مقابلات

حقوقي ليبي: أدعو لإنشاء محكمة خاصة للتحقيق في الانتهاكات

فتحي الورفلي مقابلة عربي21
فتحي الورفلي مقابلة عربي21

دعا الحقوقي الليبي ورئيس "برنامج الوفاق الوطني"، فتحي الورفلي، إلى إنشاء محكمة خاصة تعمل على التحقيق في جميع الانتهاكات التي اُرتكبت في ليبيا منذ العام 1969 وحتى الآن، وهذه المحكمة يجب أن تحاكم الجميع دون استثناء لأحد.

 

ورأى أن ذلك يعد المدخل الأساسي لتعزيز أوضاع حقوق الإنسان، وإنصاف ضحايا الانتهاكات في ليبيا.


وأشار، في مقابلة خاصة مع "ضيف عربي21"، إلى أن "ظاهرة الإفلات من العقاب تجعل المجرمين يتمادون في ارتكاب الجرائم"، مُستشهدا باستقبال "عبد الرزاق الناظوري"، رئيس أركان قوات خليفة حفتر، في العاصمة طرابلس (غربا)، رغم أنه مُتهم بارتكاب جرائم حرب.

 


يشار إلى أن رئيس الأركان العامة بحكومة الوحدة الوطنية الليبية، محمد الحداد، اجتمع، الاثنين الماضي، مع عبد الرزاق الناظوري، للمرة الأولى في طرابلس، لبحث سبل استكمال خطوات توحيد المؤسسة العسكرية، وذلك في إطار استكمال عمل اللجنة العسكرية المشتركة (5+5).


وأكد الورفلي أن "الانتهاكات في منطقة الشرق الليبي جسيمة جدا على كل المستويات، وتُعد أحد أسباب عدم التوصل إلى حل سياسي؛ فهناك نازحون، ومهجّرون، ومختفون قسريا، وهناك مقابر جماعية، وهذه عوامل أساسية في زيادة توتر الأوضاع، وعرقلة التوصل لحل سياسي".


وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "ضيف عربي21":


كيف ترى حالة حقوق الإنسان في ليبيا اليوم في ظل انتشار ثقافة الإفلات من العقاب في مختلف أنحاء البلاد؟


حالة حقوق الإنسان في ليبيا على المستوى العملي سيئة، وإن كانت ليست بالمستوى الذي كانت عليه قبل سنوات، إلا أن التضييق على منظمات المجتمع المدني المهتمة بحقوق الإنسان بدا واضحا في عهد حكومة الوحدة الوطنية.

 

كما أن هذه الحكومة لم تستجب لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بسرعة الإفراج عن المعتقلين تعسفيا في سجون ليبيا، خصوصا أولئك الذين صدرت بحقهم قرارات من المقرر الخاص بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة، التي تم إبلاغ الحكومة ووزارة الخارجية ومكتب النائب العام بها، وعلى الحكومة بذل المزيد من أجل معالجة الانتهاكات الجسيمة التي حصلت ومازالت.


هل هناك فرق بين أوضاع حقوق الإنسان في  شرق البلاد مقارنة بغربها؟


على الرغم من عدم قيام حكومة الوحدة الوطنية بكل ما ينبغي لحماية حقوق الانسان، إلا أن هناك فارقا كبيرا في أوضاع حقوق الإنسان بين الشرق الذي يقع تحت حكم خليفة حفتر أو ما يُسمى بالقيادة العامة، والغرب الليبي الذي يقع تحت سيطرة حكومة الوحدة الوطنية.

 

أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة الغربية أفضل نسبيا، وإن كان هناك المزيد مما ينبغي على الحكومة فعله.


هل تلك الانتهاكات تؤثر سلبا على السلام والديمقراطية وسيادة القانون في ليبيا؟


بالطبع، الانتهاكات في منطقة الشرق الليبي جسيمة جدا على كل المستويات، وتُعد أحد أسباب عدم التوصل إلى حل سياسي؛ فهناك نازحون، ومهجّرون، ومختفون قسريا، وهناك مقابر جماعية، وهذه عوامل أساسية في زيادة توتر الأوضاع، وعرقلة التوصل لحل سياسي؛ لأنها لم تؤخذ بجدية من الأطراف ذات العلاقة.


مَن أبرز الأطراف التي تورطت في انتهاك حقوق الإنسان خلال الفترة الماضية؟


بالطبع أبرز الأطراف هو خليفة حفتر الذي ارتكب انتهاكات في ليبيا كلها، ومليشياته المؤدلجة تمارس الانتهاكات على نطاق واسع -سواء في وسط ليبيا أو في جنوبها وشرقها– فهناك عمليات اغتيال، وإخفاء قسري، وتعذيب، وسجن وقتل خارج نطاق القانون، ولا ننسى بالطيع جرائم الحرب التي ارتكبها في أثناء عدوانه الأخير على العاصمة طرابلس.


ما تقييمكم للدور الذي أدته البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا؟


أعتقد أنها قامت بدور جيد، خاصة فيما يتعلق بملف المقابر الجماعية، والجرائم التي اُرتكبت في ترهونة، وتقديم المشورة الفنية والقانونية للأجهزة العاملة في ليبيا، ومن خلال التقارير التي أصدرتها، المتعلقة بنتائج عملها الميداني في السنوات الأخيرة في ليبيا.


