع زيادة النفوذ الإيراني في العراق، بعد انسحاب القوت الأمريكية في عام 2010، ومع اختلاف وجهات النظر تجاه الحراك الشعبي في سوريا 2011، وإبداء بغداد موقفا مؤيدا لطهران تجاه هذه المسألة، فقد اتخذت تركيا ما بين 2010 و2014، سياسة أكثر محلية داخل العراق.

ومع افتتاح القنصليات العامة في أربيل والموصل والبصرة في عام 2009، فقد ظهرت عملية تحاول فيها تركيا أن تكون فعالة في السياسة العراقية من خلال الديناميكيات السياسية المحلية، ساعية للحفاظ على علاقاتها هناك.

وتطورت هذه العملية إلى مسار متقلب بين عامي 2014 و2017 مع سيطرة تنظيم الدولة على ما يقرب من ثلثي الأراضي العراقية في 2014. وخلال تلك الفترة بينما كانت تشارك تركيا في التحالف الدولي الذي تم تشكيله لمكافحة تنظيم الدولة، فقد استضافت الآلاف من العراقيين.

وفي عام 2017، مع تحرير كافة الأراضي التي سيطر عليها تنظيم الدولة، ومع مساعي حكومة إقليم كردستان العراق إجراء "استفتاء الاستقلال" مستفيدة من ضعف الحكومة المركزية، فقد لوحظ أن تركيا طورت علاقات قوية للغاية مع بغداد مرة أخرى.

وفي تلك الفترة، انعقد اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى الذي كان معلقا بين البلدين، وأجريت مناورات عسكرية مشتركة على الحدود العراقية التركية، والاتفاق على فتح منفذ حدودي ثان مع العراق، ومنح أنقرة الحكومة البغدادية 5 مليارات دولار كدعم مالي لإعادة إعمار العراق.

وعلى الرغم من ذلك، فقد حالت الاحتجاجات في العراق عام 2019، والأزمة السياسية الناجمة عنها دون اتخاذ الخطوات المرجوة في العلاقات بين البلدين، ولكن مع اتخاذ أنقرة موقفا متوازنا تجاه تلك الاحتجاجات وعدم انخراطها اجتماعيا وسياسيا بالأحداث، فقد زادت شعبية تركيا في العراق.

اظهار أخبار متعلقة


وبعد احتجاجات 2019، فقد بدأ العراق التعاون الثنائي متعدد الأطراف ودخل فيه بمسار تفاوضي في المنطقة. وفي معادلة سياسة التوازن الجديدة في بغداد، فقد أصبحت تركيا واحدة من أهم الشركاء للعراق.

الخبير التركي دومان، ذكر أن الدعوة التي وجهها أردوغان إلى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وتوقيتها أمر مهم للغاية في ظل تجاوز حجم التجارة بين البلدين الـ20 مليار دولار، ومع ذلك فإن العراق يحتاج إلى مساعدة في استثمارات البنية التحتية وإعادة الإعمار.

ولفت إلى أن تأهيل مطار الموصل في العام 2022، وتسليمه إلى الشركات التركية من الفرنسيين، يعد انعكاسا للعلاقات التي يريد العراق تطويرها مع تركيا.

ويشكل "مشروع المستقبل" بالعراق، الذي يتضمن إنشاء "ميناء فاو الكبير" والذي سيكون أكبر ميناء في الشرق الأوسط، ومشروع "القناة الجافة" الذي يتضمن مد سكك حديد وطرق برية انطلاقا من محافظة البصرة جنوب العراق إلى الحدود مع تركيا شمالا، أهمية بالغة في تطوير العلاقات بين البلدين ونقلها إلى مستوى أعلى.

ومن المتوقع أن تفتتح تركيا قنصلية عامة في النجف قريبا، 

وأكد دومان أن تطوير العلاقات الثنائية بين تركيا والعراق، قد يسهم في الاستقرار الإقليمي، ناهيك عن الفوائد التي قد يجنيها البلدان من ذلك.

ورأى أن حكومة السوداني لديها القدرة على تحقيق التوازن والاستقرار الإقليميين مع الخطوات التي ستتحذها في السياسة الخارجية، إذا حققت الاستقرار داخليا.
التعليقات (0)