قضايا وآراء

العدّاء الأولمبي فرح.. والحزن الذي يغمرنا

عدنان حميدان
1300x600
1300x600
خيمت الاعترافات الصادمة للعداء البريطاني والبطل الأولمبي من أصل صومالي مو (محمد) فرح على وسائل الإعلام البريطانية والعالمية، وتناقلتها وسائل إعلام عربية كجزء من حالة "الترند" التي تلتقط القصص المثيرة ذات الإعجابات والمشاهدات الكبيرة، بغض النظر عما تحمله من خيبة لدولنا التي يهرب منها الناس بمئات الآلاف فضلا عن ملايين يحلمون بذلك، ويستعدون ليس للكذب فقط بل ولركوب البحر والمغامرة في حياتهم كلها في سبيل ذلك.

اضطر اللاعب مو فرح للانتقال في رحلة عبودية مع مهربي البشر، وعليه كان مجبورا على خدمتهم وتغيير اسمه. مو فرح ضحية أوضاع بائسة في بلاده مثل كثيرين، إذ تعيش والدته وشقيقاه في مزرعة للعائلة في إحدى ولايات الصومال. وكان في الرابعة من عمره عندما قُتِل والده برصاصة طائشة خلال أعمال عنف في الصومال، ثم انتقل للعمل مع عائلة أخرى في جيبوتي وهو ابن ثماني سنوات، ومن بعد خرج برحلة هجرة غير شرعية لبريطانيا وعمره تسع سنوات، ليبقى مع عائلة أشبه بتجار بشر؛ ادعت أنها عائلته ومنعته من الالتحاق بالمدرسة حتى أصبح عمره 12 عاما.
يغادر أبناؤنا وبناتنا وطنهم الأم فتتفتق أذهانهم إبداعا، وترى مواهبهم الرياضية والفنية والثقافية المختلفة النور، ثم ينظّر عليهم من ينظّر إذا أرتأوا أن يرفعوا راية البلد الذي احتضنهم على حساب وطنهم الأم الذي همّشهم و أقصاهم، وما مثال بطل الإسكواش المصري محمد الشوربجي عنا ببعيد

أي خيبات متلاحقة يجرها ذلك الشاب؟ ومع ذلك لم يستسلم ولم ييأس حتى أصبح بطلا أولمبيا في رياضة الجري.

يغادر أبناؤنا وبناتنا وطنهم الأم فتتفتق أذهانهم إبداعا، وترى مواهبهم الرياضية والفنية والثقافية المختلفة النور، ثم ينظّر عليهم من ينظّر إذا أرتأوا أن يرفعوا راية البلد الذي احتضنهم على حساب وطنهم الأم الذي همّشهم و أقصاهم، وما مثال بطل الإسكواش المصري محمد الشوربجي عنا ببعيد.

الارتباط بالوطن ليس ارتباطا بتراب وطين (على أهميتهما)، بقدر ارتباطه باحترام الإنسان وتقديم قيم العدالة والاحترام، والشعور أن الجميع سواسية أمام القانون.

ما قيمة بلدي إذا كانت كرامتي فيه مهانة؟ ما قيمة دولتي إذا كان الظلم هو السائد؟ وطنك حيث كرامتك، حيث تقدير إنسانيتك، حيث تمتعك بحرية تعبر بها عن رأيك وتحصل بها على حقك دون أن تخشى جور أحدهم أو تسلطه عليك.
الارتباط بالوطن ليس ارتباطا بتراب وطين (على أهميتهما)، بقدر ارتباطه باحترام الإنسان وتقديم قيم العدالة والاحترام، والشعور أن الجميع سواسية أمام القانون


هاجر وارحل وابحث عن كرامتك ولا تنتظر أن يمنّ بها أحد عليك، ولكن حتى في هجرتك لا تنس أن تحمل حفنة من تراب ذاك الوطن في حقيبتك وتحفظ انتماءك له، وتسعى لأجل صلاحه، والعودة له ولو بعد حين وقد أصبح بحال أفضل، عدلا وحرية وكرامة.

ليس شرطا أن تبقى في بلدك لتحقق الإصلاح فيه، وليس مفضلا أن تغادره لأجل عجزك عن ذلك، ولكن إن وصلت إلى شعور قد يضطرك لدفن ضميرك وأنت حي وقتل انتمائك وأنت تتنفس، فلا تفعل، بل غادر وحافظ على بقية ذكرى من جمال وشيء من حنين نحو تلك الأرض التي لولا أن مسؤوليها أخرجوك منها بشكل أو بآخر لما خرجت.

 

twitter.com/adnanhmidan
التعليقات (1)
احمد عمر
الأربعاء، 13-07-2022 04:51 م
كم انت صادق في كتابة هذا الموضوع