هناك دعوات حقوقية لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة لدعم التجديد الفوري لولاية بعثة تقصي الحقائق في ليبيا.. فكيف تنظرون لتلك الدعوات؟


أنا مقتنع بأن الوضع في ليبيا يحتاج لهذا الأمر، وأنا شخصيا أدعم وأؤيد هذه الدعوات؛ فليبيا تحتاج إلى تمديد عمل بعثة تقصي الحقائق؛ لأن هناك مناطق أعتقد جازما بأن البعثة لم تغطها بعد، خاصة في الشرق والجنوب الليبي، كما أعتقد بأن الوضع الإنساني في ليبيا وما اُرتكب من جرائم وانتهاكات يحتاج إلى تمديد عمل البعثة التي يجب عليها توسيع نطاق عملها.


قبل أيام، مرت سنتان على اختطاف النائبة بمجلس نواب الشعب، سهام سرقيوة.. فهل هناك جديد بشأن هذا الملف؟


أنا على ثقة من أن الأطراف الدولية الفاعلة (دول إقليمية والبعثة الأممية) والبرلمان الليبي، وكذلك حكومة الوحدة الوطنية يعلمون تماما بأن سهام سرقيوة تم اختطافها بعلم من حفتر وبأمر مباشر من أحد أبنائه، وأن الذين قاموا باختطافها قاموا لاحقا بتصفيتها وتم التخلص منهم وقتلهم؛ ولأن المسؤول عن عملية الاختطاف والقتل مدعوم إقليميا ودوليا، ويسيطر على مساحة كبيرة من الأراضي الليبية، وهو جزء من عملية التفاوض والصراع في ليبيا، فلا أنتظر أن يُتخذ بحقه –على المدى القريب والمتوسط- أي إجراء أو أن يتم الكشف عن مصير سرقيوة، أو أن يتم الإعلان عن تحميل جهة محددة المسؤولية؛ خوفا من التبعات أو ما يترتب على هذا الأمر من عواقب سياسية قد تزيد من توتر الأوضاع في ليبيا.


كيف تنظر لاستمرار دائرة العنف والانتهاكات بحق النساء في ليبيا؟


العنف في ليبيا لا يوجّه نحو النساء فقط، وبصفتي ناشطا حقوقيا موجودا على الأرض في ليبيا، أعتقد أن مستويات العنف ضد المرأة في بلادنا لم تتغير كثيرا عما كانت عليه حتى قبل عام 2011، فهي مستويات -لا أقول بأنها مقبولة-، ولكنها ليست بالدرجة التي يتم تصويرها، صحيح هناك عضوات في البرلمان تم اختطافهن، ولكن هناك كذلك أعضاء في البرلمان، وأعضاء في مجلس الدولة، وشخصيات سياسية، وشخصيات اجتماعية من الرجال تم اختطافهم وتصفيتهم، وربما أعداد الرجال الذين اُرتكب بحقهم انتهاكات أضعاف ما اُرتكب ضد النساء؛ فحالة العنف موجّهة ضد الجميع؛ ضد الأطفال، والنساء، والرجال، ورجال الأعمال، والسياسيين، والنشطاء الحقوقيين والفنانين، وحتى الأجانب لم يسلموا من هذا العنف.

 

علما بأن مستويات العنف ضد المرأة لم تتجاوز المستويات المعهودة في السنوات الأخيرة.


ما صحة ما يُقال حول وجود سجون ومقار احتجاز سرية في ليبيا؟ وهل السجون التي أُعلن سابقا عن إغلاقها أغلقت بالفعل؟


لا أعتقد بأن هناك سجونا تم إغلاقها في ليبيا، أما فيما يتعلق بالسجون السرية فهذا مؤكد؛ فالحكومة لا تسيطر إلا على عدد قليل من السجون في طرابلس، وبقية السجون تسيطر عليها إما جماعات مسلحة، أو جماعات تهريب، أو عصابات، أو قبائل.

 

وهناك عدد غير محدود من السجون غير المُعلن عنها، التي لا تخضع لسلطة الدولة، سواء كانت في شرق ليبيا -وهو الجزء الذي يحتوي على العدد الأكبر- أو حتى في غرب ليبيا، وفي الجنوب، وأستطيع أن أؤكد أن كل مجموعة مسلحة تدير سجنا خاصا أو معتقلا خاصا بها، تعتقل فيه أشخاصا دون اعتبار للشروط القانونية الواجب توافرها في أثناء عملية الاعتقال والتحقيق.


أخيرا، ما هي خارطة الطريق التي تقترحونها لتعزيز حقوق الإنسان واستعادة حكم القانون في ليبيا؟


المسألة مُعقّدة جدا، ولها جوانب مختلفة؛ أمنية، وسياسية، واقتصادية، واجتماعية، لكن فيما يتعلق بحقوق الإنسان، فأعتقد بأن ليبيا تحتاج إلى محكمة خاصة تضع حدا لظاهرة الإفلات من العقاب، وتعمل على التحقيق في كل الانتهاكات منذ عام 1969 وإلى يومنا هذا؛ فعلى سبيل المثال: "عبد الرزاق الناظوري"، رئيس أركان قوات حفتر، استُقبل مؤخرا في العاصمة طرابلس، وهو متهم بارتكاب جرائم حرب، وصدر أمر بإلقاء القبض عليه من المدعي العام العسكري بتهمة الانتهاكات التي اُرتكبت بحق المدنيين وممتلكاتهم في أثناء الحرب الأخيرة على جنوب طرابلس.


ومن ثم، فإن الإفلات من العقاب هو ما يجعل المجرمين يتمادون في ارتكاب الجرائم، وعليه يجب أن تكون هناك محكمة خاصة بجرائم الحرب في ليبيا لتحاكم جميع المتورطين دون استثناء ولا حصانة لأحد، وهي المدخل الأساس والمهم لتعزيز أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا، وإنصاف ضحايا الانتهاكات.

التعليقات (1)
ابو حلموس
الجمعة، 22-07-2022 07:04 ص
انت قلبك ابيض اكثر من اللازم