أخبار ثقافية

من إصدارات بيت الرواية "قضايا البشرة السوداء في الرواية"

قضايا البشرة السوداء
قضايا البشرة السوداء

أصدر بيت الرواية لمدينة الثقافة الشاذلي القليبي كتاب "قضايا البشرة السوداء في الرواية" وذلك ضمن سلسلة منشورات انطلق في تكريسها.

كتاب "قضايا البشرة السوداء في الرواية" جاء في 310 صفحات مع ألبوم صور هو ملخص مطول لملتقى تونس الثاني للرواية العربية الذي انتظم بمدينة الثقافة التونسية الشاذلي القليبي وحضره عديد من الروائيين والنقاد التونسيين والعرب، وطرح ثلاثة محاور أساسية وهي: "العبودية في الرواية"، "العنصرية في الرواية" و"البشرة السوداء مقاربات التحرر"، صمّم غلافه توفيق عمران من وحي برق الليل للبشير خريف.

وجاء في مقدمة الكتاب: "الأسود ليس إنسانا، الأسود إنسان أسود"، هكذا عرّف فرانز فانون في كتابه "جلد أسود، أقنعة بيضاء" الإنسان الّذي جعله سواد بشرته منذورا لمواجهة قوى القمع والاستغلال ومقاومتها.

وقد ظلّت تلك القوى تعمل بأسماء مختلفة (كالعبوديّة والعنصريّة...) على نفي كينونة ذاك الإنسان بأبشع السّبل، لعلّ أفظعها على الإطلاق هذا الصّمت التّاريخيّ الطّويل الّذي حرم أصحاب البشرة السّوداء من امتلاك حقّ الكلام، حتّى يكون لهم صوت يسمع، وحضور في هذا العالم، وهو حقّ لم يُكتسب إلاّ في الأزمنة الحديثة لمّا تغيّر اقتصاد العبارة، فتكلّم من لا صوت لهم، كالمرأة، والإنسان المستعمَر والبروليتاري، وخاصّة الإنسان الأسود، الذي ما إن استعاد هبة الكلام حتّى بدأ يعي بأنّ التّاريخ الّذي كتبه الظّافرون عامر بـ"نجوم سوداء" في الفلسفة والسّياسة والفنّ وقيادة الجيوش واستكشاف العالم، ومليء بأسماء مشاهير من قامة ألكسندر بوشكين ومارتن لوثر كينغ ونيلسن مانديلا وإيمي سيزار وسيدار سنغور.

هؤلاء وغيرهم كتبوا بكلّ فنون القول الممكنة لمقاومة القمع والعنف والكراهية.

ورغم قيمة ما كتبوا وعمقه الفكري والإنساني، تظلّ الرّواية الفنّ الّذي اتّخذه "الإنسان الأسود" ليكتب ملحمته بنفسه، لمقاومة النّسيان ومحاكمة الجرائم الّتي لا تغتفر، وصناعة تاريخ من لا مجد لهم، فمن آلكس هكسلي صاحب رواية "جذور" إلى وولي سوينكا الحائز على جائزة نوبل، أُلّفت روايات كثيرة خاض فيها أصحاب البشرة السّوداء تجارب شديدة التّنوّع كان فيها للرّوائيّين العرب نصيب يدعو إلى التّأمّل في نتاجهم الرّوائي وتتبّعه في منحيين على الأقلّ: منحى اتّخذ من "الإنسان الأسود" موضوعا للكتابة، ومنحى كانت فيه أقلام البشرة السّوداء ذاتا مبدعة".

أما الكتاب المشاركون فهم:

الرّوائيّ شكري المبخوت، الرّوائيّة الأردنيّة سميحة خريس، الرّوائيّ السّوريّ نبيل سليمان، الرّوائيّ السّودانيّ حمّور زيادة، الرّوائيّ التّونسيّ إبراهيم درغوثي، الرّوائيّ السّودانيّ منصور الصّويم، الشّاعر التّونسيّ جمال الجلاصي، الرّوائيّ الإريتريّ حجّي جابر، الرّوائيّ السّودانيّ طارق الطّيّب، الرّوائيّة التّونسيّة آمنة الرّميلي، الرّوائيّ المغربيّ إبراهيم الحجري، الرّوائيّة التّونسية سنية الشّامخي، الرّوائيّ المصريّ حجّاج أدّول، الرّوائيّ التّونسيّ صلاح الدّين بوجاه، الرّوائيّ العراقيّ علي بدر، الرّوائيّة التّونسيّة مسعودة بوبكر، الرّوائيّ اليمنيّ علي المقّري، الناقدة السّوريّة أسماء معيكل، الناقد التّونسيّ نور الدين الخبثاني، الرّوائيّ الجزائريّ الصّدّيق حاج أحمد الزّيواني، الرّوائيّ التّونسيّ محمد عيسى المؤدّب، النّاقد العراقي عبد الله إبراهيم، الباحثة التّونسيّة هاجر بن إدريس، الرّوائيّ المغربي مصطفى لغتيري. ضيف الشرف: الروائي اللبناني إلياس خوري.

