صحافة دولية

WP: الأمريكيون يواجهون اقتصادا مظلما بعد طفرة التحفيز

نيويورك- جيتي
نيويورك- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا تحدثت فيه عن الضغط الذي تواجهه الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة بعد أن توقفت المساعدات تزامنا مع موجة ارتفاع الأسعار.

ونقلت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، قصة جازمين جونسون التي لم يكن في حسابها المصرفي أكثر من 300 دولار قبل أن تتدفق أموال التحفيز الفيدرالية خلال الجائحة مما زاد مدخراتها إلى ما يقارب 10000 دولار. ولكن بعد مرور سنة تقريبًا، توقفت هذه المساعدات مما تركها في وضع مالي حرج.

وأكدت الصحيفة أن هذا النوع من التحول مقلق لأي شخص وقد يشكل تهديدا سياسيا هائلا لإدارة بايدن والديمقراطيين في الكونغرس قبل انتخابات التجديد النصفي لهذه السنة. ومع أن الاقتصاد عاد بسرعة كبيرة لوضعه الطبيعي إلا أنه من المفارقات أن وضع أشخاص مثل جونسون بات أسوأ.

ومن خلال العديد من التدابير، أثبتت جونسون نجاح سياسات الرئيس بايدن الاقتصادية. فقد منحها برنامج تحفيز خطة الإنقاذ الأمريكية لبايدن 4200 دولار من شيكات التحفيز - لنفسها وطفليها - مع زيادات كبيرة في المساعدة على قسائم الطعام وغيرها. وقد ساعدها ذلك على العودة إلى الدراسة الربيع الماضي، حيث حصلت على شهادة كمساعدة طبية. وسرعان ما تبع ذلك عمل أفضل وأجر أعلى لعلاج مرضى الخرف في مستشفى قريب. على الرغم من التراجع الأخير، لا تزال مدخراتها أكبر من الناحية الفنية من أي وقت آخر في حياتها.

لكن جونسون لا تشعر بأنها تعيش قصة نجاح اقتصادي. ومثلها مثل حالة البلاد العامة، اتجهت جونسون للفقر ببطء وثبات خلال السنة الماضية بعد أن ارتفعت نفقاتها بسبب أسرع تضخم منذ أربعة عقود وإلغاء العديد من البرامج الحكومية التي دعت لها الجائحة والتي دعمت دخلها.

وذكرت الصحيفة أن فيروس كورونا ومحاولات التخفيف من حدته ألحق أضرارا بالغة بقطاعات كبيرة من الاقتصاد الأمريكي مع ارتفاع معدلات البطالة. ورغم تلك الصدمات الشديدة، فإن اقتصاد البلاد خرج من الوباء بأخف الأضرار ومدفوعًا بازدهار تاريخي. ومع تدفق النقد بفضل حوالي 6 تريليونات دولار من التحفيز الفيدرالي غير المسبوق، انفجر الإنفاق الاستهلاكي. ونتيجة لذلك، ظهرت مواطن شغل أكثر من أي عام آخر في تاريخ الأمة، ونما الاقتصاد بأسرع معدل منذ 38 عامًا.

 

اقرأ أيضا: تراجع الذهب والبيتكوين وارتفاع الدولار وعوائد السندات الأمريكية


ونبّهت الصحيفة إلى أن الاقتصاد في مرحلة الانحدار. وتواجه الأسر الأمريكية تواصل ارتفاع التكاليف بشكل أسرع من الزيادات في الأجور. ويبدو الآن أن هذا الانحدار الاقتصادي على وشك أن يصبح أكثر حدة وسرعة مع وجود علامات على الانخفاضات المبكرة في نمو الأعمال والإنفاق الاستهلاكي والتوظيف، مع ترفيع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة للحد من معدلات التضخم.

