قضايا وآراء

جريمة عدم الرد على الغارات الإسرائيلية في سوريا

نزار السهلي
1300x600
1300x600
تكرار غارات الاحتلال الإسرائيلي على مواقع النظام السوري وحلفائه في عموم الأراضي السورية، يبدو كفصلٍ ثانوي مكمل لجرائم متواصلة لم تنتهِ على الأرض منذ 11 عاما، وله وقع مدمر على عموم السيادة النازفة من بيانات جيش الأسد ووزارة خارجيته التي تُقدم بين فترة أخرى ذرائع وتبريرات لها فلسفة أكثر إيلاماً من استهبال المواطن العربي والسوري.

فتغير المعادلة من الاحتفاظ بحق "الرد في الزمان والمكان المناسبين" إلى الخشية من إصابة طائرات مدنية في الجو أثناء تنفيذ العدوان، مع الاحتفاظ بحق حرث المجتمع السوري بطائرات ومدفعية وصواريخ نالت من أرواح ملايين السوريين، يخدم في نهاية المطاف سياقات العدوان والاحتلال الذي يُدرك أن البيئة التي يعمل بها في الأجواء والأراضي السورية لا تدعوه للقلق؛ لأسباب كثيرة أهمها أن بنية النظام السوري العسكرية لا تشكل عامل تهديد وقلق للاحتلال منذ خمسة عقود، وانكشاف وانفضاح البوصلة العسكرية لقوة النظام على المجتمع السوري والمستثمر في كرسي الحكم هي عوامل اطمئنان للمحتل.
تغير المعادلة من الاحتفاظ بحق "الرد في الزمان والمكان المناسبين" إلى الخشية من إصابة طائرات مدنية في الجو أثناء تنفيذ العدوان، مع الاحتفاظ بحق حرث المجتمع السوري بطائرات ومدفعية وصواريخ نالت من أرواح ملايين السوريين، يخدم في نهاية المطاف سياقات العدوان والاحتلال الذي يُدرك أن البيئة التي يعمل بها في الأجواء والأراضي السورية لا تدعوه للقلق

إحصاء غارات العدوان الإسرائيلي على السيادة السورية والمواقع المستهدفة، لا تدل على نية أو هدف إضعاف وظيفة النظام المحصورة ببسط القوة على المجتمع السوري، لكن الهدف الإسرائيلي من بقاء النظام ضعيفاً وهشاً نحوه يكفي بحد ذاته لمواصلة تنفيذ هذه الغاية التي يستخدمها النظام أيضاً كذريعة لتبرير بطشه على الداخل السوري، وكذلك مؤسسة النظام العسكرية والأمنية التي تُبدي كل مرة أعذارها بعدم الرد، أو أن كل إجراءاتها  الانتقامية القمعية في الداخل هي رد على الاحتلال. وهذا كشف عن فداحة عار "الممانعة والمقاومة" الغاطسة في دم السوريين والفلسطينيين.

وعليه، تكشف مؤسسة الاحتلال الإعلامية قبل أيام قليلة بعد آخر غارة لطيرانه على مطار الشعيرات في حمص، أن قوات الاحتلال البرية مدعومة بـ25 دبابة وآلية عسكرية توغلت في الجانب السوري من السياج المحتل في الجولان لمدة 72 ساعة دون أن يتصدى لها أحد، لتقوم بترتيب الطريق هناك لرؤية ورصد أوضح حسب قناة "كان 11" العبرية، بمعنى أن أي تدقيق لأخبار العدوان ورصده والتمحيص في آثاره لا يأتي من جانب النظام ومؤسساته الإعلامية والأمنية؛ إلا في تكرار ممجوج عن "التصدي لصواريخ معادية" أصبحت شبه أسبوعية ويومية في حضورها العدواني ومن دون رد.

على كل الأحوال، لا أحد ينتظر ظهور مخالب جديدة للنظام يتصدى من خلالها للعدوان الإسرائيلي بعد انغماس هذه المخالب في أجساد الضحايا السوريين، غير أن المؤلم أن يستعير إعلام الممانعة وحلفه تلك المخالب ليسوق ذرائع عدم الرد على جرائم الاحتلال وعدوانه المتواصل ليل نهار على السيادة السورية؛ التي باتت بفضل سلوك النظام نفسه ملطشة لكل القوى المحتلة على الأرض والمزدحمة في أجواء سوريا.
يبقى العدوان الإسرائيلي وغاراته على سوريا جريمة، وعدم الرد عليه جريمة أعلى لا تمحى بأي ذرائع وتبريرات تافهة ومضللة، ولن تهبط أعجوبة إلى أرض واقع نظام الأسد لخلق حقائق جديدة تزيل الالتباس والغموض من حالة التكتف التي يبديها النظام نحو العدو، بينما أنيابه تكبر في أجساد الضحايا

الأهم من كل ذلك، أن مجمل شعارات النظام السوري عن مقاومة الاحتلال والتصدي له أو دعمه لقضية فلسطين، كانت سبباً في تكريس هزائمه السياسية والعسكرية والاقتصادية التي مُني بها في العقد الأخير، والتي خضعت دوماً لتكريس هيمنة النظام وبطشه وقمعه على المجتمع السوري، فلم يعد لتدوير تلك الشعارات في مراحل عدوان الاحتلال أي قيمة سياسية وأخلاقية ومعنوية، لسداد ثمن الخذلان الذي منيت به قضية فلسطين من نظام الممانعة السوري بعد صدمة المجتمع السوري بدموية النظام، وإدراكه كم هو بائس ومفجع، بحيث لم يعد للنظام القائم شيء ذو قيمة يخفف من وطأة العدوان على الشعب السوري أو متصل مع قضايا عادلة كقضية تحرير الأرض من المحتل أو مقاومته له.

أخيراً، يبقى العدوان الإسرائيلي وغاراته على سوريا جريمة، وعدم الرد عليه جريمة أعلى لا تمحى بأي ذرائع وتبريرات تافهة ومضللة، ولن تهبط أعجوبة إلى أرض واقع نظام الأسد لخلق حقائق جديدة تزيل الالتباس والغموض من حالة التكتف التي يبديها النظام نحو العدو، بينما أنيابه تكبر في أجساد الضحايا. والمعجزة قد تحققت في قدرة الشعب السوري على تعرية النظام وفضح مُبررات استسلامه لعاديات الغارات التي حاول المحتل أن يسرق لباس الحقيقة منها ليحل محلها فقرات "استهداف الإرهابيين" فقط "ولا نستهدف النظام". كذلك الأمر بالنسبة لأهداف غارات النظام الرسمية التي تستهدف "الإرهابيين" لا المدنيين، وهي فقرة من فقرات مجتزأة من حقائق مشرقة تُبرر الاستسلام الذي يكتسب صفته من ظلمة المرحلة بتنفيذ الجريمة وتناسلها.

twitter.com/nizar_sahli
التعليقات (0)