شكري المبخوت، رأى أن المدونة الروائية التي اهتمت بقضايا أصحاب البشرة السوداء قامت على توجهين أساسيين، اهتم الأول باستعادة قهر السود والهيمنة عليهم في سياق المجتمعات العربية القديمة التي يقوم اقتصادها على ركائز من بينها تجارة الرق، مثل روايات الليبية نجوى بن شتوان "زرايب العبيد" والبحريني خالد البسام "ثمن الملح" والأردنية سميحة خريس "بابنوس"، بينما ركز التوجه الثاني على التناول السردي لصراع الإنسان الأسود المثقل بتاريخ من الإذلال والخوف والأفكار المسبقة ومركبات النقص والخضوع.

تكاثر النصوص التي اهتمت بقضايا أصحاب البشرة السوداء هذه السنوات، لا علاقة لها بدخول كتّاب من أصحاب البشرة السوداء وخــاصة السودانيين بل له علاقة بالوعي الجديد الذي نشأ مع فكر مناهضة العنصرية من ناحية، ودور الرواية في منح صوت لمن لا صوت لهم وإبراز التعددية في المجتمع والتاريخ العربيين من ناحية أخرى.

الروائية المصرية سلوى بكر التي تطرقت إلى كيفية تناولها لقضية البشرة السوداء من خلال روايتها "كوكو سودان كاباشي" حيث روت قصة كتيبة عسكرية مصرية جلّ جنودها من السودان ومن النيل التحتاني ومن العبيد الذين تم جلبهم من أسواق الخرطوم، كانت قد شاركت في الحرب الأهلية في المكسيك (1863 - 1867) بطلب من الحكومة الفرنسية.

أمّا الروائي إبراهيم الدرغوثي كانت مساهمته بنص بعنوان "أشكال حضور السودان في أعمالي الروائيّة"، وشرح فيها دلالات حضور الشخصيات السوداء في رواية "الدراويش يعودون الى المنفى" من ذلك حضور الدرويش الأسود ودسائس هودج نمرة، مسعود الشوشان الذي تغنى به سارد الرواية وعبدو صاحب الفرنسي فرنسوا مارتال وعشيقه. وتحضر الزنجية "للا فاطمة" في رواية" أسرار صاحب الستر".

 

وفي رواية "وراء السراب قليلا " يحضر تحرير العبيد بفرمان ملكي فتاهوا في الصحراء لا يدرون ماذا يفعلون بحريتهم".


الروائي السوداني منصور الصُويّم لم يجد مدخلا مناسبا لمقاربة الرق والعبودية في الرواية السودانية، أفضل من تناول إشكالية لون البشرة في الثقافة السودانية والمفارقة أن "السوداني" يأخذ مسماه التجنيسي هذا "سود – اني" من صبغة اللون الأسود، التي يفترض أنها إشارة إلى لون بشرته، إلا أنه لا يعترف بتاتا بهذا اللون.

ومهما يكن فإن الشكل الذي يعبر من خلاله العرب سودا وبيضا، عن هذا التاريخ هو شكل ثقافي غربي كما يؤكد الروائي شكري المبخوت، فمهما قربنا بين السرد الروائي والموروث الشكلي السردي والعربي أو الشفوي الإفريقي فإن الرواية تظل جنسا غربيا ساد كونيا مع سيادة الثقافة الغربية.

 

ويضيف المبخوت، أن العرب طالما أنكروا أنهم عنصريون، وهنا يمكن للرواية أن تلعب دورا مهما- باعتبارها جنسا أدبيا شعبيا- في تغيير العقليات، مثلما غيرتها بعض الروايات مثل "كوخ العم توم" التي مهدت لإلغاء العبيد سنة 1857. ومن المفارقات أن تونس ألغت العبودية قبل أمريكا سنة 1846.