أظهرت مقابلات مع أكثر من ثلاثين شخصًا في مقاطعة باكس بولاية بنسلفانيا - وهي واحدة من أكثر المقاطعات انقساما وأكثرها أهمية في الانتخابات الرئاسية لسنة 2020 - حنينا مستمرا للاقتصاد خلال فترة الجائحة، في ظل تسبب التضخم في تآكل مدخرات التحفيز. وفي الواقع، يرقى الوضع إلى مشكلة مستعصية بالنسبة للبيت الأبيض الذي لم يعد بإمكانه إعادة تفعيل حزمات التحفيز التي لا يمكن إنكار أنها قدمت درجة غير مسبوقة - ولكن مؤقتة - من الاستقرار المالي لملايين الأشخاص.

وذكرت الصحيفة أن مقاطعة باكس تضم حوالي 630 ألف نسمة، وهي إحدى ضواحي فيلادلفيا التي يتراوح فيها دخل السكان بين المتوسط والمرتفع، ويمثل حي دويلستاون جوهرها الاقتصادي الثري. توقّفت الأنشطة وسط المدينة بسبب جائحة كوفيد-19 مثل بقية المدن في جميع أنحاء البلاد. أما من الناحية المالية، انتعشت دويلستاون مع تدفق أكثر من 100 مليون دولار من قروض الأعمال الصغيرة إلى المدينة من حزمة التحفيز التي وقعها ترامب في آذار/ مارس 2020.

لكن يبدو أن هذا الازدهار وصل لنهايته. فقد تسببت الشركات الصغرى على الصعيد الوطني في توتر الاقتصاد، وهم يشعرون بقلق متزايد بشأن قدرتهم على نقل تكاليف أعلى إلى عملائهم. ويقول العديد من أصحاب الأعمال في مقاطعة باكس إن الطلب مستمر في الوقت الحالي، لكنهم قلقون من تعرضه للخطر إذا أجبرهم التضخم المستمر على القيام بجولة أخرى من الزيادات في الأسعار.

ازدادت طلبات الفئة الأضعف من الأمريكيين بمقدار "آلاف الدولارات" بعد إرجاء العمل بسياسة التحفيز.

وأشارت الصحيفة إلى أن التحفيز كان يهدف في المقام الأول إلى تعزيز الاقتصاد بشكل عام، إلا أن أكبر تأثير لسياسة التحفيز الفيدرالي ربما كان تحسين شبكة النجاة. عندما أرسلت إدارة بايدن شيكات تحفيزية بقيمة 1400 دولار من كانون الأول/ ديسمبر 2020 إلى نيسان/ أبريل 2021، انخفضت نسبة الأمريكيين في جميع أنحاء البلاد الذين قالوا إنه ليس لديهم ما يكفي من الطعام بنحو 40 في المئة. ووجد الباحثون في جامعة ميشيغان أن عدم الاستقرار المالي انخفض بنسبة 45 في المئة.

بناء على العديد من المؤشرات، يبدو أن الأمريكيين الذين هم في أسفل هرم توزيع الدخل أفضل حالًا من الناحية المالية مما كانوا عليه قبل الوباء. فعلى الصعيد الوطني، لا تزال الحسابات المصرفية للأمريكيين أعلى بنسبة 70 في المئة تقريبًا مما كانت عليه قبل بدء الوباء وفقًا لبيانات "بنك جيه بي مورغان تشيس" التي تظهر انخفاضًا بنسبة 35 في المئة في الحسابات المصرفية للأسر الفقيرة مقارنة بالفترة من الربيع الماضي.

وأضافت الصحيفة أن نسبة الأمريكيين الذين أفادوا أحيانًا أو غالبًا بأنهم يعانون من الجوع انخفضت إلى 8 بالمئة في نيسان/ أبريل 2021 لتعود إلى الارتفاع مرة أخرى وتصل إلى 10 بالمئة بحلول شباط/ فبراير من هذه السنة. كما زادت نسبة الأمريكيين الذين قالوا إنهم يواجهون صعوبة في دفع نفقات الأسرة من حوالي 9.8 في المئة في نيسان/أبريل 2021 إلى 14 في المئة في شباط/ فبراير الماضي.

 

التعليقات (0)