التعليقات (1)
نسيت إسمي
الأحد، 28-08-2022 07:47 م
'' قصة عنترة بن شداد '' ولد عنترة في أول القرن السادس الميلادي، ويحدد مولده بعام 525 تقريبًا استنادًا إلى عصر حرب داحس والغبراء، وأنه قد عاصر عمرو بن معد يكرب والحطيئة اللذين أدركا الإسلام فيما بعد. ولد لأحد كبار قبيلة عبس وكانت أمه أميرة حبشية مأسورة عُرفت باسم زبيبة ررغر، وأسرها شداد عند الإغارة على قافلة قادمة من الحبشة، فأعجب بها شداد وأنجب منها عنترة، وقد كان لعنترة إخوة من أمه هم جرير وشيبوب، وكان أبوه يعاملهم كالعبيد لسوادهم، لأن العرب لا يعترفون بأبناء الإماء، خصوصًا لو كانوا سودًا إلا لو تميزوا ببطولة أو شعر وهو ما حدث آنفًا. له كثير من الألقاب منها الفلحاء، من الفلح أي شق في شفته السفلى، وأبو الفوارس لفروسيته، وأبو المعايش وأبو أوفى وأبو المغلس لجرأته في الغلس أو لسواده الذي هو كالغلس. صفاته وُلد عنترة لأب عربيّ وأمّ حبشيّة، فجاء مختلفًا عن العرب في ضخامة جسده وتلفلف شعره وصلابة عظامه وشدة منكبيه وطول قامته. حياته في العبودية ذاق عنترة مرارة الحرمان والمهانة والعبودية لأن أباه لم يُلحقه بنسبه، بل كان أبوه سيده، ولم يلحق بنسب أبيه إلا بعد معركة عبس مع طيء وكان أن أغارت قبيلة طيء على عبس واشترك عنترة رغم عبوديته، لكنهم بخسوه حقه وفرضوا له نصيب العبد فأبى عن الخوض في المعركة فلما اشتد الخطب صاح أبوه: "كُرّ يا عنترة!"، فأجاب: "لا يحسن العبد الكر"، فما كان من أبيه إلا أن قال: "كُرّ وأنت حر"، ففعل وراح ينشد: أنا الهجين عنترة .. كل امرئ يحمي حرَه .. أســودَه وأحمــرَه .. والشعرات المشعره .. الواردات مـــشفــــره .. وكان النصر لبني عبس فاحتفلت القبيلة بعنترة وكرمته. عنترة وعبلة يقال عن القصيم إنها بلاد عنترة بل يقول أهل البلاد عن صخرة هناك بأنه كان يقابل ابنة عمه عندها. أحبّ عنترة ابنة عمه عبلة أعظم الحب وأشده، وكانت من أجمل نساء قومها وأفضلهن في اكتمال العقل لكن صلف أبيها مالك وأنفة أخيها عمرو حالا دون زواجهما لأنه عبد أسود وحتى بعدما كرمه قومه ظلا يماطلانه ويكلفانه من أمره شططًا إما بغلاء المهر أو بمحاولات لقتله. بينما مال فريقٌ من الباحثين إلى زواجه منها فقد كان الجميع يخشون التقدم لخطبتها خوف انتقام عنترة لحبه، وهو ما دفع والدها وأخاها للموافقة خصوصًا بعدما علا شأنه ونال ما يستحق في قبيلته. ولم تؤكد الروايات هل فاز عنترة بعبلة أم لا لكن أعظم القول أنه لم يتزوجها قياسًا على عادة العرب من منعها بناتها أن يتزوجن من يشبب بهن أي يكتب بهن الشعر. وفاته توفي عنترة عن التسعين وذكر في نهاية عنترة روايات عدة، على أن الرواية المتداولة والمرجّحة أن عنترة أغار على بني نبهان من قبيلة طيء فطرد لهم طريدة وهو شيخ كبير، وكان وزر بن جابر النبهاني في فتوته فرماه بسهم قائلاً: خذها وأنا ابن سلمى، فقطع بالسهم ظهره، فتحامل بالرمية حتى أتى أهله، فقال وهو مجروح: وإنّ ابن سلمى عنده فاعلموا دمي .. وهيهات لا يُرجى ابن سلمى ولا دمي .. رماني ولم يدهش بأزرق لهذمٍ .. عشيّة حلّوا بين نعفٍ ومخر .